وتستمر انتفاضة الأسرى – أكرم عبيد
في تحدي قرارات وقوانين ادارة سجون الجلادين المجرمين الصهاينة
وفي ظل صمت وتواطؤ معظم الأنظمة العربية والعالمية وتحت شعار ” مقاومة الاحتلال في السجون وأسرى فلسطين نموذجاً ” اعلن الاسير الفلسطيني بلال كايد اضرابه عن الطعام احتجاجا على رفض سلطات الاحتلال اطلاق سراحه بعد انتهاء محكوميته البالغة أربعة عشر سنة ونصف ورفضا لتحويله للاعتقال الإداري لتبرير استمرار احتجازه دون تهمة أو محاكمة لهذا السبب اعلن الاسير بلال كايد اضرابه عن الطعام عن الطعام منذ الخامس عشر من حزيران الماضي ليشكل حالة نضالية فردية وفريدة لم تشهدها السجون في الكيان الصهيوني والعالم قاطبة ليقدم نموذجا ساطعا في تحدي ادارة السجون الصهيونية وقراراتها وقوانينها الاجرامية الادارية التي لم يشهد العالم مثيلا لها في التاريخ الحديث .
نعم ان هذه الثقافة الوطنية المقاومة التي تعتبر امتدادا طبيعيا للاشتباك اليومي والمواجهات المباشرة مع الاحتلال خارج السجون والتي تترافق مع نضالات الحركة الأسيرة التي خاضت عشرات الاضرابات عن الطعام وحققت من خلالها الكثير من الانتصارات وانتزعت الكثير من الحقوق والمكاسب ولم يكن الاسير المقاوم بلال كايد اليوم الا نموذجا مهم وامتدادا لظاهرة المواجهة الفردية خلف القضبان والتي لا يمكن الفصل بينه كحالة وطنية مقاومة وبين من سبقوه من الحالات السابقة والتي كسرت قرارات وقوانين ادارة السجون الصهاينة التي فجّرها مبكرا الأسير “خضر عدنان” أواخر عام 2011، ومن ثم تبعه وعلى ذات النهج العشرات من الأسرى أمثال “أيمن الشراونة” وسامر العيساوي” وثائر حلاحله” وبلال دياب” ومحمود السرسك” وأكرم الريحاوي” ومحمد القيق” وسامي جنازرة” وغيرهم ممن خاضوا الإضرابات الفردية عن الطعام لشهور عديدة وسجلوا انتصارات مهمة على العدو الصهيوني وخرجوا الى عالم الحرية في تجارب فريدة يمكن الاستفادة منها لطي سجل الاعتقال الاداري الصهيوني الحقير .
وانطلاقا من هذه المعادلة اكدت هيئة شؤون الاسرى والمحررين ان حالة من الاستنفار القصوى تشهده السجون الصهيونية بعد تحركات الحركة والاسيرة وانضمام المئات من الاسرى الى الاضراب عن الطعام تضامنا مع الاسير بلال كايد وفي مقدمتهم الاسير القائد والنائب احمد سعادات الامين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الذي نقلته سلطات الاحتلال الصهيوني الى العزل في سجن ريمون بعد ان بدأ اضرابه التضامني لدعم ومساندة الاسرى المضربين عن الطعام بلال كايد والشقيقان محمد ومحمود البلبول وعياد الهريمي ومالك القاضي”.
وقالت هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية، في بيان لها، إن “انضمام سعدات إلى موجة الإضراب التدريجي عن الطعام يشير إلى أن الوضع الصحي للأسير بلال كايد في تدهور خطير، وأن الأمور داخل السجون وصلت لمستوى يتطلب تحركا عاجلا وخطوات عملية وتصعيدية على كافة المستويات والأصعدة”.
وقد اكدت الهيئة على لسان محاميها ان عقوبات غير مسبوقة فرضتها سلطات الاحتلال الصهيوني على المضربين عن الطعام والمتضامنين معهم بموجب ما يسمى قانون شاليط العنصري وغيره من القوانين الإجرامية التي لم تترك خلالها سلطات الاحتلال الصهيوني أية وسيلة حربية أو نفسية إلا واستخدمتها في الممارسات التعسفية والوحشية لكسر إرادتهم الصمودية وإخضاعهم لشروطها واملاءاتها الصهيونية المذلة على الاسرى المضربين والمتضامنين معهم بالإضافة لعمليات التنكيل والإهانات وحشرهم في اقسام مغلقة بعد مصادرة كل محتوياتهم الشخصية وعزلهم عن العالم .
واضاف محامي الهيئة ان مصلحة السجون الصهيونية استدعت قوات قمعية كبيرة لمداهمة اقسام السجون وغرف المضربين عن الطعام بشكل استفزازي وأجرت عمليات نقل من سجن لآخر بالإضافة الى فرض غرامات مالية تجاوزت 600 شيكل على كل اسير مضرب عن الطعام بالإضافة لحرمانه من زيارة الاهل لمدة شهرين للحد من تعاظم الاحتجاجات والتضامن مع المضربين عن الطعام .
في نفس السياق اكد نادي الأسير الفلسطيني اليوم الأحد في بيان له، إن “مئات الأسرى في سجون الاحتلال يخوضون إضراباً تضامنياً مع الأسير كايد علاوة على أربعة أسرى آخرين مضربين ضد اعتقالهم الإداري، وهم الشقيقان محمد ومحمود بلبول، وعياد الهريمي ومالك القاضي”.
اما مدير مركز الأسرى للدراسات رأفت حمدونة فقد حذر من خطورة الوضع الصحي المتدهور للأسير بلال كايد لمضرب عن الطعام منذ اكثر 56يوما والذى يعانى من نقص في مستوى الضغط والسكر ونقص في الوزن وضبابية في الرؤية وعدم القدرة على الحركة .
وأضاف أن معاناة الأسير كايد تتضاعف في كل لحظة في ظل التقارير الواردة عنه في أعقاب قراره بعدم التعاطي مع أيّة فحوصات طبية يعرضها عليه الأطباء في المستشفى وفي أعقاب تجاهل المحكمة الصهيونية لمطالبه بالحرية.
في الحقيقة تدخل معركة الأمعاء الخاوية في سجون الاحتلال الصهيوني للأسرى المضربين عن الطعام وفي مقدمتهم الاسير بلال كايد اكثر من 56 يوم وهم أكثر قوة وصمودا وصلابة مع إصرارهم على تحقيق اهدافهم الحرية والنصر أو الشهادة ولا خيار ثالث أمامهم لتحقيق مطالبهم العادلة بعدما حاولت إدارة مجرمي الحرب الصهاينة تحطيم إرادتهم ونفسيتهم كمقدمة لتحطيم إرادة ونفسية عائلاتهم بعد حرمانها من زيارتهم لفترات زمنية طويلة .
وقد أفادت بعض المصادر الفلسطينية أن أعداد الأسرى المضربين سترتفع الى الالاف وقد تعم السجن الصهيونية في الأيام القليلة القادمة ليشمل كل الأسرى في سجون الاحتلال الصهيوني البالغ عددهم حوالي اكثر من5700 أسير وسط حراك شعبي فلسطيني مهم على امتداد الأراضي الفلسطينية المحتلة في فلسطين كل فلسطين ومخيمات اللجوء لدعم ومساندة تحركهم وتحقيق كامل مطالبهم العادلة وفي مقدمتها الحرية للاسير بلال كايد ورفاقه
لكن التحرك الشعبي والرسمي العربي والإسلامي والدولي ما زال دون ما يتطلع له شعبنا الفلسطيني بشكل عام وحركته الأسيرة المضربة عن الطعام بشكل خاص ومع ذلك بدا يتلمس معاناة الأسرى ويتطلع لمعركتهم العادلة بمزيدًا من القلق بسبب رفض سلطات الاحتلال الصهيوني الاستجابة لمطالبهم العادلة وقد يتسبب هذا التجاهل الصهيوني بتعاظم الحراك الشبابي الفلسطيني ليتحول الى انتفاضة شعبية فلسطينية ثالثة قد تعيد خلط الأوراق السياسية في المنطقة من جديد قد تطيح بأهم الاتفاقيات التصفوية مع العدو الصهيوني بدءا من كامب ديفيد إلى اوسلو ووادي عربة وقد تسقط سلطة معازل اوسلو وتعجل في حلها والعودة لخيار المقاومة والصمود حتى تحقيق كامل أهداف شعبنا وامتنا في تحرير كامل الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة
لذلك لابد من تحرك فلسطيني وعربي ودولي عاجل للضغط على سلطات الاحتلال لدعم ومساندة انتفاضة الأسرى لتحقيق مطالبهم العادلة وخاصة المؤسسات الدولية المعنية بشؤون الاسرى للتحقيق في ظروف اعتقالهم وحماية حقوقهم وإنقاذ حياة الأسرى المضربين عن الطعام وفي مقدمتهم الأسرى الإداريين والضغط على سلطات الاحتلال الصهيوني لتحسين ظروف اعتقالهم وتحقيق مطالبهم العادلة وفي مقدمتها إلغاء سياسة العزل والاعتقال الإداري وقانون شاليط العنصري والاقتحام الليلي والتفتيش العاري والسماح لهم بالتعليم وإكمال الدراسة الجامعية والاطلاع على الوسائل الإعلامية المقروءة والمسموعة والمرئية وزيارة عائلاتهم بشكل دوري ومنتظم بمراقبة الصليب الأحمر الدولي وخاصة أسرى قطاع غزة المحرومين من زيارات الأهل منذ حوالي مس سنوات دون مضايقة السجانين والحواجز العسكرية الصهيونية
نعم إنها حرب شاملة وممنهجة حولت شعباً بأكمله إلى شعب أسير يحمل على جسده آلام السجون وعذابات الزنازين والغربة في الوطن…يقضي شبابه أعمارهم اليانعة في الظلمات الدامسة وتحت وطأة الممارسات التعسفية والوحشية والتصفية بدم بارد والموت في زنازين العزل
لذلك إن قضية الأسرى الفلسطينيين تعتبر من اكبر القضايا السياسية والإنسانية في العصر الحديث ونتيجة من نتائج الاحتلال الصهيوني والسبب الرئيسي في معاناة الشعب الفلسطيني منذ ما يزيد عن ثمان وستين عاما من أبشع الجرائم التي لم يشهد التاريخ الحديث مثيلا لها خاصة بعدما دخل من نصف الشعب الفلسطيني السجون الصهيونية منذ بداية الاحتلال الصهيوني منذ عام 1948
وهذا ما يفرض على شرفاء شعبنا الفلسطيني المقاوم وامتنا وكل أحرار العالم فتح معركة قانونية والتوجه لمحكمة لاهاي الدولية لتصحيح وضع الأسرى في سجون الاحتلال الصهيوني وتوضيح المكانة القانونية للأسرى باعتبارهم أسرى حرب كخطوة أولى لضمان توفير الحماية للأسرى وإعادة الاعتبار لمكانتهم الوطنية والسياسية والإنسانية كأسرى حركة تحرر وطني وليسوا أرقاما أو مجرمين بموجب القوانين الاحتلالية العنصرية الصهيونية
إن الأسرى في سجون العدو الصهيوني بحاجة اليوم إلى إعلام يقف بجانبهم ويؤمن بقضيتهم فكراً وفعلاً لتدويل قضيتهم وجعل العالم يتعرف على هذه القضية وعلى ظروفهم المزرية داخل سجون الاحتلال ويتعرفون على معاناة أسرهم وفضح ممارسات الاحتلال الصهيوني الإجرامية ضدهم وخاصة أن معظمهم قضوا في السجون الصهيونية أكتر مما قضوا خارجها والاهم أن الأسرى اليوم في سجون الاحتلال الصهيوني بحاجة لحشد كل الطاقات والإمكانيات للأجنحة العسكرية الفلسطينية المقاومة لأسر عدد من جنود الاحتلال الصهيوني لتحريرهم كمقدمة لتحرير فلسطين كل فلسطين والأراضي العربية المحتلة كأولوية من أولويات شعبنا وكل شرفاء امتنا وأحرار العالم خاصة أن لحركة الأسيرة تجسد اليوم أروع الأمثلة في الوحدة الوطنية الفلسطينية التي يجب أن تقتدي بها بعض الفصائل الفلسطينية التي غلبت السلطة على واقع المقاومة الطريق الأقصر لتحرير فلسطين كل فلسطين والأراضي العربية المحتلة.