المضلَّلون في جيوش الأعداء – ثريا عاصي
الحرب !.. متى هدأت الحرب في بلادنا ؟! يتبدل أطراف النزاع، ولكن الحرب مستمرة، بحيث تصعب معرفة تاريخ بدئها بدقة، دون الرجوع إلى أصحاب الإختصاص. قد يقول قائل لا غرابة في هذا فهنا مهد الإنسانية والحضارات !. من لا يحتمل العنف ويمقت المشاجرة ويأنف العيش منتصراً أو منكسراً، عليه أن يحزم حقيبته ويرحل. الهجرة طريق إلى الإنسانية ! في بلادنا تكثر الولادات وآلامها، ويكثر القتل ذبحاً ووأداً، والصراخ والعويل.
إن الذين يتسببون بالحرب التي تكوينا نارها وتثكلنا أبناءنا وتدمر بنياننا، هم الولايات المتحدة الأميركية وأعوانها في أوروبا. على الأرجح ان خططهم تتضمن العناوين التالية :
ـ الهيمنة على حوض البحر الأبيض المتوسط وعلى شبه جزيرة العرب والعراق حيث يوجد إحتياطي كبير من النفط والغاز.
ـ إن شرق البحر الأبيض المتوسط يحتوي على مخزون من الغاز. لذا يجب منع سوريا ولبنان من إستخراجه في حدود مياههم الأقليمية. لتكون هذه الثروة ملكية للإسرائيليين وحدهم !
ـ إيجاد الظروف والشروط الملائمة لكي يتوكل سوريون ولبنانيون، بالتخلي للإسرائيليين، عن حقوق بلديهم من الغاز الموجود تحت مياهم الأقلية، وإتاحة الفرصة لإمتصاصها إلى خارجها.
ـ تندرج هذه الخطط في سيرورة أوسع، تشمل الصراع ضد الصين وروسيا، بقصد إخضاعهما، بعد إخضاع أوروبا، تحت سلطة معولمة على رأسها الولايات المتحدة الأميركية !
ـ تعتمد هذه الخطط، على تقدم تقني أميركي وأوروبي هائل، بالإضافة إلى إمكانيات مادية غير محدودة. من البديهي أن مليارات آل سعود ومشايخ الخليج، تحسب جزءاً من هذه الأخيرة !
– أخيراً، توجد في بلاد الشرق، كمثل سوريا والعراق ولبنان، وغيرهم بالقطع، مادة بشرية كبيرة من السكان الأصليين، يمكن تجنيدها وتنظيمها في جماعات وعصابات مسلحة، بواسطة أموال آل سعود ومشايخ الخليج من جهة وعن طريق تلقينهم شفهياً، فأكثرهم أميون، نصاً دينياً محرفاً إنتقائياً واستنسابياً.
يكمن أصل المشكلة بحسب رأيي في هذه « المادة البشرية الكبيرة من السكان الأصليين « التي يمكن أن تخدم كيدٍ عاملة أو كجيش أو ميليشيا، لا فرق. يخضع الأمر للعرض والطلب في سوق السياسة، المحلية والدولية. في سنة 1967 إشتعلت حرب بيافرا في نيجيريا، حيث توجد الآن «داعش» تحت إسم «بوكو حرام»، بين «سكان أصليين» تجندوا في جيش الشركة النفطية «شل» من جهة وبين « سكان أصليين « إنضووا تحت راية شركة توتال النفطية. توقف القتال في سنة 1970 عندما اجتمع ممثلو الشركتين في باريس، واتفقوا على تقاسم الثروة النفطية والغازية النيجيرية. المحصلة مليوني قتيل، ملايين المعاقين، مئات البلدات والقرى المحترقة !
كلما تضخمت كتلة السكان الأصلانيين الذين تحولوا إلى مرتزقة ( سلعة ) تعرض نفسها للبيع مقابل أعلى أجر ممكن، بصرف النظر عن هوية المشتري وعن غرض الإستخدام. كلما تضخمت هذه الكتلة، تعاظم الخطر الذي يتهدد الوجود. من نافلة القول أن هؤلاء المرتزقة يعملون في خدمة ربّ العمل الذي يأجرهم، ويدافعون عن مصالحه، في بلادهم. أي ضد جيرانهم وشركائهم في الوطن ! يستتبع ذلك، أنهم سيلحقون في المدى القريب الضرر بذاتهم. إذ ما حاجة رب العمل لهم إذا فرغوا من إحراق المنازل وإفشال المشروع الوطني وذبح العاملين فيه ؟.
تأسيساً عليه، يتوجب البحث عن أسباب تكوين وتحول أعداد كبيرة من السكان الأصلانيين إلى مادة بشرية مطواعة، لعل بالإمكان اكتشاف طريق استعادة هذه الأخيرة وإقناعها بأنه لا يوجد حل غير الرجوع إلى حضن المجتمع ومعاودة العمل مع الشركاء الوطنيين وفي جيش الوطن، بالتلازم مع إصلاح الأخطاء وتقويم الإنحرافات وكفاح الفساد والسفه. في استعادة المضللين من السكان الأصلانيين خدمة لهم وللجماعة الوطنية. إن كل سوري أو لبناني أو عراقي أو فلسطيني، يقاتل مع جماعات آل سعود، أو في صفوف جيوش الوكالات الأمنية الأميركية، هو إنسان مضلل وليس عدواً دائماً. هو يستحق العناية والنصح، حتى لا يقتلنا ويموت ويتلاشى الوطن !
“الديار”