وداعا أم لطفي حميد زيتونة الجليل – نضال حمد

وداعا أم لطفي حميد زيتونة الجليل

مضت اليوم الى ربها وربنا ورب العزة والكون امراة من بلدي لا أحلى ولا أجمل ولا أطيب..

مضت أمنا الفلسطينية التي كانت في شبابها تمضي بلا كسل او وهن حاملة فلسطين في كلماتها وحركاتها وعلى رؤوس الاشهاد.

مضت المرأة الشجاعة والجريئة، الفلسطينية بكل جوارحها ..

 كانت امراة عظيمة فلسطينية العينين والكفين والوشم.

زيتونة من زيتونات الجليل وكل فلسطين.

علامة من علامات مخيمنا عين الحلوة.

ام لشهيد سطع اسمه ولمع في وجداننا وتاريخنا وحاضرنا.

 ام الشهيد عفيف حميد ومن منا ومنكم ومنهم لم يسمع بعفيف الشهيد؟…

ام لمناضلين عرفتهم في مخيمنا عين الحلوة.

ظلت تحمل الشوق والحنين لقريتها عين الزيتون في فلسطين وهي القرية المجاورة لقريتنا الصفصاف في الجليل الأعلى. وعلى مقربة منهما هناك بلدات الجش وميرون وقديثا والراس الأحمر وطيطبا ومدينة صفد العريقة، مدن وبلدات وقرى محتلة منذ النكبة الفلسطينية الكبرى لازالت تنتظر عودة الناس والعصافير والطيور والشمس والقمر والفجر والحرية..

عرفت امنا الراحلة ام لطفي منذ طفولتي سواء عبر الحارة في المخيم او عبر العمل الوطني الفلسطيني في لبنان ومخيمنا. إذ كما اسلفت كانت اما لمناضلين ومناضلة جمعتني واياهم الثورة، وجمعتني واياها تجربة العمل الوطني الفلسطيني في جبهة التحرير الفلسطينية.

امرأة قوية ، شجاعة، مقدامة، جميلة، باسمة، معطاءة، حنونة وصلبة لا تهادن احدا في كامل تراب فلسطين.

قبل اسبوعين أو أقل قليلا كنت في الدنمارك في زيارة لمنزل صديقي ورفيقي المتاضل الصلب و المجرب كمال خريبي – ابو هلال – وهو زوج الصديقة والرفيقة والأخت عفاف حميد  – أم هيثم – ابنة ام لطفي حميد. هناك التقيت بأمنا أم لطفي وكانت اول مرة أراها فيها منذ سنة 2007 .

 

كانت خارجة للتو من المستشفى حيث اجريت لها فحوصات كثيرة، ورايت بالقرب منها عكازين يساعدناها على المشي.

فضحكت وقلت لها :

اصبحت من جماعتي .. في اشارة الى عكازتي التي تسافر معي الى كل الدنيا لانني بدونها لا استطيع مواصلة المشوار.

ضحكت أم لطفي التي كانت تعرف انه لم يتبقى من العمر اكثر مما  مضى وتذكرت ايضا ان العطار لا يصلح ما افسده الدهر.

كانت جالسة في قاعة البيت وحواليها الابناء والبنات والاحفاد والحفيدات .. مشهد يذكرنا باجواء العائلات الفلسطينية في المخيمات. لكنه منظر لاجواء نفس العائلات ولكن هذه المرة في الشتات.

جلست بالقرب من امنا ام لطفي وتبادلنا الحديث فسألتني عن والدتي ووالدي وهما صديقين لها فقلت ان وضعهما ليس افضل حالا بكثير من وضعها خاصة الوالد. أمنتني ان ابلغهما السلام وفعلت ذلك فور عودتي في حديث هاتفي مع الأهل. وبدورهما بعد اسئلة كثيرة عن ام لطفي وصحتها ووضعها أمناني ان ابلغها ايضا سلامهما، هذا بعدما اظهرا  وابديا تألما لألمها عندما قلت لهما انها تمشي الآن بعكازين.

يوم التقينا نظرت ام لطفي الي طويلا وقالت لي الحمد لله صحتك كويسة يما .. وما شاء الله عنها.

قلت لها شكرا يّما ..

فهي ام ثانية وثالثة ورابعة وخامسة… وكل امهات المناضلين والشهداء الفلسطينيين هن امهاتي ..

كان ذلك اللقاء معها آخر لقاء

وداعا ام لطفي حميد

وداعا يا زيتونة الجليل

بقلم نضال حمد – مدير موقع الصفصاف – وقفة عز