هيئة شؤون الأسرى: مليون فلسطيني ذاقوا مرارة التعذيب في سجون الاحتلال
في اليوم العالمي لمناهضة التعذيب ومساندة ضحاياه
رام الله-25-6-207- قالت هيئة شؤون الأسرى والمحررين في تقرير لها أصدرته بمناسبة اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب الذي يصادف في 26 حزيران من كل عام، أن جميع من مّروا بتجربة الاعتقال من الفلسطينيين والذين يُقدر عددهم بمليون فلسطيني، ذكورا واناثا، صغارا وكبارا، قد تعرضوا لشكل أو أكثر من اشكال التعذيب الجسدي والنفسي والإيذاء المعنوي والإهانة أمام الجمهور أو أفراد العائلة، فيما تعرضت الغالبية منهم لأكثر من شكل من أشكال التعذيب والتي تجاوزت الثمانين شكلاً.
واضافت الهيئة: أن قوات الاحتلال (الإسرائيلي) لجأت للاعتقالات التعسفية كأداة للقمع والتنكيل وبث الرعب والخوف لدى الفلسطينيين، وانتهجتها وسيلة للعقاب الجماعي والحاق الخراب بالمجتمع الفلسطيني، وجعلت من سجونها ومعتقلاتها أمكنة لقمع المعتقلين وردعهم وأداة لقتلهم معنويّا وتصفيتهم جسديّا، وإلحاق الأذى المتعمّد بأوضاعهم الصّحّية وتحويلهم إلى جثث مؤجّلة الدّفن، ومارست التعذيب بحقهم في اطار سياسة (اسرائيلية) رسمية وممارسة ممنهجة في كل الأوقات والأزمنة، وبحق المعتقلين كافة وبنسبة (100%)، على اختلاف أجناسهم وفئاتهم العمرية.
يذكر بأنه يصادف في 26 حزيران/يونيو من كل عام “اليوم العالمي لمناهضة التعذيب ومساندة ضحاياه”، وهو اليوم الذي أقرته الجمعية العمومية للأمم المتحدة بتاريخ 12 ديسمبر من عام1997، باعتباره يوما لتفعيل اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب التي بدأت بالتنفيذ الفعلي بتاريخ 26 حزيران عام 1987م .
واشارت الهيئة في تقريرها إلى أن دولة الاحتلال تشكل حالة فريدة وشاذة في ممارسة التعذيب، الجسدي والنفسي، في تعاملها مع المعتقلين بهدف تدمير الإنسان الفلسطيني ، وهي الدولة الوحيدة في العالم التي شرّعت التعذيب قانوناً في سجونها ومعتقلاتها، وكفلت الحماية القانونية والحصانة القضائية الداخلية لمقترفيه، مما فتح الباب على مصراعيه لاقتراف مزيد من جرائم التعذيب في سجون الاحتلال (الإسرائيلي)..
ويحظى المحققون ا(الإسرائيليون) بحصانه في ممارسة التعذيب تحت غطاء قانون (اعفاء المخابرات من توثيق التعذيب بالصوت والصوره) ولم يقدم اي محقق للمحاكمة حول جرائم تعذيب مما شجع على استمراره بحق المعتقلين الفلسطينيين.
وقالت الهيئة وفقا لمصادر مؤسسات حقوق الانسان ان اغلبية الشكاوي المرفوعة للجهاز القضائي (الإسرائيلي) بخصوص استخدام التعذيب لم يتم البت فيها، مما دفع منظمة بيتسليم لحقوق الانسان في (اسرائيل) الى مقاطعة رفع الشكاوي الى الجهاز القضائي (الإسرائيلي) بسبب عدم اجراء اي تحقيق جنائي حول هذه الشكاوي.
وكشفت الهيئة الى أن تعذيب الأسرى في سجون الاحتلال (الإسرائيلي) قد تضاعف في السنوات الأخيرة، حيث سُجل خلال عام 2016 زيادة قدرها (100%) عن العام 2015، وبنسبة (400%) عن العام 2014، وذلك من حيث قسوة التعذيب وبشاعة أساليب المُعذبِين، وتنوع أساليب التعذيب “النفسية والجسدية”، وتعدد الأشكال المتبعة وكثرتها مع الشخص الواحد، ومن مختلف الفئات العمرية. فضلا عن إطالة فترة التعذيب والعزل الانفرادي والضغط النفسي. وذلك تحت ذريعة الحصول على معلومات أو اعترافات أو أن الأسير المذكور يشكل “قنبلة موقوتة”.
وأكدت هيئة شؤون الأسرى في تقريرها بأن التعذيب لا يقتصر على فترة التحقيق لغرض انتزاع الاعترافات –كما تدعي سلطات الاحتلال- وانما يستهدف تدمير الاسير من الداخل وضرب هويته الوطنية والنضالية ونزع انسانيته كسياسة انتقام من كل من قاوم الاحتلال.
وقالت الهيئة ان التعذيب يبدأ من لحظة الاعتقال ويستمر طوال فترة الاعتقال ولا تنتهي أثاره وتبعاته بخروج المعتقل. كما وكان سببا في استشهاد (71) أسيرا داخل سجون ومعتقلات الاحتلال منذ العام 1967، ومنهم على سبيل المثال لا الحصر يوسف الجبالي، قاسم أبو عكر، إبراهيم الراعي، عبد الصمد حريزات، عطية الزعانين، مصطفى عكاوي، وعرفات جرادات وغيرهم. هذا بالإضافة إلى العشرات من الأسرى الذين استشهدوا بعد تحررهم متأثرين بما ورثوه عن التعذيب، فضلا عن أن عشرات آخرين من الأسرى والأسرى المحررين لا يزالوا يعانون من اعاقات جسدية ونفسية جراء ما مُورس بحقهم من تعذيب.
وبيّنت الهيئة بأن التعذيب- جسدياً كان أم نفسياً- تحت ذريعة الحصول على معلومات، أو بحجة القضاء على “القنابل الموقوتة”، يعتبر انتهاكا أساسيا وخطيرا لحقوق الإنسان، وجرماً فظيعاً وبشعاً يرتكب بحق الإنسانية.
ويعتبر التعذيب جريمة حرب وجريمة ضد الانسانية وفق القوانين الدولية والانسانية وخاصة وفق ميثاق روما للمحكمة الجنائية الدولية واتفاقيات جنيف الرابعه، وان قانون العقوبات(الإسرائيلي) يخلو من المحاسبة على جرائم الحرب ومنها التعذيب، مما جعل (اسرائيل) كسلطة محتله دولة فوق القانون, ومستهتره بالعداله الانسانية، حيث تجعل من قوانينها المحلية أعلى من القوانين الدولية.
وطالبت الهيئة في تقريرها كافة المؤسسات الدولية الى التدخل العاجل لوقف التعذيب في سجون الاحتلال (الإسرائيلي) وحماية المعتقلين، وملاحقة المُعذبين (الإسرائيليين) ومحاسبتهم وفقا لما ينص عليه القانون الدولي، والعمل على مساندة ضحايا التعذيب من الفلسطينيين وضمان توفير حياة كريمة لهم ولذويهم.
—
عبد الناصر فروانة
أسير محرر، و مختص في شؤون الأسرى
رئيس وحدة الدراسات والتوثيق في هيئة شؤون الأسرى والمحررين
وعضو اللجنة المكلفة بإدارة شؤون الهيئة في قطاع غزة