يوم القدس العالمي
نضال حمد
كان من المفروض والمنطقي أن يحتفل العالم الإسلامي أجمع بيوم القدس العالمي لكن ولأسباب سنأتي على ذكرها صار من المتعارف عليه إجراء الاحتفال من قبل إيران ومعها المنظمات والأحزاب المحسوبة عليها أو الموالية لها دينيا (شيعياً ) أو سياسياً.
يوم القدس العالمي الذي دعا له وأعلن عنه الراحل الأمام آية الله الخميني زعيم الثورة الإسلامية الإيرانية، بغية أن يصبح يوماً عالمياً للقدس في كل عام في آخر يوم جمعة من شهر رمضان المبارك.
اختار الإمام الخميني هذا الشهر لأنه شهر العطاء والإيمان عند كل مسلم. ففي رمضان تكون أمة الإسلام يقظة ومستنفرة ومستعدة وجاهزة، تحيي الشهر الكريم.
أما الهدف الأساسي من هذه الإعلان هو تذكير الشعوب الإسلامية والعربية ودول ومجتمعات العالم أجمع بأن القدس محتلة منذ حزيران – يونيو 1967. وبأن واجب كل إنسان حر ومؤمن بحرية الآخرين ويرفض الاحتلال والظلم والقهر أن يقف مع الشعب الفلسطيني في نضاله العادل والمشروع لاسترداد حقوقه وأرضه المغتصبة.
لم يكن الهدف منها أن تكون مناسبة “فارسية” أو “شيعية” تقوم بإحيائها إيران وحزب الله. أو حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين حليف ايران، وغيرها من المحسوبين على هذا المعسكر. بل كان المطلوب أن تتحرك الأمة العربية ومعها الشعوب الإسلامية وأصدقاء فلسطين في العالم بهذه المناسبة من أجل إبراز حقيقة الأوضاع في فلسطين المحتلة وتعرية زيف الصهاينة المحتلين ومن يعاونهم ويساعدهم على استمرار احتلالهم لفلسطين.
إن يوم القدس العالمي هو يوم للتذكير بالكارثة التي حلت بشعب فلسطين ويوم للتذكير بالنكبة التي لحقت به وبالنكسة التي أتت على القدس ومقدساتها وناسها… ويوم للتذكير بالجرائم البشعة التي ارتكبتها عصابات الصهاينة من اليهود المستوطنين القادمين من أوروبا وأمريكا، حيث كانوا يتلقون الدعم والإسناد من بريطانيا العظمى وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية وغالبية دول أوروبا.
هذا اليوم أُريد له أن يكون يوما لشحذ الهمم وشد العزائم وتعبئة الناس ليوم سيأتي وتصبح فيه القدس محررة من رجس الصهاينة. لكن أصحاب العقول المقفلة والتفكير الضيق رأوا في هذه الدعوة ما لا يراه إلا المذهبيين والطائفيين. رأوا فيها دعوة تخجلهم وتربكهم لأنهم أذناب للشيطان الأمريكي. وملتزمون بنفس الوقت بمعاهدات وعلاقات تجارية وسياسية ودبلوماسية مع الاحتلال الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية. هذه التي بدورها تحتل العراق وتحاول حصار وخنق إيران.
فبدلاً من أن يتذكروا ويُذَكِروا أن هذا اليوم هو يوم فلسطين وقدسها وناسها وهو يوم للتذكير بأن على كل عربي ومسلم واجب الجهاد في سبيل تحرير القدس. يقوم هؤلاء بالتنسيق مع الصهاينة والأمريكان بشن الحملات الدعائية التي تحاول تصوير إيران على أنها الخطر الأكبر على الأمة العربية ووحدتها. وكأن أمة العرب بحكوماتها وأنظمتها موحدة وماشالله عنها. ويتجاهلون الخطر الحقيقي والكاسر المتمثل بالاحتلالين الصهيوني في فلسطين والأمريكي في العراق. ويتجاهلون الدور الكبير الذي لعبته إيران في انتصار المقاومة اللبنانية على الاحتلال الصهيوني. ودورها في دعم وإسناد سوريا آخر القلاع العربية الصامدة بوجه المخطط الصهيو- أمريكي.
لو أن الدول العربية قدمت للشعب الفلسطيني وانتفاضته مثلما قدمت إيران للبنان لكان شعب فلسطين استطاع بنفسه وبالدعم المذكور تحرير أجزاء هامة من أرض فلسطين.
في يوم القدس نُذكِر بأن المأساة الفلسطينية مستمرة ودرب الآلام الفلسطيني طويل، وتداعيات النكبة الفلسطينية لا تزال مستمرة وواضحة نراها في مخيمات اللجوء والشتات. حيث يهان الفلسطيني ويتم امتهان كرامته وقتله وتصفيته وإرهابه وتهجيره وصولاً حتى البرازيل كما حصل مع فلسطينيي العراق. ففي هذا اليوم العالمي ما تزال جموع اللاجئين الفلسطينيين في العراق تتعرض للإرهاب والقتل اليومي والتصفية والتهجير والترحيل.
وفي مخيمات لبنان هناك أيضاً فلسطينيون يعيشون أوضاعاً مزرية وصعبة جداً في ظل قوانين عنصرية لا تسمح لهم بممارسة حقوقهم المدنية. حتى بعضهم أصبح لاجئاً لعدة مرات بعدما فقد مخيمه وسكنه ومعنى الحياة في بلاد العرب.
وفي فلسطين المحتلة، في القدس وغزة والضفة، هناك شعب يواجه ويقاتل ويقاوم ويصبر ويعطي ويصمد ويقدم التضحيات على مذبح التحرير والعودة. أما في المقابل فهناك قيادة سياسية مهيمنة على السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية لا تخجل من تحالفها المعلن والواضح مع الكيان الصهيوني والإدارة الأمريكية. فبحجة الانقلاب الذي حسمت فيه حماس أمر قطاع غزة صارت هذه القيادة تقامر علناً بالحقوق الفلسطينية. و تحاول تشكيل دائرة أو وزارة للمغتربين الفلسطينيين في منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية تتماشى عملياً مع المشروع الصهيوني الأمريكي القاضي بتوطين اللاجئين الفلسطينيين حيث هم أو في مناطق أخرى من العالم. وبهذا يتحول بعضهم إلى مغتربين فلسطينيين في العالم وتنتهي قضية اللاجئين. وبنفس الوقت يتخلون عن القدس التي اجتاحها الاستيطان والتهويد والجدار. لكن هل سيسمح الشعب الفلسطيني المجرب والخبير بأن تمر هذه المؤامرات؟
في يوم القدس العالمي نقول للشعب الفلسطيني الحي الذي يتحدى الموت والإرهاب يومياً ويناضل ويواجه ويقاوم بدون أي سند ودعم عربي أو إسلامي حقيقي.
نقول له: عليك أيها الشعب الفلسطيني من أجل حماية الوطن والحقوق وصيانة القدس وحق العودة الشرعي والمقدس والممكن، أن تبدأ بتنظيف فلسطين ومنظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية من المشبوهين والمهزومين والفاسدين والمنبطحين والمستسلمين. وأن تدعو كل الفصائل والقوى والشخصيات الوطنية والإسلامية الفلسطينية للحوار وإيجاد منفذ يخرج القضية من الأزمة التي تعيشها. خاصة أن الفاسدين والمهرولين وضعوا كل بيضهم في سلتي كوندي وليفني.
Wednesday 10-10 -2007
نضال حمد مدير موقع الصفصاف في أوسلو