وداعاً صديقنا بيدرو مارتينث مونتافيث
رحيل المستعرب الاسباني بيدرو مارتينث مونتافيث
بكل حزن قرأت قبل قليل عن وفاة المستعرب الاسباني الكبير، الانسان المبدئي، بيدرو مارتينث مونتافيث ، الذي تعرفت عليه في مدريد وبالتحديد في كلية العلوم السياسية في جامعة مدريد، حيث جمعتنا ندوة عن فلسطين كنا أنا وهو المتحدثين فيها، أدارتها الدكتورة ماريا دياز أستاذة العلوم السياسية في الكلية الذكورة وصديقة فلسطين الكبيرة، وشارك فيها الصديق جمال حلاوة الذي ترجم من العربية للاسبانية. ويعود الفضل في دعوتي الى الجامعة والتحدث هناك برفقة المذكورين للصديق العزيز د ميغيل – ماجد الدبسي.
لا غرابة في أن تشن المؤسسات الصهيونية واليمين الفاشي الاسباني المتطرف حملة معاداة للكلية واتهامها بمعادة السامية، لأن تلك الكلية هي كلية للتضامن مع شعب فلسطين وقضيته العادلة. شهدنا مؤخراً كيف واجه الطلبة في جامعة مدريد حضور السفيرة الصهيونية الى الجامعة حيث تظاهروا وأرغموها على الانسحاب بعد أن منعوها من الحديث وبعد أن أشهر حراسها مسدساتهم بوجه المتظاهرين، بدون احترام ومراعاة لاسبانيا وحرمة جامعاتها وقوانينها.
لقد غيب الموت يوم أمس الخميس ١٦-٢-٢٠٢٣ هذا الرجل الكبير والانسان المناضل والمستعرب المتمكن، الذي ارتبط ارتباطا لصيقاً بالعالم العربية وبالثقافة العربية.
توفي بيدرو مارتينث مونتافيث عن عمر ناهز ال ٩٠ عاماً فهو مواليد سنة ١٩٣٣. كان عميداً بجامعة مدريد المستقلة، وهو ايضاً أول رئيس جامعة ينتخب ديمقراطياً في إسبانيا بعد عهد الجنرال فرانكو… كما أنه قضى جل حياته في الاستشراق والعمل لخدمة الثقافة وتقديم الثقافة العربية للجمهور الاسباني. هذا وسبق للرجل الأكاديمي والضليع في مجال عمله أن ترأس جمعيتي “الصداقة الإسبانية العربية” و”الجمعية الإسبانية للدراسات العربية”.
عمل طوال حياته على مد الجسور والتقارب والتواصل بين الثقافتين العربية والإسبانية، وجمع المستعربين الإسبان والمستعربين في أميركا اللاتينية بالمتخصصين العرب في اللغة والثقافة الإسبانية”. بحسب المعنيين بهذا الشأن ترجم بيدرو مارتينث مونتافيث الكثير من الأعمال الأدبية العربية والفلسطينية إلى اللغة الإسبانية، منها كتابات لمحمود درويش ونزار قباني وجبران خليل جبران وعبد الوهاب البياتي وفدوى طوقان وسعدي يوسف وصلاح عبد الصبور وأدونيس وآخرين، إضافة إلى مقتطفات من شعر المقاومة الفلسطيني، وشعر العالم العربي.
أذكر يوم كنا معاً في ندوة مدريد سنة ٢٠٠٩ وخلال حديث جانبي على فنجان قهوة في بهو الجامعة قبل بدء الندوة، وحيث كانت صورةالمناضلة الكبيرة ليلى خالد أيقونة النضال الفلسطيني تزين جدار الجامعة خلفنا، قال لي أنه يواظب بشكل دائم على قراءة مقالات رشاد أبوشاور في زاوية “هواء طلق”، حيث كان رشاد يكتب مقالته الأسبوعية كل يوم أربعاء في صحيفة القدس العربي، هذا قبل أن تُباع لقطر وتصبح جريدة صفراء مثل فضائية الجزيرة القطرية. وأوصاني بيدرو مارتينث مونتافيث أن أبلغ تحياته لرشاد بعدما علم أنني ورشاد صديقين حميمين وقد فعلت ذلك في حينه.
من مؤلفاته وترجماته: “الشعر العربي المعاصر” (1958)، و”مقالات هامشية في العروبة” (1977)، و”القصيدة فلسطينيَّة: فلسطين في الشعر العربي المعاصر” (منتخبات، 1980)، وصولاً إلى “دلالة ورمزيَّة الأندلس” (2011).
برحيل بيدرو مارتينث مونتافيث تفقد الثقافة العربية رأس حربتها في اسبانبا وتفقد فلسطين واحداً من أصدقائها الأممين المبدئيين والمؤثرين في اسبانيا وأمريكا اللاتينية.
وداعاً صديقنا بيدرو.
نضال حمد
١٧-٢-٢٠٢٣