يا شيخ عكرمة عُد لصوابك – نضال حمد
إنها المرة الثانية خلال فترة وجيزة وفي غضون أسابيع قليلة التي يفاجأنا خلالها الشيخ عكرمة صبري خطيب المسجد الأقصى، الذي أسعدنا خلال اعوام طويلة بمواقفه الوطنية الثابتة والمشرفة. كذلك بجرأته في معارضة نهج أوسلو التدميري وسلطته العتيدة. عرفت الشيخ ومواقفه عن قرب خلال مؤتمرات عديدة جمعتني به خلال السنوات السابقة. كذلك خلال دردشات وأحاديث جانبية بالشأن الفلسطيني. أحببت الشيخ عكرمة وأحترمته وقدرته لذا يؤلمني أن أسمع منه عن سوريا ما سمعته منه يوم أمس.
أقول يفاجأنا الشيخ عكرمة صبري لأنه قام أمس بإطلاق تصريحات غير مألوفة منه كما أنها لا تليق بمن يريد الدفاع عن الأقصى والمقدسات وعن القدس وقضية فلسطين العربية. تلك المواقف المعادية لسوريا جيشاً ونظاماً قومياً تتعارض مع من يريد أن يكون ثابتاً في الدفاع عن قدسه ووطنه وأقصاه وأمته وقضيته ومقاومة شعبه. تتعارض مع من يريد أن يكون في الصف المقاوم، الصف الفلسطيني والعربي والاسلامي والعالمي الذي ينتمي لفلسطين قضية ومقاومة. فقضية فلسطين لا تنفصل عن قضية سوريا والعراق واليمن ومصر ولبنان وتونس والمغرب والسودان وكل الوطن العربي. فكل تلك القضايا هي قضية واحدة بدأ التعرض لها والتآمر عليها منذ قسم سايكس وبيكو هذه الأمة وحولوها الى دويلات. كان الهدف من ذلك اضعاف سوريا ومصر والعراق أولاً لأنهما أقوى وأهم ثلاث دول عربية وهم مثل العامود الفقري لجسد الأمة العربية. أي تحطيم فكرة الدولة العربية الواحدة المتحدة والقوية. ثم جاءوا لنا بالربيع العربي الصهيوني الأمريكي الرجعي، ليكمل ما بدأه سايكس وبيكو، لكن هذه المرة بمساعدة بعض العرب والمسلمين، مثل السعودية وقطر وتركيا وأخواتهن. وإن كان بتنسيق مع أسيادهم في البيت الأبيض الأمريكي وأسياد أسيادهم في الكيان الصهيوني.
يا شيخ عكرمة صبري!
الموقف من سوريا والوقوف معها ضد المؤامرة عليها معيار لعروبة وقومية ووطنية أي عربي وفلسطيني.. وحتى برأي بعض العالمين بالاسلام بصحة اسلام أي شخص مسلم.
من يقف ضد سوريا يقف ضد فلسطين ومن يقف مع أعداء سوريا يقف مع أعداء فلسطين. من يدعي غير ذلك يكون إما جاهلا بالسياسة والقضية والصراع العربي الصهيوني، وجاهلاً بما تفكر به وتعمل لأجله مراكز الابحاث والدراسات في الغرب عموما وفي الولايات المتحدة الأمريكية خصوصاً. أو أنه فعلاً بدل ثوبه ولبس ثوب المرحلة الذي لن ينفعه لا في الدنيا ولا في الآخرة.
نحن الذين أحببناك ووقفنا الى جانبك يا شيخ عكرمة لا نرضى لك أن تكون مثل الشيخ الفلسطيني المنبوذ، الطائفي والمذهبي، الحاقد، المتاجر بالأقصى وبفلسطين. لأنك أكبر منه ومن صغار المسلمين المتأسلمين في عموم أرض فلسطين المحتلة. ولأننا كذلك فقد استمعنا بألم وحزن لشريط الفيديو المسجل لك. الشريط الذي نشرته وكالة الأناضول الأردوغانية المعادية لسوريا، والذي قلت فيه يوم أمس الجمعة الموافق ٢٦-٢-٢٠٢١ وهو بالمناسبة يوم ذكرى رحيل زعيم فلسطين الكبير ومؤسس منظمة التحرير الفلسطينية أحمد الشقيري، وكذلك هو يوم ذكرى اغتيال القائد العربي الناصري اللبناني معروف سعد الذي قاتل في المالكية مع الزعيم الخالد جمال عبد الناصر دفاعا عن فلسطين سنة ١٩٤٨، قلت التالي يا شيخ عكرمة:
يا شيخ عكرمة صبري!
قضية فلسطين التي هي جغرافياً جنوب سوريا، أي جنوب الهلال الخصيب وسوريا الكبرى، بلاد الشام، هي قضية سوريا منذ ما قبل سايكس وبيكو، منذ الاستعمار العثماني لبلادنا باسم الاسلام والخلافة العثمانية التركية الاسلامية. لقد قدمت سوريا لفلسطين آلاف الشهداء منذ ذلك الوقت وحتى عصرنا الحالي. فهناك آلاف الشهداء السوريين، الذين سقطوا في صفوف الثورة الفلسطينية المعاصرة وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية. وتكاد لا تخلو عملية استشهادية فلسطينية نفذت من خارج حدود فلسطين المحتلة من سوريين. والنظام السوري الذي علاقتنا معه كحركة وطنية فلسطينية شهدت مد وجزر ومواجهات ساخنة هو النظام العربي الوحيد الذي يعامل الفلسطيني اللاجئ مثل المواطن السوري. وهو الذي لم يستسلم لمعسكر أميركا والكيان الصهيوني.. وهو الذي احتضن الفصائل الفلسطينية كافة ومنها حركتي حماس والجهاد الاسلاميتين، يوم رفضت احتضانهما أي دولة عربية أو اسلامية باستثناء ايران، خوفاً من غضب الولايات المتحدة الأمريكية وربيبتها وصنيعتها “اسرائيل”. حركة حماس خذلته لكنها مؤخراً تداركت الخطأ الذي ارتكبته وعادت الى طريق الصواب، فقد تخلت عنها كل من قطر وتركيا ولم تتحملا الضغط الأمريكي الصهيوني عليهما بسبب علاقتهما بها مع أنها برأيي علاقات مشبوهة لا تخدم المقاومة في فلسطين. أيقنت حماس أن للمقاومة محور لا يمكن لمن يريد المقاومة أن يكون خارجه. هذا المحور يمتد من بيروت ودمشق وطهران وصولا الى اليمن والعراق وفلسطين مدعوماً من الجزائر وكوبا وفنزويلا وبوليفيا وشرفاء وأحرار العالم أجمع.
يا شيخ عكرمة! تصريحكم يوم أمس بصراحة يذكرني بالمثل العربي الذي يقول: “رايح على الحج والناس راجعة”.
يا شيخ عكرمة هناك أحبة لك لا يرضون لك مثل هذه المواقف والسقطات .. ولا يريدون لك أن تنتهي في قفص السلطان أردوغان.
نضال حمد ٢٧-٢-٢٠٢1
يا شيخ عكرمة عُد لصوابك