من قتل ماجد أبوشرار؟!
رشاد ابو شاور
طرحت هذا السؤال في مقدمة كتابي( ثورة في عصر القرود)، وحتى اليوم لم (نسمع) جوابا!
أقول: لم نسمع، لأن القضية تخص الشعب الفلسطيني كله، فماجد أبوشرار عند اغتياله كان عضو لجنة مركزية منتخبا في حركة فتح، وتسلّم دورا في ( القطاع الغربي) ، أي العمل العسكري في داخل فلسطين، تحديدا منطقة الخليل.
ماجد أبوشرار كان إعلاميا بارزا، وبدأ حياته قاصا.
عام 1981 في شهر تشرين أوّل أقيمت في روما ندوة لنصرة فلسطين، شاركت فيها شخصيات عالمية، منها: روجيه غارودي، النجمة العالمية فانيسيا ردعريف، المطران هيلاريون كبوتشي…
الندوة أقيمت بتمويل من الاتحاد العام للصحفيين العرب، وكان آنذاك أمينه العام الصديق حنا مقبل…
كنت قلقا من مكان عقد الندوة، روما، التي خسرنا فيها ممثل فلسطين المثقف وائل زعيتر، وبعض المناضلين الفلسطينيين، ومن سمعة المدينة العريقة التي تشوهها نشاطات المافيا، والحضور الصهيوني…
وعد نمر حماد ممثل فلسطين في روما بتوفير الحماية الأمنية للندوة، وأكد أن وزير داخلية إيطاليا السابق هو رئيس لجنة الصداقة العربية الإيطالية.
يوم 6 تشرين أوّل / أكتوبر اغتيل السادات. كنا نقف معا أمام شاشة التلفزيون التي كانت تبث مشاهد الاغتيال. كان ماجد يتابع واقفا كابتا مشاعره حتى لا يؤخذ عليه أنه مع اغتيال السادات، كونه صاحب موقع في قيادة فتح، ولكن ملامح وجهه كانت تشي بارتياحه…
بعد يومين وقع تفجير صغير أمام مكتب العلاقات التجارية ( الإسرائيلي)، وكان هذا لافتا جدا.
علمنا فيما بعد أن ياسر عبد ربه كان مع ماجد في الفندق، وأنه غادر عائدا إلى بيروت.
كنا نظن أن ماجد يقيم معنا في المجمع الفندقي الذي حُجز لنا فيه، لكننا اكتشفنا بعد الاغتيال أن ماجدا كان في فندق آخر يقع في شارع باريس…
الطلاب الفلسطينيون توافدوا إلينا صبيحة الاغتيال وهم يبكون ويسألون: لماذا لم تستعينوا بنا في حمايتكم؟ كيف يحجز لماجد في فندق يعلّق صاحبه في صدر قاعة الاستقبال صورته مع شمعون بيرس؟!
صبيحة يوم الاغتيال طلب إلينا أن ننتقل إلى ممثلية فلسطين، والمفاجأة أننا اكتشفنا تواجد المدعو محمد العركي ( أبورياض) جالسا في صدر المكان!
من هو العركي هذا؟!
فلسطيني لبناني. عمل مع المخابرات اللبنانية وروّع الفلسطينيين في مخيماتهم. هرب إلى سورية وعمل مع المخابرات ، وأسس ( شعبة) خاصة بالفلسطينيين أطلق عليها اسم ( مفرزة عبد القادر الحسيني)..الحقير!!
ونحن نتحدث عن حياتنا في سورية _ عشت مع والدي 8 أعوام في دمشق، وكان لاجئا سياسيا_ مررت على ذكر الحقير العركي، ففاجأني نمر حماد بأنه ابن خالته، وأن العائلة كلها تقاطعه وتحتقره ولا تتعامل معه!
لكنه تواجد في ممثلية فلسطين ..وجلس في صدر المكان..وكأنه يتلقى العزاء!
العركي هذا هرب بمفرزته إلى الأردن، وبعد أن أقام فترة اتهم بالعلاقة مع الموساد.فهرب إلى ألمانيا..وها هو ذا يظهر في روما، وأين؟!
في مقدمة كتابي ( ثورة في عصر القرود) المعنونة ب: إني أتهم ، سردت كل هذه التفاصيل وأكثر عن اغتيال ماجد أبوشرار..واختطاف صديق والدي المناضل الكبير ناصر السعيد…
عام 1981 يوم 9 تشرين أوّل / أكتوبر اغتيل المناضل والإعلامي الفلسطيني الكبير الصديق ماجد أبوشرار…
لم يخبرنا أحد عمّن قتله، وكالعادة لم يحقق في الأمر.وتماما كما حدث مع كل شهدائنا الذين سقطوا اغتيالاً وغدرا…
لدي سؤال: كيف استهان ماجد بأمنه الشخصي؟ لماذا يستهين القادة وكوادر الثورة الفلسطينية بأمنهم الشخصي؟ وأين الجهة الأمنية التي تحرسهم وتحمي حياتهم ولماذا يضيع دم مناضلينا هدرا واستهتارا؟!
كلمة أخيرة: ونحن في مطار بيروت، وكنا نتحلق معا: أنا، حنا مقبل، غانم زريقات، ونتبادل الحديث بانتظار التوجه إلى الطائرة، فإذا بيد تربت على ظهري. التفت ففوجئت بماجد، فسألته بصوت مسموع:
_ إلى أين تذهب؟ إلى روما لتموت؟
فرد وبابتسامته الواثقة المعهودة على وجهه:
_ إذا كنت تقصد (أبونضال) _ يقصد أبونضال البنا_ تشلب ( كلب) باخطي عنه..أما إذا كنت تقصد الأميركان و( اليهود) فلا حول ولا!!
كتب هذا غانم زريقات في كلمة تأبينية لماجد رحمه الله…
من قتل ماجد أبوشرار؟ ليس أبونضال البنا..فمن إذا؟!
كان ماجد صيدا ثمينا، وكان قائدا شابا صاعدا بسرعة الصاروخ، وكان يتمتع بشعبية، مثقفا، متحدثا بارعا، وخطيبا يتميز بالكاريزما..واصطادوه في روما!!
بقي أن أنبه على أن ( الأمن الموحد) الفلسطيني، وكان يرأسه أبوإياد، عمم أسماء الفنادق التي يتوجب على قيادات وكوادر الثورة تجنبها في أوربا، وفي مقدمتها الفندق الذي ( أُنزل) ماجد ابوشرار فيه!!