وجهة نظر في إشكالية الجاليات والاتحادات الفلسطينية في اوروبا – كمال مقبول
بداية لا بدَّ من التنويه ان حالة الانقسام والشرذمة التي تعيشها الجاليات الفلسطينية في شتات أوروبا تعكس الحالة الفلسطينية وانقساماتها على الساحة الفلسطينية بشكل عام ، وبالتالي لا يوجد أي إطار فلسطيني جامع للكل الفلسطيني يمكنه ان يدّعي التمثيل لفلسطينيي الشتات ، وان من يتحمل المسؤولية الأساسية لهذه الشرذمة والانقسام هي القيادة المتنفذة للمنظمة والسلطة الفلسطينية التي تتبع سياسة التفرد وتعطيل الدعوات لتوحيد ابناء شعبنا في الشتات وخاصة في عدم نجاح جهود توحيد الجاليات الفلسطينية في أوروبا تحت إطارٍ وجسمٍ مُوحّد !
ان وجود عدّة اتحادات تمثل الجاليات الفلسطينية التي يغلب عليها الطابع الفصائلي هو نتيجة طبيعية وحتمية لهذا الانقسام .
لقد جرت محاولات جدية واجتماعات ولقاءات بين مجموعة كبيرة من ابناء شعبنا من الشخصيات الوطنية وممثلي بعض الجمعيات والمؤسسات وممثلي بعض الفصائل وعلى مدار سنوات لتشكيل إطار جماهيري موحد والتي نجحت في عقد مؤتمره الأول عام ٢٠٠٧ تحت اسم ” اتحاد الجاليات والمؤسسات والفعاليات الفلسطينية في شتات اوروبا ” والذي تم اختصار اسمه في المؤتم الرابع الذي عقد في برلين العام الماضي الذي اصبح اسمه ” اتحاد الجاليات والمؤسسات الفلسطينية -اوروبا “والذي تشرفت بعضوية امانته العامة في مؤتمره الثالث الذي تم عقده في قاعة الأوبرا بدمشق أواخر ٢٠١٤ تضامناً مع سورية .
وفي عام ٢٠١٠ انشقت مجموعة عن اتحاد الجاليات الأم من المحسوبين على الجبهة الديمقراطية وأسسوا الاتحاد الثاني والذي حمل نفس الاسم .
مع الأسف وقفت حركة فتح ضد اتحاد الجاليات رغم مشاركة البعض من المحسوبين على حركة فتح وكانوا أيضاً أعضاءاً في الأمانة العامة حتى انعقاد المؤتمر الرابع ، وبسبب مواقف الاتحاد وخاصة السياسية ورفضه لاتفاق أوسلو وما ترتب عنه من نتائج وتمسكه بالميثاق الوطني الفلسطيني ، وبالرغم من تأكيد الاتحاد على ان منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده وضرورة إصلاح المنظمة ومؤسساتها والتمسك بميثاقها الوطني ، الاّ ان حركة فتح حاربت الاتحاد معتبرة إياه بديل عن التمثيل الفلسطيني للمنظمة ، وقامت بتأسيس الاتحاد الثالث بالعام 2011 تحت اسم الاتحاد العام للجاليات الفلسطينية في اوروبا ، هذا الاتحاد الذي عقد اجتماعه الأخير في العاصمة الإيطالية روما الأسبوع الماضي ، والذي إدّعى منظموه زوراً وبهتاناً انه الممثل الشرعي لفلسطينيي اوروبا ، ما هو الاَّ تجمع لأعضاء ومناصري حركة فتح من مؤيدي محمود عباس ولهدف محدد لم يخفيه المنظمون وهو مبايعة محمود عباس ، في محاولة فاشلة لتبييض سلطته ونهجه الذي اوصلنا لهذا التشرذم والانقسام من خلال اصراره على سياسة التفرد والتحكم بالقرار الفلسطيني .
اضافة لهذه الاتحادات الثلاثة فهناك تجمعاً رابعاً هو تجمع فلسطيني أوروبا (الإسلامي) المحسوب على حماس .
بعد هذا الاستعراض لأوضاعنا البائسة نحن ابناء الجاليات الفلسطينية في اوروبا ، فما العمل :
من وجهة نظري ان هذا الوضع سيستمر وسيزداد انقساماً وشرذمة إذا لم يتم تدارك الانقسام في الساحة الفلسطينية ، وبهذه الظروف والأوضاع يصبح من الضروري إذا فشلنا في وحدة الكل الفلسطيني ان تتم وحدة ابناء الجالية على أساس برنامج سياسي تعبوي مهمته السياسية الأساسية الحفاظ على حق العودة للاجئين الفلسطينيين في اوروبا ( وليس المُغتربين كما تسميهم سلطة محمود عباس ) ومناهضة نهج أوسلو والدعوة لإصلاح المنظمة المتمسكة بميثاقها الوطني ومحاربة التطبيع بكل اشكاله والعمل المشترك مع أصدقاء الشعب الفلسطيني وخاصة المؤسسات والحركات مثل حركة المقاطعة الداعمة لحقوق شعبنا الفلسطيني .
ان نجاح اي إطار او اتحاد يعتمد على توافر الشفافية والالتزام بالأسس التنظيمية والدستور الذي يجب مراعاته بشكل ديمقراطي وبعيداً عن سياسة التفرد لتيار او فصيل سياسي ، ومن الطبيعي ان يكون هناك دور للفصائل الفلسطينية وأنصارها في تواجدها ودعمها لمثل هذه الاطر وتوحيدها ، باعتبارها مكوّن أساسي وطليعي من مكونات الجاليات الفلسطينية على ان يكون تواجدها من خلال الجمعيات والمؤسسات المنتشرة في اوروبا وليس باسماء هذه الفصائل !
في المؤتمر الرابع لاتحاد الجاليات والمؤسسات الفلسطينية- اوروبا، وفي احدى مداخلاتي طرحت وتمنيت على الأمانة العامة الجديدة ان تؤسس لمرحلة جديدة عنوانها الشباب وان يكون عماد المؤتمر القادم للأعضاء العاملين من أعضاء الهيئات الإدارية المنتخبة من مؤتمرات الجمعيات والمؤسسات المُسجلة ، أمّا الآخرين الغير أعضاء في الهيئات الإدارية فيجب اعتبارهم وتصنيفهم كضيوف على المؤتمر .
برأيي ان وجود هذا الشرط باعتماد أعضاء الهيئات الإدارية المُنتخبة من جمعياتها كأعضاء عاملين في المؤتمر العام سيوفر الضمانة والشفافية في انتخابات حرة ونزيهة وديمقراطية للأمانة العامة وليس على أساس فصائلي ، فليس المهم ان تكون محسوباً على فصيل بحد ذاته ، بل ان تكون عضواً عاملاً ومنتخباً بشكل ديمقراطي من مؤتمر جمعيتك المُسجلة قانونياً في البلد الذي تعيش فيه ، وهذا المقترح ممكن ان يتم اغناءه بالنقاش حول الشروط التي يجب توفرها بالعضو العامل في المؤتمر العام .
أمَّا حول فكرة وحدة الاتحادات في إطار واحد ، فهو مطلب محق ويجب العمل عليه باستمرار ولكن على أساس برنامج سياسي وتنظيمي ونقابي ودستور واضح يحظى بالإجماع ، ولكنني ما زلت اعتقد ان هذا المطلب بعيد المنال ، وقد يكون بالإمكان تشكيل هيئة تنسيق وطنية في البداية لتنسيق عمل الجاليات وتأخذ على عاتقها مهمة العمل لتوحيدها في المستقبل .
كمال مقبول
ممثل لجنة فلسطين لتكافل الأيتام / السويد.
عضو الأمانة العامة السابق لاتحاد الجاليات والمؤسسات الفلسطينية – اوروبا