يوم الجمعة الفرنسي الدامي وإشكالية من لا أخلاق إنسانية لهم !!!
د.عامر صالح
من جديد تتفوق غرائز الموت والدمار والقتل على غرائز الحب والبقاء والحياة. في عمل جنوني أقدمت شلة من الارهابيين القتلة وبدم بارد وبأحزمة ناسفة وسلاح أتوماتيكي على قتل ما لايقل عن 150 شخص أبرياء إضافة الى العديد من الجرحى وبعضهم في حالة خطرة جدا يصل عددهم الى المائة قد يضافون الى اعداد الضحايا لاحقا !!!.
حصل هذا الفعل الاجرامي ولم تمضي سنة تقريبا على احداث ” شارلي إيبيدو ” مما أوقع الفرنسيين وحكومتهم في حالة ذعر مشروع واعلان حالة الطوارئ القصوى, شبهها بعض المعلقون بالحالة التي عاشتها أميركا في 11 سبتمبر/أيلول، إذ اتخذ الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند إجراءات عديدة، يمكن تلخيصها في إعلان حالة الطوارئ على كامل الأراضي الفرنسية في سابقة لم تعلن منذ الحرب الفرنسية الجزائرية، وهو ما يعني أن كل شخص تشك السلطات الأمنية بتورطه يحق لها اعتقاله والتحقيق معه، إضافة إلى الطلب من المواطنين الباريسيين ملازمة منازلهم حتى إشعار آخر، وطلب تعزيزات عسكرية إلى شوارع باريس لمنع وقوع هجمات جديدة، وإغلاق كامل الحدود الفرنسية وإغلاق شبكة القطارات في باريس, كما علقوا العمل بفيزة ” شنكن ” منعا لسهولة تنقل من يحصل فيزة احدى دول الاتحاد الاوربي الى أراضيهم !!!.
كان عملا مروعا وأجراميا بكل المقاييس الانسانية ولا تستدعي إدانته أي لحظة تردد أو تفكير, فأنسانية السلوك لا تتجزأ إنتقائيا حسب المكان ونوع الضحية وجنسيتها, فالقتل مدان عندما يطال المدنيين والعزل ويعبث بأستقرار الناس ولحظات راحتهم, والقتل فعل جبان عندما يستهدف من لا ناقة ولا جمل لهم من الآمنين الابرياء. إنه عمل خسيس يستهدف إثارة الرعب وعدم الاستقرار ولا يستهدف الضحية بعينها فقط, بل يستهدف عمليات الاستقرار الاجتماعي والامني في المجتمع الذي يقع عليه فعل الارهاب !!!.
ومن العيب والخزي ان تسود لغة التشفي والفرح الكامن لما حصل للفرنسيين من مأساة ومحاولة ايجاد أشتراطية لإدانة الجريمة عبر إفتعال قرينة مشوهة وغير دقيقة للمقارنة ووضعها شروطا مسبقة للإدانة, على سبيل المثال ما تتناقله بعض وسائل الاعلام العربية الصفراء, والسعودية منها بشكل خاص أو المدعومة بالمال السعودي, عبر إجترار الاسئلة المسبقة, وعلى سبيل المثال منها هو إدانة الجريمة مقابل إدانة ما يفعله نظام بشار الاسد في سوريا, أو إفتعال ما يفعله الحشد الشعبي ” الشيعي ” في المناطق السنية العراقية, أو ما يفعله حزب الله أو إيران في لبنان في محاولة لخلط الاوراق والتغطية أو الدفاع المبطن عن العمليات الارهابية !!!.
كيف نطلب من العالم المتمدن أن يقف الى جانب قضايانا العادلة وان يسهم في ايجاد حل لمشكلاتنا المستعصية وان يدعمنا في دحر داعش ونحن نخجل في إدانة فعل قتل جماعي يرتكب بحق الابرياء والعزل من الناس ونضع شروط مسبقة للإدانة. ان الموقف من إنسانية الانسان وتحريم هدر دمه لا تحتمل الاجتهاد ولا الفتاوى, وان السكوت وعدم الادانة والتحايل في التصريحات هو مساهمة في جرائم القتل وإيجاد غطاء شرعي لها مما يسهم في التشجيع عليها واعادة إنتاجها على نطاق واسع !!!.
إن الموقف الانساني يستدعي من دموعنا أن تذرف على كل طفل وأمرأة ورجل بريء, سوري أم فرنسي أم لبناني أم عراقي أو سعودي, فالدم الانساني مقدس في برائته, فلا إنسانية لنا بالسكوت على استباحة دم من يختلف معنا في الدين أو العقيدة أو السياسة, وإن دمائنا ستباح أكثر عندما نفرح أو نشمت لاستباحة دماء الآخرين, فيوم لك ويوم عليك !!!.
اليوم مطالب العالم المتمدن ان يقف وقفة واحدة أكثر من أي وقت مضى لفضح النظم السياسية التي تغذي الارهاب العالمي وأدواته المنفذة, داعش والقاعدة وأخواتها, وفي مقدمة هذه النظم السعودية وقطر وتركيا اوردغان, وفضح دورها المتحايل على الصعيد الدولي في التغطية على الارهاب وجرائمه بحق الانسانية, الى جانب فضح وإدانة الجرائم التي ترتكبها النظم الدكتاتورية في المنطقة والعمل على إيجاد حلول مشرفة لبؤر الصراع المستعرة والتي يذهب ضحيتها شعوب ومستقبل أجيال !!!.