هـل الـزهـار عمـيـل (لأسـرائيل) .؟!
بـقلـم : عـادل أبو هـاشـم
في الندوة التي أقيمت في غزة قبل أيام للبحث في قرار رئيس السلطة تشكيل المحكمة الدستورية تحدث الدكتور محمود الزهار، و مما جاء في حديثه :
” في شهر أكتوبر عام 1981م ذهب وفد من الأطباء الفلسطينيين الكبار لحضور مؤتمر الأطباء العرب في عمان، ومن برنامج المؤتمر الذهاب إلى موقع معركة الكرامة ، وأثناء التواجد في الموقع لاحظنا أن الشهداء على لوحة الشرف معظمهم أردنيين، فأنا سألت الضابط الأردني بأن منظمة التحرير وفتح هي من قامت بالمعركة فأين أسماء الشهداء من المقاتلين الفلسطينيين . ؟!
قال الضابط الأردني : الذي تصدى للعدوان الأسرائيلي هو الجيش الأردني ومعه الفدائيون ، ومع بداية المعركة وعندما اقتربت الدبابات ركب أبو عمار “الفزبة ” وتوجه بها إلى عمان ، وبعد انتهاء المعركة عاد وعقد مؤتمر صحفي ” .
لم تمضي سوى لحظات قليلة على كلام الزهار حتى تجمع “أيتام دايتون ” من الناعقين باسم فتح الذين أتقنوا صناعة الفتن وتدبير المؤامرات وتلفيق الأراجيف والأكاذيب الرخيصة وتزوير البيانات التي تعبر عن شخصياتهم وأخلاقهم ، وبدلا من أن يهاجموا الضابط الأردني الذي قلل من قيمة الزعيم ياسر عرفات و شهداء الكرامة ، فقد قاموا بشن حملة من الشتائم و التجريح ظاهرها الدكتور الزهار ، وباطنها حركة حماس وفصائل المقاومة ، ” وهذا الذي لم يدركه الدكتور أحمد يوسف للأسف ” . !
منهم من طالب بمحاكمة الرجل بتهمة الخيانة العظمى .!
وآخر طالب بالحجر السياسي عليه ، و إخراجه من الصف الوطني .!!
وثالثة الأثافي من اتهم الزهار بأنه صناعة اسرائيلية ، و انه عميل لأسرائيل ،” ولم يقل العدو الأسرائيلي ” ..!!
وبالاستفسار عن الأدلة التي تثبت عمالة الزهار للعدو جاءت الأجابة كالتالي :
ــ أليس الزهار هو ” عراب خطيئة أوسلو ” التي أسقطت شعبنا في حفرة ” أوسلو ” ، و أسقطت حق اللاجئين والعودة ، و قطعت أوصال شعبنا الفلسطيني إلى شعوب وقبائل عدة ، ووصف جهاد الشعب الفلسطيني ضد أشرس غزوة استعمارية استيطانية صهيونية عنصرية استهدفته بالإرهاب ، وأن الفلسطينيين السبب في معاناة اليهود .!
ــ أليس هو من ارتهن القضية الفلسطينية ، وامتطى مسار النضال الفلسطيني طوال السنوات الماضية ، فصال وجال مستهتراً بشعبنا ونضالاته ، وغير مسار هذا الشعب من نضال و مقاومة وجهاد واستشهاد إلى شركة خاصة له و لأبنائه تحمي مراكزهم التي أوجدوها ، وامتيازاتهم التي سلبوها من قوت الشعب .؟!
ــ أليس هو من يحاصر ويحرض على حصار أكثر من 2 مليون من أبناء شعبه إلى درجة الموت ، بل و يطلب و يتوسل من العدو الصهيوني تدمير قطاع غزة على روؤس أبنائه لأنهم فضلوا المقاوم على المساوم .؟!
ــ أليس الزهار هو صاحب شعار ” التنسيق الأمني المقدس ” ، وان استمرار التنسيق ” مصلحة فلسطينية ” بالدرجة الأولى ، و انه لن يسمح مطلقا بانتفاضة ثالثة ضد الاحتلال ، ووصف العمليات الأستشهادية بـ ” الحقيرة ” .؟!
ــ أليس هو من يتباهى بنجاح قواته الأمنية بمنع أي مظاهرات أو أعمال عنف في الضفة الغربية أثناء العدوان الاسرائيلي الأخير على قطاع غزة ، وتأييدا لرجال المقاومة الذين تصدوا له بإعجاز أسطوري ، ويذّكر الأسرائيليين بأن رصاصة واحدة لم تطلق من الضفة الغربية طوال خمسين يوما من الحرب على قطاع غزة .؟!
ــ وهو يتفاخر بأنه لم يحمل مسدساً في حياته ، وجعل من شعار منظمة التحرير” ثورة حتى النصر ” إلى شعار ” ثورة حتى أخر الشهر ” .!
ــ أليس هو من خطف ” حركة فتح ” ، وامتطى مسارها النضالي طوال عشرة أعوام ، فصال وجال مستهتر بدماء شهدائها و جرحاها و الآم أسراها ، وغير مسارها من مقاومة و نضال واستشهاد إلى تنسيق أمني مقدس مع العدو .؟!
ــ أليس الزهار من أخرج قطاع غزة من الوطن ، وحرم أهله من ميزانية السلطة للعام 2015م ، وأدار ظهره للقطاع المُحاصر ليعاني من الفقر والبطالة والتشريد ونقص الكهرباء والمياه والغاز والوقود والصحة والتعليم وغيرها من الأزمات العاصفة والصاعقة التي يتعرض لها الأهالي يوميا دون أي حلول .؟!
ــ أليس الزهار هو من أوقف مخصصات الجبهة الشعبية و الديمقراطية من الصندوق القومي الفلسطيني ، وهو الذي عطل قرار المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية بإيقاف التنسيق الأمني مع الاحتلال ، وأنه وأجهزته ما زالا يمارسان التنسيق الأمني ، والتعزية بالضابط الصهيوني رئيس الإدارة المدنية بالضفة ، وتفتيش المدارس والحديث في الإعلام الصهيوني عن العثور على سكاكين في حقائب الأطفال واتهامهم بالإرهاب .؟!
ــ أليس الزهار يحب يوميا الأستماع إلى أغاني المطربين الإسرائيليين , بداية من موشيه إلياهو وغيره من المشاهير .!!
هل يكفي ما سبق لاتهام الدكتور محمود الزهار بالعمالة للعدو .؟!
لقد تناسى البعض من أبناء جلدتنا في ظل حقده ــ للأسف ــ على المقاومة تاريخ هذا الرجل المجاهد :
فعندما نكتب عن القائد المجاهد محمود الزهار تتقزَّم الكلمات ، وتتقدم خجلى لتصف عظمة هذا الرجل الذي كرس حياته في الجهاد من أجل قضية شعبه العادلة ، ومن أجل العدالة و الكرامة و عزة وطنه الذي عشقه عدد قطرات دمه .
لقد أعطى الزهار للوطن أبهى صورة ، بعد أن خضَّب الأرض الفلسطينية هو و عائلته بأغلى ما لديهم من دماء، وأعادوا للذاكرة الفلسطينية صورة البطولات الحقيقية لشعب يقاتل العدو منذ أكثر من قرن من الزمان ، ويصبح الحبر الذي يصف عَظمتهم لا يعدل ذرة من غبار نفيرهم في سبيل الله بعد أن قَضَوا حياتهم مضحّين بارواحهم و بعرقهم وجهدهم ووقتهم وراحتهم لخدمة وطنهم و قضيتهم ليكللوا تضحياتهم بتقديم أغلى ما يملكون في سبيل الله .
في عام 2003 م أراد العدو الصهيوني للدكتور القائد المجاهد محمود الزهار ” أبو خالد ” ان يكون شهيداً ، ولكن الله ــ سبحانه و تعالى ــ أراد لهذا المجاهد أن يبقى شامخاً ليقول للصهاينة أن أعمارنا بيد خالقنا ، وان آجالنا بيد ربنا ، وان طائراتكم وصواريخكم لا تنهي أعمارنا طالما أنها لم تنتهي بعد .
لكن الله اختار فلذة كبده خالد ليكون من الشهداء ، وليلحق بركب إخوانه وقادته من قبله ، وليترك الدنيا خلفه ، وليقول : ” يا رب قبضت روحي وما زال العالم ينظر إلينا ونحن نقتل ونحاصر وتدمر علينا بيوتنا ولا احد يحرك ساكن حيال هذا العدو الغاصب لأرضنا ومقدساتنا “.
وكان القائد المجاهد الدكتور محمود خالد الزهار “أبو خالد ” عضو المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية “حماس ” قد أنجاه الله فيما استشهد ابنه المجاهد خالد محمود الزهار ومرافقه المجاهد شحدة يوسف الديري في غارة جوية نفذتها قوات العدو الصهيوني صباح يوم الأربعاء 10/9/2003م على منزله وسط مدينة غزة، وسوت المنزل المكون من ثلاثة طوابق بالأرض مستخدمة قنبلة بوزن طن (1000 كغم ) من المتفجرات بعد إطلاقها من طائرة “أف 16”.
وقد أصيب الزهار بجراح متوسطة ، ونقل أكثر من 20 مصابـًا آخر إلى مستشفى الشفاء في غزة، بينهم زوجته وابنته.
ورغم الجراح البالغة إلا أن القائد الدكتور محمود الزهار صبر واحتسب ، وضرب مثلا رائعا على ثبات المقاومين في لحظات المحنة فكانت أولى كلمات نطق بها عقب معرفته بما حل به وبأسرته :
” الحمد لله الذي شرّفني باستشهاد ابني البكر خالد الذي كنا نعد لحفل زفافه يوم الجمعة القادم ..فبدله الله خيرًا من زوجه .. ودارًا خيرًا من داره ” .
وليكتمل مسلسل التضحيات للقائد الدكتور محمود الزهار وعائلته ، فيرحل عنهم صهره القائد المجاهد أحمد رجب عوض” أبامعاذ ” مهندس وقائد وحدة تطوير وتصنيع صورايخ القسام في قطاع غزة ليترك خلفة طفلان معاذ ورجب والدتهما .
حيث استشهد زوج ابنته أحمد عوض يوم الأربعاء 8 / 11 / 2006 م بعد أن قصفت طائرات صهيونية السيارة التي كان يستقلها .
بعد خمس سنوات من الصمود كان الدكتور محمود خالد الزهار على موعد مع امتحان جديد في “الصبر” ، ففي يوم الثلاثاء 15 / 1 / 2008 م ارتقى نجله الثاني حسام (22 عاماً ) إلى العلا ضمن كوكبة من أبناء فلسطين شملت سبعة عشر شهيدا وأكثر من خمسة وأربعين جرحا عندما توغلت آلة الحرب الصهيونية شرق غزة المحاصرة .
ولأن الصبر لا تظهر حقيقته إلا عند الصدمة الأولى ، فإن صمود الرجل كان لافتا، وإيمانه كذلك ، ونجح من جديد في اختبار الألم ، حيث انسابت كلمات تفيض إيمانا بقضاء الله وقدره ، واحتسابا للنفس والمال والولد في سبيل قضية المسلمين الأولى ، وقال هذه المرة وهو يودع شهيده الثاني بعد أن حمد الله عز وجل على السراء والضراء :
” لله ما أخذ ، ولله ما أعطى ، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا , و أقول للصهاينة لو رحل عني كل أبنائي سابقى أقاتل وأدافع عن شعبي وقضيتي وقدسي حتى آخر قطرة دم تسقط مني ” .
السيدة سمية خميس الأغا ” أم خالد” زوجة القائد محمود الزهار قالت أنها قدمت اثنين من أبنائها الأربع شهداء للوطن ومستعدة لتقديم المزيد ” ، موضحة أن ذلك لن يعوقها عن دورها كامرأة فلسطينية في مواصلة طريق الكفاح والنضال الذي تسلكه النساء الفلسطينيات جميعا.
هذه هي عائلة القائد المجاهد محمود الزهار فأروني أبناءكم و عائلاتكم يا من هاجمتم الرجل .؟!