يا أرَجًا من وَهج صلاح الدين – شعر: فيصل سليم التلاوي
يا جيشَ صلاح الدين الظافر في حطّينْ
يا سيف صلاح الدين القاهر للأعداءِ
ذوي قُربى وصليبيين
هلا عرّجتَ على غزهْ
وأعرتَ أريحا واحدةً من راياتك
تسترُ عُريًا يفضحُ منها سوأتها
منديلًا مهترئًا
تمسحُ عن وجنتِها الخجلى دمعَتها
يالَلشررِ المتطايرِ
تحت سنابكِ خيل صلاح الدينْ
والجيشِ الفاتحِ في أرضِ فلسطينْ
يصعد جبلًا ، يهبط سهلًا،
ويُيَمّمُ صوبَ البحرْ
تفتح “عكا” عينيها
وتفيقُ على حُلمٍ بِكرْ
ترهف أذنيها لسماع أذانِ الفجرْ
تتنسّمُ آياتٍ و تسابيحَ افتقدتها مُدةَ دَهرْ
ينزاح الكابوسُ الجاثمُ فوق الصدرْ
يدفعه الجيشُ الزاحفُ بالراياتِ الصُفرْ
عميقًا يهوي في قاع البحرْ
غيّبه الموجُ
وعاد ليغسلَ قدميها بمياهِ الطُهرْ
يا أنفَ صلاح الدينِ
الساجد شكرًا فوق تراب القدسْ
وجبينًا مسَّ الأرض اليومَ
وبالأمس علا هام الشمسْ
إنا نسترجعُ طيفكَ في أيام النَحسْ
نشهرُهُ رُمحًا
في أعينِ من باعونا بالثمنِ البَخسْ
من كسروا السيفَ
أحالوا الغمدَ عصًا
والصرحَ الشامخَ زنزانةَ حبسْ
إنا نستجدي من أيامكَ يومًا
نرفعُ فيه الرأسْ
ما حفظوا من إرث صلاح الدين سوى “صلح الرملة”
ما لمحوا من مشهد هذا المغوارِ
الطالعِ من وهجِ النارِ سوى لحظات الكَبوةْ
اللعنة يا صلح الرملةْ
يا عملاقًا رفعت كتفيها لتطاوله نملهْ
ما كنتَ سوى خطوه
تتراجع للخلف قليلًا
تغرس قدميكَ على أرضٍ صلبةْ
تتبعها قُدُمًا آلافَ الخُطواتْ
تهزم “قلب الأسد” الكاسرِ
تأسرُ “أرناط”
وتبرّ بقسمٍ
تصنع من جلد الغادر نعلًا
ثأرًا مشروعًا لكراماتْ
صونًا للشرفِ
وذودًا عن أعراض الأخواتْ
يا “صلح الرملة”
ما كنت بكاءً واستجداءً في حضرةَ صهيونْ
ما خلفت وراءكَ ثكلى
مئذنةَ الحرمِ الصابرِ في “حبرون”
وتركت خليل الرحمن وحيدًا
إلا من شجرة زيتونْ
يتفيأ ظلًا، يعصر زيتًا
ما هانَ ولا يومًا سَيهونْ
يا أرجًا من وهج صلاح الدين العابقِ بالطيبْ
يتضوع منبره مسكًا
تترنمُ بالآيِ مَحاريبْ
ويفزُّ “القاضي الفاضلُ” وسط الجمعِ خطيبْ
يتدافع جند الله إلى الساحِ
يُطاولُ أنف النجم لهيبْ
ترتجف الأرضُ، تميدُ
يَظلُّ لها في سمعِ الأيام وَجيبْ
يا طيف صلاح الدين العابر في الأحلامْ
هلا ألممتَ بنا فالناسُ نيامْ
قد غطَّتْ في نومٍ خيلُ الفتحِ
وطاشَتْ في أيدي الفرسان سهامْ
هلا عرّجتَ على أهل الكهفِ
لتُقرِئَهم منكَ سلامْ
قد طالت نومتُهمْ
أوليس لهذا النوم ختام؟
قد طال الليلُ ألا صبحٌ ينشقُّ
وفجرٌ يبزغُ بعد ظلامْ
يا طيف صلاح الدينِ
ألا حادٍ يصرخ : – يا أهل الكهف أفيقوا
إني أقرؤكم من حطين سلام،
إني أقرؤكم من ريح صلاح الدين سلام.
1997