وهكذا برر الجرم، فصفعه الرد!!! – الدكتور أيوب عثمان
أرسل لي أحدهم على الواتساب الرسالة الآتية: ” لم يتم تجديد العقد والعقد شريعة المتعاقدين. لا مواقف شخصية أو إنسانية مجرد عقد ومكان خاص له حرمته .وشكرا تفهمكم .الرب يسوع المسيح يبارككم”، مبرراً فيها ومؤيداً ومدافعاً عن الفصل التعسفي الذي تعرض له (15 خمسة عشر طفلاً) في مستويات تعليمية مختلفة، دونما ذنب لأيٍ منهم، سوى أن آباءهم وأمهاتهم يطالبون بإنشاء مجلس لأولياء الأمور في مدرسة أطفالهم، “مدرسة راهبات الوردية بغزة”، فكان ردي على النحو الآتي:
“لا مسوغ لعقد أساسه البطلان، فأي عقد يستند إلى باطل فهو باطل ويظل باطلا طالما ظل على الباطل مستندا. أما القول بأن “العقد شريعة المتعاقدين”، فقول صحيح، لكن صحة هذا القول ليست على إطلاقها، وإنما هي محكومة بالقانون المدني الذي إذا أجاز عقد المدرسة من خلال بنوده جاز، وإن لم يجزه بطل. وحيث إن عقد المدرسة فيه من العوار القانوني ما تجاوز العشرين، وهو ما لا يقترفه مبتدئون، فإن الحكم ببطلانه هو أمر حتمي لا مصرف عنه. وقد أبنت عوار هذا العقد، على نحو تفصيلي، منذ أكثر من خمسة أشهر، في نحو عشرين بندا، أو يزيد، تسلمتها المدرسة في حينه، وهو ما لن يكون لأي أحد على ما أشرنا إليه من عوار سبيلا. اما عن رسالتك البارحة إلينا، فهاك ردي بالغ البساطة والوضوح والتواضع عليها: (١) إن العقد لم يتم تجديده نظرا لما فيه من عوار طافح وواضح وفاضح جاء في نحو عشرين بندا، وربما يزيد. (٢) وحتى لو تم تجديد العقد على ما يكتنفه من عوار، فإن عواره يعدمه في مبناه وفي معناه، في شكله وفي محتواه. (٣) وحتى لو وقع جميع الأطراف المعنيين على عقد فيه عوار، فإن عقدا كهذا لا يلزم أيا من الأطراف بما تم التعاقد عليه. (٤) أما “العقد شريعة المتعاقدين”, فمبدأ يعتبره القانون المدني سليما شريطة عدم اشتماله على مسببات بطلانه أو إبطاله. وحيث إن عقد المدرسة أوله بطلان وٱخره بطلان، وما بين البطلان الفاتح والبطلان الخاتم، بطلان يؤكد البطلان ببطلان فات وٱخر ٱت، فقد بات أمر هذا العقد كله بطلان وبطلان (٥) أتفق معك تماما على ان موضوع العقد والتعاقد لا ينبغي ان يكون له اي علاقة بالمواقف الشخصية والإنسانية. (٦) اما قولك بان المدرسة مكان له حرمته، فصحيح تماما، ولكن دون ان تنسى أو أن تتناسى أن الإنسان الذي كرمه الله سبحانه، تماما كما كرمه السيد المسيح يجب ان تبقى له حرمته وتحفظ له كرامته التي قال الله عنها في سورة الإسراء (70): “ولقد كرمنا بني ٱدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا”, وهو ما جاء في سفر التكوين من الكتاب المقدس في شأن تكريم الإنسان الذي خلقه الله على صورته، طبقا لما ورد في “المزامير”: “وجعلته أدنى قليلا من الملائكة إلى حين، ثم كللته بالمجد والكرامة، وأعطيته السلطة على كل ما صنعته يداك. أخضعت كل شيء تحت قدميه. الغنم والبقر وجميع المواشي، ووحوش البرية، أيضا” (المزمور 8: 5–7), فكيف إذن بخمسة عشر طفلا بريئا يفصلون من مدرسة صنعوا فيها تاريخا ومجدا وسلطة ونشاطا وصداقات وعلاقات تربوية وتعليمية واجتماعية وإنسانية، دون ذنب من أي منهم، سوى أنهم أبناء أمهاتهم وٱبائهم الذين أنكرتم وتنكرون عليهم حقهم الطبيعي في مجرد التعبير عن رأيهم في المطالبة بإنشاء مجلس لأولياء الأمور في مدرسة أطفالهم. وأما خلاصة القول، فهلا عاد كل ضال–أو مضل–إلى جادة صوابه كي يحسن عند ربه ثوابه وحسابه؟!”
وبعد: فإذا كان ردي هو هذا الذي أوردته أعلاه، فكيف إذا أضيف إلى ردي هذا قرار المحكمة الإدارية قبل أكثر من 90 يوماً، وتحديداً في 24/6/2021، والصادر ضد مديرة المدرسة لصالح الأطفال المفصولين عنتاً وعسفاً واستنطاعاً؟!
وهكذا برر الجرم، فصفعه الرد!!!
بقلم الدكتور/ أيوب عثمان
كاتب وأكاديمي فلسطيني
جامعة الأزهر (سابقاً)
غزة – فلسطين