وفاة المرحوم أحمد نصر في سجن بيت لحم – عادل سمارة
لم أجد أليق من مطلع قصيدة أحمد شوقي في منفاه في الأندلس حين كتب:
“يا نائح الطلح اشباه عوادينا…نأسى لواديك أم نٌشجى لوادينا
ماذا تقص علينا غير أن يداً…قصت جناحك جالت في حواشينا“
فاجئني صديقي المحامي مهند كراجة ليل أمس بخبر وفاة المرحوم أحمد نصر في سجن بيت لحم. أعرفه منذ سنوات طويلة كان يعتمد على مكتبة صغيرة في رام الله يُجاهد كي يعيش بين غيلان الورق المطبوع وبين غول اعتقالات الاحتلال. وبين الإثنين تحالف موضوعي وبالضرورة وليس شرطاً بالوعي. فكلما أُعتقل لحقت الخسارة بالكتب التي وزعها او طبعها. ومن بينها كتبي.
كان الرجل بالكاد يستطيع المشي حيث قضى أكثر من نصف عمره مترددا على أقبية التحقيق وسجون الإحتلال الصهيوني … أصيب برصاصهم وعذب في زنازينهم ولم ينالوا من صموده قيد أنملة … اليوم توفي هذا المناضل ” أحمد حسن نصر ” من قرية كفر نعمة … توفي داخل سجون السلطة الفلسطينية: هل التحرُّز لأنه خطير أمنيا أم أيضاً لأن حيتان الورق يطالبونه بديون!
وكيف يمكن لمناضل أن لا يتحطم مالياً؟
هناك مآت آلاف قضايا المديونية، لكن ما أكثر من لا يُعتقلوا. إنما يبدو أن المشتكي على أحمد نصر صاحب قرار.
إلا أن الأهم: كيف يبقى مواطن حتى لو عادي في السجن حتى يرحل ولا يُعالج قبلها أو يُفرج عنه ولو مؤقتاً!وسواء كان “التحفظ عليه” بالتنسيق الأمني أم بالتنسيق المالي!!
حتى حين يُعتقل فقراء وشرفاء لا نسمع عنهم وربما لانسمع برحيلهم، فأحمد نصر ليس مليونيرا، ولا عضو لجنة مركزية لأحد 22 فصيلاً ولا عضو مجلس كذا وكذا ولا مرشحا لكذا ولا من عائلة عريقة ربما باعت أرضا لشعب الله المختار أو تقوم اليوم بالتسريب لذا ترى في رام الله سيارات خاصة لا يقدر على ثمنها بايدن …الخ.
اذكر قبل 12 سنة ذهبت إلى “كشك” مكتبته فقال:
بدنا نوخذ شهادة الدكتور
قلت في ماذا
قال هذا المؤلف لا يضع توثيق ولا مراجع ولا هوامش ما رأيك؟
قلت، عدم التوثيق أمر غير علمي ولا تاريخي
قال الرفيق، لا أنا داعية. طبعا الرفيق اصبح أحد منظِّري دولة مع المستوطنين ! فليتعذب ماركس في قبره.
زارني أحمد قبل سنة وجهزت لهم كتبا لتسويقها ووعد أن يرد لي المديونية القديمة جدا، لكنه لم يرجع ثانيةً، وها هو يرحل في أمان الوطن. والسؤال: من الذي سيتابع قضيته؟ من سيحقق في الاعتقال وسبب الوفاة وعدم العلاج او التقصير في العلاج؟ هل هناك نقابة محامين هنا؟ إن وُجدت لماذا لا تهتم بهذه القضية ولو “كدعاية انتخابية“!
واليوم ذكرني صديق بأيقونة شامية المذيعة عزّة الشرع، في ذكرى سقوط بغداد التي لم تنهض بعد. لا أستطيع قبول مزاعم هزيمة أمريكا في العراق والنتيجة هي ما نرى حتى الآن. مئات آلاف الأبطال والشهداء قاوموا من كل المجتمع ليمتطي دمهم تحالف طوائفي بغيض طبق أوامر جمهورية الدم فأهلك البلد لتجده داعش لقمة سائغة وتكاد تٌسقط بغداد مجدداً.
صحيح أن بغداد تقاوم اليوم في مستويين:
النزول إلى الشارع ضد سلطة مرجعيتها واشنطن وعقيدتها طائفية ورأسمالية طفيلية نهبوية كمبرادورية وفاسدة
ومهارشة قوات الاحتلال الأمريكي.
عزة الشرع ، عزَّ عليها سقوط عاصمة الرشيد، فأجهشت بالبكاء وهي تنطق ولا تنطق بخبر سقوط بغداد. وسقوط بغداد الرشيد أهم عواصم تاريخنا يذكرنا بسقوط غرناطة علي يد الفرنجة وسقوط دمشق على يد الترك وسقوط القاهرة في كامب ديفيد، وما الفرق وسقوط طرابلس الغرب ومحاولات إسقاط دمشق اليوم ناهيك عن صنعاء التي تصمد وتعتلي مجد التحرير.
بين تلعثم عزّة وبين اغتباط أوغاد المرحلة بسقوط بغداد بوسعك قراءة أسباب ما نحن فيه. فقط من المشهد إن كنت لبيبا عليك أن تكتفي. وبصراحة، فقط في مرحلة استدخال الهزيمة وتتويج أوغاد المرحلة ، فقط وفقط في هذه المرحلة تجد من أعلن اغتباطه بتدمير جيش العراق 1991 وسقوط بغداد 2003 ولكن:
نحن في ما نحن فيه، لأنك لم تقتل من اغتبط، ولن ننهض ما لم نقتله.
لذا في فهم المشهدين تذكرت قول شوقي أعلاه.
هامش: قام أهالي قرية كفر نعمة بعدة مهرجانات وقوفاً مع سوريا.
https://www.facebook.com/
(2)
من صنعاء إلى باريس/هزيمة العدوان واختلاف النتائج
تمر هذه الأيام الذكرى 150 لثورة العمال في باريس/كميونة باريس كأول ثورة عمالية في التاريخ. كانت الكميونة نتيجة لهزيمة فرنسا في حربها ضد بروسيا/لاحقا المانيا حيث هُزم الجيش الفرنسي وتم أسر امبراطور فرنسا نابليون الثالث وتنازلت فرنسا عن مناطق الألزاس واللورين لألمانيا ودفعت تعويضات. . ما أركز عليه هنا هو:
العدوان
والهزيمة.
هنا التشابه مع عدوان السعودية والإمارات ضد اليمن، عدوان لخدمة الإمبريالية والصهيونية تماماً أي ان هذين النظامين هما في خدمة الآخر/العدو.
وها هما يُهزمان، وقد نفاجىء بأن اليمن سوف يستعيد ليس فقط وحدته بل أراضيه المحتلة من السعودية’ جيزان وعسير ونجران، ونتمنى أن يأتي وقتا تواصل اليمن طريقها إلى كل الجزيرة العربية، بل يجب ما أمكن.
هنا المشترك: فرنسا تعتدي وتُهزم
وأنظمة السعودية والإمارات تعتدي تُهزم.
أما الفارق فإن نتيجة هزيمة فرنسا كان وثوب الكميونة التي انتصرت ومن ثم هُزمت. لكن في حالة اليمن، اليمن جرى العدوان ضده ولكنه ينتصر بشكل اسطوري.
______
- تابعوا “كنعان اون لاين” Kana’an Online على