موسى الجريس أبو جورج من البصة الى مخيم ضبية فالنرويج – نضال حمد
لم يتمكن العم أبو جورج – موسى الجريس من الانتظار إلى ما بعد عيد الميلاد ليودع عائلته وأحفاده وشجرته المزينة بأعلام فلسطين، وطنه الذي لازال تحت الاحتلال الصهيوني. فقد اختطفه الموت فجر هذا اليوم بعد معاناة رهيبة مع مرض العضال الذي فتك بجسده.
لم يتمكن أبو جورج البصاوي إبن بلدة البصة في أقصى شمالي فلسطين المحتلة من مواصلة المشوار حتى العودة والتحرير ومشاهدة سوريا الكبرى تعود حاضنة للهلال الخصيب ولبلاد الشام.. كما كان يتمنى في حياته.
لم ينتصر في كفاحه على المرض اللعين، الخبيث والعضال .. وقليلون هم الذين انتصروا على المرض اللعين… فقد استسلمت روحه لباريها وعادت الى كنيسة ومقبرة البصة الباقيتان شاهدتان على نكبة شعب فلسطين. عادت الروح حاملة معها روحها الى حيث انبعثت قبل النكبة.
في أعقاب النكبة عاش عمنا أبو جروج في مخيم ضبية شرق بيروت وهو واحد من أصغر مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان. عندما اندلعت الحرب الأهلية اللبنانية ارتكبت عصابات الارهاب الفاشية والانعزالية جرائم مروعة بحق سكان المخيم. على إثر ذلك نزحت عائلته الى بيروت الغربية واستقرت هناك…
في حصار بيروت سنة ١٩٨٢ قضى بعض أفراد العائلة في الغارة الصهيونية البشعة التي استهدفت عمارة قطن فيها مهجرو مخيمي ضبية وجسر الباشا في منطقة الصنايع، كنت شاهداً على الغارة حيث تصادف وجودي بقربها لحظة الغارة، برفقة قائدين فلسطينيين كادا يستشهدان فيها وهما ياسر عرفات “أبو عمار و”طلعت يعقوب “أبو يعقوب” اللذان رحلا عن عالمنا فيما بعد.
أول مرة تعرفت على موسى الجريس كانت في الفاكهاني ببيروت بداية الثمانينيات من القرن الفائت وكان محسوباً على الجناح اليساري في حركة فتح. أذكر أنه نشر نصاً قصيراً في جريدة “رصيف 81” وكان رئيس تحريرها الشاعر الشهيد فيما بعد علي فودة. جمعت أبي جورج علاقة صداقة مع الصديق المشترك والرفيق يوسف المقدح – أبو نضال الأشقر- أمين عام جبهة التحرير الفلسطينية وخليفة طلعت يعقوب وعلي إسحق في قيادة الجبهة. واذكر أنه في أول لقاء لنا بالنرويج بداية تسعينيات القرن الفائت سألني عن أبي نضال.
تعرفت على أبي جورج أكثر وأكثر في النرويج حيث كان يعمل في اتحاد نقابات موظفي ومستخدمي وعمال النرويج. كما كان أيضا عمل في قيادة الاتحاد العام لعمال فلسطين لسنوات عديدة. ساهمنا معاً في بعض النشاطات لصالح القضية الفلسطينية وكان الراحل متعاوناً ومساعداً فيما يخص أية تسهيلات للعمل لصالح فلسطين ضمن إطار عمله في النقابات النرويجية. وشارك في عدة نشاطات ثقافية وسياسية أقامتها الجالية الفلسطينية في النرويج في عهد رئاستي للجالية.
بوفاة العم أبو جورج، القومي السوري، الفلسطيني الفتحاوي، البصاوي ابن المخيم والمنافي تنتهي حقبة من حياتنا في النرويج، رافقنا فيها الراحل في العمل الوطني والتضامني والنقابي.
تعازيي الحارة لأخي جورج ولعائلته ولكل أحباب موسى الجريس.
* هذه الصورة التقطتها أنا بنفسي في اوسلو خلال تظاهرة كبيرة لنصرة فلسطين ويظهر فيها الراحل أبو جروج والراحل شيل بيغستاد وصديق فلسطين النقابي تيريه ..
نضال حمد
٢٢-١٠-٢٠٢٢