الاسم الحركي: “داعش”! – ثريا عاصي
الغاق. كلما سمعت اسم هذا الطائر، تذكرت الحرب على العراق، أسموها حرب «تحرير الكويت» في سنة 1991. آنذاك استخدمت الحملة الدعائية في فرنسا مشاهد عن كارثة بيئية طاولت الشواطئ الفرنسية، وتحديدا صورة يظهر فيها طائر الغاق وهو يتخبط في طبقة نفطية تغطي سطح ماء البحر بالقرب من السواحل. قالوا للمشاهد الفرنسي هذه صورة طائر يحتضر في مياه الخليج، التي أفرغ فيها صدام حسين كميات كبيرة من النفط!
المفارقة هنا هي في ان جميع الذين حرضوا وأيدوا وأمدوا العراق في الحرب التي شنتها حكومته على إيران، بعد سقوط الشاه وانتصار الثورة الإسلامية فيها (1980 ـ 1988)، شاركوا بعد ذلك في الحرب ضد العراق. فرضوا على العراقيين الحصار والتجويع، ثم غزوهم، وارتكبوا المجازر ضدهم ودمروا بلادهم. دولة داعش، دولة الشيعة ودولة الكرد، تشظى العراق والعراقيون! تشظى الليبيون، الرئيس السوداني أفلت بصعوبة من بين أيدي «المحكمة الدولية» وتمكن من العودة، ربما بعون عاصفة آل سعود، إلى بلاده بعد مشاركته في القمة الافريقية. ديموقراطية متغولة تكتسح بلاداً عربية سكانها فقراء ضعفاء وجهلة!
الأطراف نفسها، التي حاربت مع العراق ثم ضد العراق، تدعي أنها تقوم بواجبها الحضاري في أرساء الديمقراطية وفي مساعدة الناس على انتزاع حريتهم، في البلاد العربية الأكثر تقدما، مقارنة ببلاد شبه جزيرة العرب! أوصلت هذه الأطراف، الديموقراطية المتغولة إلى سوريا وإلى اليمن!
خمس سنوات مضت على بدء الحرب ضد سوريا. عاصفة الحزم مستمرة على اليمن منذ 26 آذار الماضي. المجتمع الدولي يلزم الصمت. جامعة الدول العربية تغط في نوم عميق. أتخمها النفظ ودولار النفط. لا توجد قوة بحسب الظاهر، قادرة على ردع آل سعود عن تمويل الحروب والمشاركة فيها، بشكل مباشر أو غير مباشر، تارة بحجة كفاح المرتدين والمشركين وتارة أخرى باسم الثورة من أجل الديموقراطية والحرية وضد الفساد والطغيان!
في سوريا مثلاً، فإن ثلث الشعب هاجر، هل يوجد شعب في العالم يهاجر ونستمر في تسميته بأنه شعب ثوري؟» (أدونيس). إن الذين دمروا العراق وليبيا ويدمرون اليمن، يدمرون أيضاً سوريا. من المعروف ولا يجب أن ننسى ذلك، أن الغزاة الأميركيين أوكلوا مهمة تفرقة العراقيين إلى شيع وقبائل وعشائر، وتخريب العراق، « إرجاعه إلى عصر الحجر «، إلى الوكالات الأمنية كمثل وكالة «بلاك ووتر» التي ذاع صيتها بعد الهجوم الوحشي على بلدة الفلوجة، والفظائع اللاأخلاقية في سجن أبوغريب، والمجازر كتلك التي وقعت في ساحة النسور في بغداد. القدس عروس عروبتكم!
لقد جندت هذه الوكالات الأمنية الخاصة عشرات الآلاف من المرتزقة، من بلاد العرب ومن أميركا اللاتينية ومن القوقاز ومن أوروبا، في الحرب ضد المجتمع والبنية التحتية في العراق. وتزودت بأحدث الأسلحة من مصانع السلاح الأميركي. فاق عديد جيوش الوكالات الخاصة في العراق، عديد الجيش الأميركي الرسمي. يحظى المرتزقة بموجب القوانين التي وضعها المندوب السامي الأميركي بريمر، على العراق بالحصانة المطلقة. يقتلون وينكلون كما لو أن الهنود الحمر بعثوا من جديد، في العراق.
مجمل القول أني عندما أسمع أن الجيش العربي السوري يتصدى في بعض المواقع لهجمات تشنها قوات معتدية تفوقه عدداً وعدة. فضلاً عن أن هذه الأخيرة تستطيع أن تحارب في آن واحد، انطلاقاً من تركيا ومن الأردن ومن العراق، وانها تستخدم كمثل الوكالات الأمنية في العراق، المركبات العسكرية المدرعة والمدفعية الثقيلة والقذائف الصاروخية، أتساءل أليس محتملا أن تكون وكالة بلاك ووتر الأميركية تسمت باسماء «حركية»، «داعش»، النصرة، جيش الفتح أو الحر… الخ؟! لماذا لا نسمي في بلادنا، الأشياء بأسمائها، ونتلهى بالسجال والمناكفة مع «شيعة السفارة» الأميركية و«سنة» آل سعود!.
“الديار”