2016: عام الاستيطان وهدم البيوت والاعتداءات على الأقصى
مؤسسة القدس الدولية تطلق تقريرها السنوي “حال القدس 2016” في مؤتمر صحفي:
عقدت مؤسسة القدس الدولية اليوم الأربعاء29/3/2017 مؤتمرًا صحفيًا بعنوان “القدس 2016: تصاعد التهويد وتراجع التضامن” لإطلاق تقرير حال القدس السنوي لعام 2016، وذلك في العاصمة اللبنانية بيروت، بحضور حشد من مسؤولي القوى والأحزاب والهيئات والشخصيات الأكاديمية والسياسية والإعلامية والدينية والمنظمات الفلسطينية واللبنانية.
وافتتح المؤتمر معالي وزير الداخلية اللبناني الأسبق، ونائب رئيس مجلس أمناء مؤسسة القدس الدولية الأستاذ بشارة مرهج، مشددًا على أن مشروع نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة يعد انحيازًا تامًا للكيان الصهيوني، وسيخلق مناخات متفجرة تصب الزيت على النار المشتعلة ولا تخدم سوى النهج الصهيوني العنصري المتطرف وتكرس غطرسة الاحتلال.
وأكد مرهج الموقف الثابت للعرب والمسلمين وأحرار العالم بأن القدس أرض فلسطينية محتلة لن يغيّر من تاريخها أو واقعها أي خطوة يقوم بها أي طرف سواء الاحتلال أو أي دولة أخرى في العالم، وستظل قبلة للنضال الوطني الفلسطيني.
ثم كانت الكلمة لمدير عام مؤسسة القدس الدولية الأستاذ ياسين حمّود عرض فيها خلاصات تقرير حال القدس السنوي لعام 2016 الصادر عن المؤسسة.
وقال حمود:” تميّز عام 2016 عن غيره بأنّه شهد أعلى أعداد لمقتحمي الأقصى منذ 50 عامًا من احتلاله، حيث وصل عدد المتطرفين اليهود الذين اقتحموا المسجد خلال عام 2016 إلى 14806، وارتفعت نسبة المقتحمين بنسبة 28% عن عام 2015، وبنسبة 150% تقريبًا عن عام 2009″.
واحتفلت المنظمات اليهوديّة المتطرفة بهذه الزيادة فيما لوحظ تراجع عدد مقتحمي المسجد الأقصى من “السياح” بنسبة 41% من عام 2009 إلى 2016.
وقال حمود:” إن سلطات الاحتلال أبعدت نحو 258 فلسطينيًا عن المسجد الأقصى المبارك، من بينهم 23 سيدة، و 25 قاصرًا، و45 من كبار السِّنّ، و11 من موظفي دائرة الأوقاف الإسلامية، وما زالت سلطات الاحتلال تمنع نحو 60 مرابطة مقدسيّة من الدخول إلى الأقصى منذ منتصف شهر آب/أغسطس 2015 حتى كتابة هذا التقرير، ويُصطلح على تسمية هؤلاء المرابطات “القائمة الذهبيّة” ردًّا على الاحتلال الذي أطلق عليهنّ اسم “القائمة السوداء”.
وأضاف:” لقد بلغ عدد الحفريّات الإسرائيليّة أسفل المسجد الأقصى وفي محيطه حتى 1/8/2016 نحو 63 حفريّة أخطرها تلك الحفريات والأنفاق التي تمتد من سلوان جنوب البلدة القديمة إلى باب العمود في السور الشمالي للبلدة القديمة وتسير أسفل الأقصى بمحاذاة سوره الغربيّ، وقد شاركت وزيرة الثقافة ميري ريفيف في افتتاح نفق من سلوان إلى باب المغاربة ما يعكس التبني الرسمي للحفريات.
أما على صعيد البناء التهويدي في منطقة الأقصى، أشار إلى أن عام 2016 كان حافلًا بالمشاريع والمباني والمرافق التهويدية الرامية إلى تغيير وجه القدس العربي والإسلامي ليصبح يهوديًّا. حيث شرعت سلطات الاحتلال في بناء الطبقة الرابعة من مشروع “بيت شتراوس” التهويديّ الواقع شمال ساحة البراق على بعد 50 مترًا من السور الغربي للأقصى.
وأكد حمود تراجع عدد المسيحيين في القدس ليصل إلى 10000 بعدما كان عددهم نحو 70000 عام 1979، وهذا العدد يشكل ما نسبته 1% فقط من نسبة السكان المقدسيين.
وأوضح أن عام 2016 قد شهد إعلان سلطات الاحتلال عن مخططات وعطاءات ومنح تراخيص لنحو 18257 وحدة استيطانية جديدة في القدس، حيث زاد الاستيطان في القدس بنسبة نحو 40% بالمقارنة مع عام 2015. وازداد عدد المستوطنين في القدس بنسبة 40% منذ عام 2009 حتى تشرين أول/أكتوبر 2016، فيما ارتفع عدد المستوطنين في البلدة القديمة وحدها بنسبة 70% خلال السنوات السبع الماضية.
وقال حمود:” إن أحد أخطر المخططات التهويديّة يحمل اسم “وجه القدس- المدينة الحديثة”، ويهدف إلى بناء أبراج وأسواق ومرافق ضخمة في المدخل الرئيس للقدس من الجهة الغربية”.
وتابع مدير عام المؤسسة المتخصصة في الشأن المقدسي:” لقد شهد عام 2016 أعلى نسبة هدم منازل في القدس منذ 9 سنوات حيث هدم الاحتلال نحو 190 بيتًا، و121 منشأة تجارية وصناعية وزراعية، وأصدر نحو 227 أمر هدم.
وأضاف حمود:” اعتقل الاحتلال نحو 2029 مقدسيًّا بينهم نساء وأطفال قاصرون ومسنّون وشباب خلال عام 2016، فيما يقبع نحو 40 مقدسيًّا في قيد الحبس المنزلي محرومًا من المدرسة والجامعة والمستشفى والسفر والخروج من البيت، وما زال 515 أسيرًا مقدسيًّا يقبع في سجون الاحتلال مع انتهاء عام 2016، أقدمهم عميد الأسرى المقدسيين سمير أبو نعمة الذي مضى على اعتقاله 30 عامًا”.
وعلى مستوى التفاعل العربي مع القدس، قال حمود:” لقد شهدت العلاقات العربيّة مع الاحتلال تناميًا خلال 2016، حيث يتجول مسؤولون إسرائيليون في العالم العربي بوتيرة غير مسبوقة والعكس كذلك، وعلى المستوى الفلسطيني أوضح حمود أن السلطة الفلسطينيّة اعتبرت الانتفاضة تخلّ بمسار التسوية، وعملت على تعزيز التنسيق مع الاحتلال عبر ما يدعى بـ “التنسيق المدني” إلى جانب الأمني، في إطار التنسيق الاجتماعي والاقتصادي، في حين تتجنب السلطة الدخول في معركةٍ سياسيّة مع الاحتلال حول إمكانية إجراء الانتخابات المحليّة في القدس المحتلة، مع أن محاولة إجراء أي انتخابات، سوف يذكّر العالم بأن القدس مدينةٌ محتلة”، مؤكدًا أن تفاعل الفصائل الفلسطينية مع المستجدات في القدس شكل نموذجًا للتعامل عبر ردات الفعل من خلال بيانات الشجب والاستنكار، ومباركة العمليات الفرديّة، حيث تماهت الفصائل الفلسطينية مع خطاب السلطة من حيث دعوة الجهات العربية والدولية إلى تحمل المسؤولية والتهديدات في حال تصعيد الاحتلال من اعتداءاته، من دون القدرة على التحرك بفاعلية تتناسب مع حجم التهويد في القدس.
وقال حمود :” على الرغم من غياب الدعم العربي والإسلامي علاوة على انضمام السلطة الفلسطينية إلى الاحتلال في جهود إنهاء انتفاضة القدس، تمكن فلسطينيون من تنفيذ عمليات نوعية كلما نجحوا في تجاوز الإجراءات الاستخبارية والميدانية المفروضة من قوات الاحتلال وأمن السلطة الفلسطينية، وقدم الشعب الفلسطيني منذ اندلاع انتفاضة القدس في تشرين أول/أكتوبر 2015 حتى نهاية عام 2016، 271 شهيدًا منهم 126 استشهدوا خلال عام 2016، ونرجح استمرار الانتفاضة خلال عام 2017″.
وفي توصيات التقرير قال حمود:” ندعو إلى نبذ اتفاقية أوسلو وإعادة ترتيب الواجبات الفلسطينية وفق سلم الأولويات، والبدء من التنسيق الأمني الذي لم يجرّ على الفلسطينيين إلا المزيد من القتل في حين ترتهن عناصر الأمن الفلسطيني للاحتلال ضد أبناء الوطن وضد المشاركين في أي عمل مقاوم، والجدّية في إنهاء حالة الانقسام الفلسطيني ووضع المصلحة الوطنية فوق المصالح الضيّقة للسلطة أو للفصائل، وذلك لضمان مشاركة شاملة في عملية صنع القرار.
وطالب حمود دعم انتفاضة القدس في وجه الاحتلال بما هي عنصر قوّة في الصّراع مع الاحتلال بدلاً من السعي إلى القضاء عليها وإخمادها لما تشكله من خطر على أمن الاحتلال، ودعم الدور الذي يقوم به الفلسطينيون في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 لجهة الرباط في الأقصى وعمارته.
كما طالب مدير عام المؤسسة إلى استعادة محورية القضية الفلسطينية على المستوى العربي والإسلامي وقطع الطريق على “إسرائيل” في مساعيها إلى سحق الحق الفلسطيني تحت عجلات التطبيع، والجدية في دعم القدس على المستوى المادي، وتفعيل الصناديق التي أنشئت لدعم القدس والمقدسيين.
حمود بالمطالبة بوضع استراتيجية إعلامية قادرة على حشد الرأي العام خلف قضية القدس ونصرتها، وتسليط الضوء على جرائم الاحتلال، والاستفادة من منصات التواصل الاجتماعي في هذا السياق ولكن من دون تحويل هذه المنصات إلى ساحات لتنفيس الغضب والاكتفاء بالمقاومة الإلكترونية.
وعلى مستوى الاتجاهات والمآلات، رجحت المؤسسة استمرار السلطة في التنسيق مع الاحتلال بشقيه “الأمني” و “المدني”، حيث تصوره دوائر مقربة من السلطة بأنه الشريان القادر على إبقاءها على قيد الحياة، حيث من المتوقع تنامي هذا الإطار من التنسيق خلال 2017 بشكلٍ أكبر، وعلى الرغم من غياب العوامل الخارجية الدّاعمة لانتفاضة القدس وسعي الاحتلال مع السلطة إلى القضاء عليها، إلا أنّ الحراك يملك من العوامل الموضوعية والذاتية التي تجعل استمراره مرجحًا مع استمرار الاحتلال وتصعيد سياساته التهويدية على المستويين الديني والديمغرافي.
ورجح مدير عام المؤسسة تصاعد التودد العربي والإسلامي لدولة الاحتلال خلال عام 2016، وأن يشهد عام 2017 مزيدًا اللقاءات والعلاقات التطبيعيّة مع الاحتلال، خصوصًا في الأطر غير المباشرة على غرار الفعاليات الدوليّة الرياضيّة والاقتصاديّة، وتعزيزًا لموقع الاحتلال بين ما يسمى الدول العربيّة المعتدلة.
واعتبر حمود أن عدم نقل السفارة الأمريكية إلى القدس محتلة مباشرةً بعد فوز ترامب، لا يشكل تراجعًا بالضرورة عن القرار، بل يأتي في إطار التأجيل إيجاد الظروف المناسبة على الصعيدين الدولي والمحلي – الفلسطيني الإسرائيلي-، ولكون الإطار الأمني لدى الاحتلال يحذّر من مفاعيل القرار وتداعياته من جهة، ولتحافظ الولايات المتحدة على حلفاءها العرب من جهةٍ أخرى، وإعطاء فرصة لعملية السلام برعايةٍ أمريكيّة.
ورجح تقرير المؤسسة أن تعمل الإدارة الأمريكيّة على تهيئة الأجواء العربيّة والإسلاميّة والدوليّة لمشروع نقل السفارة وأن. ومن تتغاضى عن البناء الاستيطاني، وتسعى لإبطال مفاعيل قراري مجلس الأمن رقم 2334 واليونسكو في 18/10/2016 واللذيْن أدانا الاحتلال.
لتحميل التقرير كاملًا … اضغط على هنا