حول مقبرة عسقلان الفلسطينية – أحمد الدبش:
الحقيقة أن المخلفات الحضارية الفلسطينية في نهاية الألف الثاني قبل الميلاد وبضمن ذلك الساحل الفلسطيني، تعتبر استمراراً لحضارة العصر البرونزي الأخير. ومن أهم المكتشفات التي تنسب عادة للفلسطينيين فخار ملون بأشكال هندسية وطيور، وتظهر أيضاً أشكال حلزونية ومجموعات من أنصاف دوائر متشابكة،أما أشكال الأواني نفسها فمشابهة للأواني التي عثر عليها في جزيرتي رودس وقبرص، ولكنها غير مطابقة لها،ومن الصعب اعتبارها مستوردة، بل على العكس فإن طينة الفخار محلية وصانعوها محليون أيضاً رغم تأثرهم بصناعة الفخار المعروفة في الجزر الإيجية.
ايضا فقد كانت أسماء آلهة الفلسطينيين أمثال داجون وعشتروت، اسماء كنعانية /جزرية(سامية)، كما أن العمارة من مبان عامة ومنازل مستمدة من التقليد المعماري للعصرين البرونزيين الوسيط والأخير، والحياة الدينية عند سكان الساحل الفلسطيني كنعانية [ فينيقية ] الأصل، وكذلك المباني الدينية وأهمها: سلسة المعابد المتعاقبة في تل القصيلة التي أنشئت على غرار المعابد الكنعانية / الفينيقية مع ما يظهر عليها من تأثيرات مصرية وإيجية.
وبذلك يصعب على الباحث التفريق بين ما يمكن نسبته إلى المجموعات البشرية التي سكنت فلسطين في أواخر الألف الثاني قبل الميلاد، فوجود هذا الصنف من الفخار أو ذاك في منطقة معينة لا يدل بالضرورة على سكنى هذه المنطقة من مجموعة إثنية مختلفة، ولكنها غالباً ما تعني أن هذه المنطقة وقعت تحت تأثيرات خارجية.
فالأصول الأجنبية لفلسطينيي الحقبة الآشورية وأصولهم المزعومة من (كريت) مجرد خيال خلقته الروايات التوراتية قريناً لأصول يهوذا أنفسها، فيهوذا والفلسطينيون كلاهما كيانات ثقافية أهلية في فلسطين، وناتجة عن حضارة العصر البرونزي وسكانه، الذين كانوا خلال العصر الحديدي الثاني، متمايزين في مجموعات شبه إثنية، على شكل دويلات تحت حكم إمبراطورية خارجية.