يا رئيس الجامعة: انتبه، وافهم، وتدبر! – الدكتور/ أيوب عثمان
وليس يزدان بالألقاب حاملها بل يزدان باسم الحامل اللقب
أزعجني ما علمته عن (تمكرم!) رئيس جامعة الأزهر بغزة – وإن كان هذا (التمكرم!) ليس من جيبه أو من حُرِّ ماله أو من قوت عياله – على بعض العاملين ومنهم أكاديميون ونواب وعمداء بصرف متبقيات شهري فبراير ومارس الفائتين، فضلاً عن (تمكرمه!) أيضاً بصرف متبقيات شهر أغسطس الفائت للبعض الآخر، فيما يمتنع عن (التمكرم!) بالمثل على باقي العاملين، الأمر الذي يعني أن رئيس الجامعة هذا ينظر إلى مرؤوسيه العاملين ويتعامل معهم وفق النظرية التخريبية الخائبة المفسدة “زيد يرث وعمرو لا يرث“، أو وفق النظرية الشعبوية المسماة “خيار وفقوس”.
يا رئيس الجامعة: كن رئيساً للجامعة كلها ولا تكن رئيساً لجزء منها، أو لشيء محدد فيها! كن رئيساً لجميع العاملين فيها، ولا تكن رئيساً للبعض منهم وتهمل البعض الآخر!
يا رئيس الجامعة: انتبه، وافهم، وتدبر قول الإمام الشافعي، رحمه الله: “إن أظلم الناس لنفسه من رغب في مودة من لا يراعي حقه”، وقوله: “أحسِنْ إلى الناس تستعبد قلوبهم، فطالما استعبد الإنسانَ إحسانُ”.
انتبه، وافهم، وتدبر قول أبي بكر الصديق: “أصلح نفسك يصلح لك الناس”، وقول الإمام علي بن أبي طالب، كرم الله وجهه: “من تكَبَّر على الناس ذلَّ”.
يا رئيس الجامعة: أأنساك جلوسك (السلبي) على عرش هذه الجامعة العزيزة ما كنت تصرخ به دوماً باسم النقابة؟! ألست أنت من كنت تصرخ في وجه رئيس الجامعة، قائلاً: “راتب العاملين خط أحمر؟!” وها أنت الآن رئيس الجامعة، وسيقال لك برغمك وفي وجهك: “راتبنا خط أحمر، إياك والاقتراب منه”. إن لم يُقَل هذا لك اليوم، فسيقال لك غداً أو بعده أو بعده. سيقال هذا برغمك ورغم كل شيء، وبرغم كل الظروف. كيف سترد، يا رئيس الجامعة، إذا قيل لك اليوم، أو غداً، أو بعد غد: “راتبنا خط أحمر”، وإن تعددت أشكال هذا القول وتنوعت وسائله.
يا رئيس الجامعة: إن ما تفعله الآن وما تنصرف إليه من أفاعيل غير محمودة في الوجهة وفي العاقبة (كأن تصدر قراراً شفوياً يتم إيصاله بتتابع شفوي، يقضي – على سبيل المثال لا الحصر – بوقف أكاديمي أو عامل عن عمله دون إبلاغه بوقفه ورقياً) يؤكد مصداقية نظرية أفلاطون التي ذهبت إلى أن بعض راكبي السلطة يصيرون عند الإمساك بمقابضها أشراراً، وحسبي أنك لا تقبل على نفسك أن تكون منهم فتكون – كما يراك العاملون اليوم والأمس وقبله – شريراً.
انتبه، يا رئيس الجامعة، واعدل، آملاً أن تفهم أبا العتاهية وتحذو حذوه إذ يقول:
ولا تمش في الناس إلاًّ رحمة لهم ولا تعاملهم إلاَّ بإنصاف
يا رئيس الجامعة: ثق أن العاملين لن يحكموا عليك إلا من خلال أدائك وانصافك لا من خلال تعسفك وظلمك للبعض وميلك للبعض الآخر ومحاباتك، وهنا أذكرك بالحسن البصري الذي قال: “عِظ الناس بفعلك لا بقولك”، فليس أبشع من كان جميل القول قبيح الفعل.
أما آخر الكلام، فافهم – يا رئيس الجامعة – ما أنصحك الآن به، يرحمك الله: لا تكن معجباً بنفسك – بصفتك رئيس الجامعة، ذلك أن رئاستك للجامعة أيام وساعات ثم تنقضي لتبقى أنت بعدها بلا منصب ولا جاه ولا جمال ولا تجميل، آملاً ألا تستمرئ الإعجاب بنفسك، وإلا كنت كذلك الذي وصفه الشاعر بقوله:
مثل المعجب في نفسه كمثل الواقف في رأس جبل
ينظر الناس صغاراً وهو في أعين الناس صغيراً لم يزل
يا رئيس الجامعة: انتبه، وافهم، وتدبر!
بقلم الدكتور/ أيوب عثمان
كاتب وأكاديمي فلسطيني
جامعة الأزهر بغزة
- المقالات والآراء المنشورة تعبر عن رأي أصحابها وليس بالضرورة عن رأي الموقع.