مأثرة جهادية للدفاع عن القضية الفلسطينية وعروبة القدس
بقلم : أكرم عبيد
نستقبل اليوم يوم القدس العالمي والعدو الصهيوني يرتكب أبشع جرائم الحرب بحق الشعب الفلسطيني المظلوم في قطاع غزة المحاصر متوهما أن الصمت والتواطؤ العربي والدولي قد يسلهم في كسر إرادة شعبنا وقواه المقاومة التي ردت على العدوان الصاع صاعين لتبدع معادلة عي مواجهة العدوان والطغيان الصهيوني الند بالند مع مجرمي الحرب الصهاينة .
وهذا ما يفرض على شعبنا الفلسطيني وكل شرفاء امتنا إحياء هذه المناسبة الوطنية الفلسطينية ببعدها العربي والإسلامي والتحرري العالمي لنحولها لمناسبة للغضب الشعبي على الصعيد العالمي لمحاصرة أهداف العدوان الصهيوني السياسية والعسكرية التي أسقطتها المقاومة الفلسطينية بجبروتها وصمودها الأسطوري وستفرض شروطها على العدو رغم انف نتنياهو وشركائه الأمريكان وعملائهم الصغار في المنطقة بعم ومساندة محور المقاومة والصمود من دمشق حاضنة المقاومة وصانعة انتصاراتها إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية والمقاومة الباسلة في لبنان .
وفي كل الأحوال إن يوم القدس العالمي كان وما زال ثمرة طيبة ثمرات انتصار الثورة الإسلامية الإيرانية منذ أربعة وثلاثين عاما خلت بزعامة سماحة الإمام القائد الخميني رحمه الله كان حدثاً مميزاً في المنطقة وشكل تحول عالمي و مفصل تاريخي ما بين عصر التبعية للاستكبار الصهيوني الأمريكي وعصر التحرر والاستقلال الوطني بعدما تحطمت أعظم إمبراطورية في الشرق التي شكلت أعظم ركائز تحالف الشر العالمي الصهيوامريكي ونقل الشعب الإيراني العظيم من دائرة التبعية للعدو إلى الدائرة الوطنية التحررية والإسلامية المقاومة و الانتصار للقضايا الإسلامية والتحررية العالمية العادلة وفي مقدمتها قضية فلسطين التي حازت على مكانة مميزة و هامة في قلب وعقل الإمام القائد قبل وبعد انتصار الثورة الشعبية الإيرانية الذي أطلق العنان لمآثره الجهادية والأخلاقية منذ اللحظة الأولى لوصوله ارض الوطن بتاريخ السابع من آب عام 1979 من المنفى ليعلن انتصار الثورة وقال ( الحمد لله اليوم إيران وغداً فلسطين ) بعدما وصف الكيان الصهيوني المحتل بأنه غدة سرطانية يجب إزالتها من الوجود بالقوة ليستعيد الشعب الفلسطيني حقوقه الوطنية والتاريخية المغتصبة في فلسطين كل فلسطين وعاصمتها القدس. وقد اعتبرت الجماهير الإيرانية الثائرة هذه المقولة رسالة لها لتتوجه لوكر الجاسوسية العالمي الممثل بسفارة الكيان الصهيوني وتسقط العلم الصهيوني وتحرقه وترفع العلم الفلسطيني وتعلن للعالم اجمع تحويل هذه السفارة إلى أول سفارة لدولة فلسطين في العالم .
ولم يكتفي بذلك بل تعمد إعلان يوماً عالمياً للقدس في أخر جمعة من شهر رمضان المبارك بعدما وضع كل الأمور في نصابها أمام العرب والمسلمين وأحرار العالم ليتحملوا المسؤولية الأخلاقية تجاه القضية الفلسطينية بشكل عام وقضية القدس بشكل خاص بسبب المخاطر الجدية التي تتهددها .
لذلك فقد تجاوزت هذه المآثر الجهادية حدود الجمهورية الإسلامية إلى مختلف بلدان العالم لتصبح منهجاً أممياً تتبناه كل الشعوب المقاومة وحركاتها التحررية العالمية وأصبحت في جوهرها ومضموننا مشروعاً تحريرياً عالمياً يقرع جرس الإنذار بشكل مبكر بعد التهديدات الجدية للمقدسات الإسلامية والمسيحية .
لكن القدر غيب الإمام القائد في أوج عطائه وبالرغم من ذلك استمرت مفاعيل وتفاعلات الثورة الإسلامية بقيادة خلفه المجاهد سماحة الإمام علي الخمنائي وعلى نفس المنهج والمبدأ الثوري الخلاق في دعم ومساندة قضايا الأمة العادلة وفي مقدمتها قضية فلسطين التي كانت وما زالت تتعرض للمحاولات الصهيوأمريكية لتصفيتها مستغلين حالة الانقسام الخطيرة بين أبناء شعبنا وامتنا وتداعياتها لطرح المزيد المبادرات الصهيوأمريكية القديمة الجديدة التي ترافقت مع تحركات السلطة الفلسطينية المشبوهة وبعض الأنظمة العربية المهرولة وخاصة اللقاءات السرية والعلنية مع مجرمي الحرب الصهاينة والتي تمهد لطرح مبادرة الرئيس الأمريكي اوباما في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة لحل ما يسمى الدولتين نهاية أيلول الحالي كمقدمة لعقد مؤتمر دولي في شرم الشيخ لشطب وتصفية القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني وفي مقدمتها حق عودة أكثر من سبعة ملايين لاجئ في الشتات بعد الضغوط الصهيوأمريكية على هذه الأنظمة المعتلة للاعتراف بيهودية الكيان الصهيوني وحسم موضوع القدس كعاصمة أبدية للكيان الصهيوني المصطنع في فلسطين المحتلة وفي مقدمتها سلطة معازل أوسلو مقابل كيان فلسطيني هزيل في معازل مقطعة الأوصال وبلا سيادة على 40% من أراضي الضفة الغربية المحتلة وهذا حاجة صهيونية أمريكية ضرورية وملحة للخروج من المأزق الأمني والسياسي و الاقتصادي المتفاقم الذي فرضته عليهم قوى المقاومة الباسلة بصمودها الأسطوري من فلسطين إلى لبنان إلى العراق وأفغانستان بدعم مساندة كل شرفاء الأمة وفي مقدمتهم سورية والجمهورية الإيرانية الإسلامية .
وهذا ما يثبت صحة رؤية الإمام الراحل الذي شخص طبيعة المخاطر الجدية التي تتهدد القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني المظلوم وفي مقدمتها قضية القدس أولى القبلتين وثالث الحرمين ليوحد شرفاء الأمة وأحرار العالم في جبهة عالمية واحدة للدفاع عنها بشكل مبكر ويذكرهم بواجبهم الديني والإنساني والأخلاقي تجاه هذه القضية العادلة وخير ما يثبت تخوفات سماحة الإمام القائد ما قاله مؤسس الحركة الصهيونية تيودور هرتزل قبل إعلان قيام الكيان الصهيوني المصطنع بعشرات السنين حول القدس: «إذا حصلت يوماً على القدس.. فسوف أزيل ما هو غير مقدس لدى اليهود. وسوف أحرق الآثار التي مرت عليها قرون». وقد أخذ اليهود بنصيحته. وقاموا بحرق الأقصى عام 1969 ووضعوا الخطط لهدمه وبناء هيكلهم المزعوم وخاصة بعدما توحد اليمين الصهيوني المتطرف والأحزاب والقوى العنصرية الدينية التي تنهل من أيديولوجية عنصرية واحدة .
وبالرغم من هذا السلوك العنصري الصهيوامريكي تعمد بعض سماسرة الأمة من ضعاف النفوس والضمائر تشويه هذه المأثرة الجهادية لسماحة الإمام الخميني ومواقفه الخلاقة التي جسدت المقولة الشهيرة للإمام علي ابن أبي طالب كرم الله وجهه عندما قال :
( كونوا للمظلوم عوناً وللظالم خصماً )
وهذه المبادرة بصراحة أحرجت معظم الأنظمة العربية والإسلامية المرتبطة بالمشروع الصهيوني أمريكي وفي مقدمتهم النظام المصري الذي اخرج مصر من معادلة الصراع العربي الصهيوني بموجب اتفاقيات كامب ديفيد الخيانية التي أسست لانقسام الأمة العربية ومهدت الطريق لتوقيع اتفاقيتي أوسلو ووادي عربة التصفوية والتي شجعت مجرمي الحرب الصهاينة على التهام المزيد من الأراضي الفلسطينية المحتلة لبناء وتوسيع المستعمرات وجدار الفصل والعزل العنصري ومصادرة مئات المنازل وبعض إحياء القدس وتدميرها وتشريد سكانها العرب الفلسطينيين لتهويدها بتواطؤ معظم النظام الرسمي العربي والدولي
لكن شرفاء الأمة العربية والإسلامية وفي مقدمتها الجمهورية الإسلامية الإيرانية بقيادة سماحة الإمام الخمنائي وسورية قلب العروبة النابض بقيادة الرئيس بشار الأسد كان ومازال صوتهم وممارساتهم على ارض الواقع عالياً ومرتفعاً في مناهضة المشاريع والمخططات العدوانية التي لعبت دوراً ريادياً ومميزاً في دعم ومساندة قوى المقاومة في مواجهة العدو الصهيوامريكي وفي مقدمتها المقاومة الصامدة الباسلة في فلسطين ولبنان التي قاومت الغزاة من عدوان تموز العالمي على لبنان عام إلى عدوان الكانونيين بداية لعام 2009 حتي العدوان الحالي المستمر عبر جرائم الحرب بحق المدنيين الأبرياء لكن شعبنا صمد بمقاومته الأسطورية التي مرغت انف جنرالاتهم وكل من راهن عليهم في لوحل غزة المقدس رغم شراسة الحصار .
لذلك فإن الهدف الحقيقي من إعلان يوم القدس العالمي لسماحة الإمام الراحل لم يكن مناسبة إيرانية لإحيائها ولا حتى إسلامية لأنه يدرك أن القدس فيها معالم دينية مسيحية فأعلن يوم القدس يوماً عالمياً وهذا ليس موقفاً للمزايدة على احد بل مبادرة لحشد طاقات وإمكانيات كل شرفاء الأمة وأحرار العالم لحماية القضية الفلسطينية والمقدسات الإسلامية والمسيحية من المخاطر الجدية التي تتهددها وفضح الممارسات الإجرامية الصهيونية الدامية التي تستهدف الشعب الفلسطيني ومقدساته التي تتعرض للمساس تحت الاحتلال منذ اغتصاب فلسطين عام 1948حتى اليوم .
لذلك إن المبادرة صحيح كانت إيرانية خلاقة ويشكر عليها سماحة الإمام ونترحم عليه لكنها أصبحت في الحقيقة والواقع يوما وطنياً فلسطينياً بشكل خاص ومناسبة عربية إسلامية تحررية عالمية بشكل عام ويجب إحيائها والحشد لها لان القدس تستحق كما تسحق فلسطيننا المحتلة من نهرها إلى بحرها .
لذلك فإن هذا هو سر الموقف الصهيوامريكي من الجمهورية الإسلامية الإيرانية وقيادته المجاهدة الداعمة للقضية الفلسطينية العادلة ولو قبلت القيادة الإيرانية فك ارتباطها بالشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية وقواه المقاومة لامتلكت القنبلة النووية دون تدخل خارجي من احد .