لقاء لم ينته مع الفنان العراقي الكبير الراحل رضا الشاطئ – نضال حمد
لقاء لم ينته مع الفنان العراقي الكبير رضا الشاطئ.
لم يبق من العمر أكثر مما مضى فالعيشة في العراق بكل الدنيا من آخر العالم إلى أوله
شد على يدي وقال من أجل فلسطين نفعل كل شيء.
نضال حمد
18-12-2002
في احد الأمكنة الشعبية في عاصمة إحدى الدول الاسكندينافية، التقيت برجل عجوز يمشي متمايلا بمساعدة عكاز يعتمد عليه في تجاوز العقبات على الدروب المتجمدة والأخرى المليئة بالحفر. نعم التقيت به هناك في بلاد الشمال الأوروبي المتحضرة والغنية والمتطورة حيث لازالت هناك جور وحفر في طرقات وشوارع ودروب بعض المدن الاسكندينافية.
في حي صغير من الأحياء المهملة في تلك العاصمة التقينا بمكان ضيق عند أحد الأصدقاء العرب. كان العجوز أشبه بكتاب تاريخ أو موسوعة فنية وثقافية، شدني حديثه العذب للبقاء بقربه رغم انشغالي يومها بأمور كثيرة ورغم ضيق وقتي.
بعد أن تبادلنا الحديث قليلا هم الرجل بالذهاب إلى المرحاض، استغليت الفرصة فورا فسألت صديقنا العربي صاحب المكان الذي جمعنا بالعجوز: من يكون هذا الرجل؟
فقال لي أنه الفنان العراقي القدير والكبير رضا الشاطي..
قلت يا للحياة وشدتها.. كم مضى من الزمن على اعتزاله الفن..
كم مضى من العمر على تركه العراق وارتحاله مهاجرا في زمن تشرد العراقيين على الجهات الأربع.. ترى هل لازال العراقيون يذكرون فنانهم الكبير أم أنه ذهب من ذاكرتهم كما الكثير من أشيائهم التي ذهبت مع الريح..
أنه أول فنان عراقي مثل فيلما عراقيا طويلا..
انه أول التمثيل السينمائي العراقي وليس آخره، لكنه من المبدعين الأوائل..
لقد كان مدرسة في العطاء والبذل..
في تلك الفترة من العام الماضي كنا نجمع التواقيع في حملة تضامن مع الفلسطينيين. اعتمدنا جمع التواقيع من البلاد الاسكندينافية من العرب والأجانب والفلسطينيين. كان يهمنا الحصول على توقيع الأسماء المعروفة من الفنانين والكتاب والمثقفين والسياسيين. وكنت أحمل تلك الأوراق في حقيبة يدي الصغيرة، التي كانت بدورها مليئة بالأوراق التي تخصني شخصيا وكذلك الخاصة بالنشاطات المساندة والداعمة للانتفاضة الفلسطينية المباركة.
سألت الفنان رضا الشاطي عندما رجع:
هل أنت سعيد في هذه البلاد البعيدة؟
أجابني بأنه لم يبق من العمر أكثر مما مضى وأن العيشة في العراق بكل الدنيا من آخر العالم إلى أوله..
قلت له: هل تشرفني أيها الفاضل بحوار معك تسمح لي بنشره في الإعلام؟
بعد تردد ونقاش هادئ. أجابني بالموافقة. وبدأت فورا حواري معه، فكنا نتناقش بسرعة لأنه كان يتوجب علي أن أسافر بعد قليل إلى مدينة أخرى. لذا لم ينته حوارنا ذاك اليوم واتفقنا على تكملته في لقاء قادم نحدده فيما بعد. لكنني للأسف لم ألتق به منذ ذلك اليوم ولا أدري أن كان لازال في نفس المكان الذي اجتمعنا به العام الماضي أم أنه في مكان آخر..
قبل وداعي الفنان الكبير. سألته أن يقرأ نداءنا التضامني مع شخص فلسطيني ففعل ذلك على الفور رغم شحة نظره ونظاراته السميكة التي استعملها لتساعده على قراءة النص. بعد أن قرأ النداء بصوت عال، طلب قلم وقام بالتوقيع رضا الشاطئ بدون صفة. لكنني وضعت قرب توقيعه بخط يدي ” فنان عراقي عربي قدير“.
في يوم آخر من أيامنا الاسكندينافية التقيت بأحد المثقفين الفلسطينيين وسألته أن يقرأ النداء نفسه وأن كان يريد التوقيع عليه. أخذ الورقة، قرأها بعد تصفحها ثم أعادها لي بدون أن يوقع وبلا تعليق. بدوري لم أسأله عن رأيه أو توقيعه، الذي لو كانت القضية تتعلق بحماية كلاب النرويج أو مومسات المملكة، لكان وضع توقيعه فورا من أجل أن يقول الناس أنه حضاري وديمقراطي ومتنور أكثر من البشر. – البقر القادمين من شرق المتوسط – حيث التخلف والكذب والخوف التي تعتبر من زينة و مزايا معظم الناس.
طبعا الرسالة تقرأ من عنوانها وعنوان رسالة المثقف المذكور لم يكلفني عناء قراءة رسالته. لكنه جعلني أقارن بينه وبين الفنان العراقي الكبير الذي وقع بعد أن قرأ وشد على يدي وقال من أجل فلسطين نفعل كل شيء.
أطال الله بعمر الفنان العراقي القدير وحفظ له صحته وهمته.
سوف أعمل كل جهدي من أجل تكملة الحوار الذي بدأته معه في العام الماضي. وسوف لن انشر هذا اللقاء إلا بعد إتمامه والانتهاء منه.
*تم اللقاء في أوسلو لكن بناء على رغبة الفنان رضا الشاطي لم أذكر المكان. أما الآن وبعد وفاة الفنان العام الفائت في مدينة ستوكهولم السويدية أقوم بذكر مكان اللقاء.
** خلال بحثي عن صورة للفنان رضا الشاطي في غوغل عثرت على خبر يفيد بأنه : توفي في مستشفى في العاصمة السويدية ستوكهولم، في 25 نيسان/أبريل عن عمر يقارب 89 عامًا، ودفن في مقبرة إسلامية هناك. كان الراحل ممثلًا كوميديًا مميزًا بين أقرانه، لاسيما أن في بداياته مع التلفزيون حيث كان هناك الكثير من البرامج التي تتنافس من أجل الحصول على إعجاب الجمهور. نجح في المسرح والتلفزيون والسينما إلّا أن تقدّمه في السن وسوء أحوال البلد دفعته للرحيل مع عائلته.
انتهى
بغداد 29 نيسان 2013: نعت نقابة الفنانين العراقيين الفنان العراقي رضا الشاطي الذي توفي مستشفى في العاصمة السويدية ستوكهولم، عن عمر يقارب 89 عاما، ودفن في مقبرة اسلامية هناك، وهو الذي تميز بنبرة صوته الغريبة التي منحته شهرة واسعة.
كان الراحل ممثلا كوميديا مميزا بين اقرانه، لاسيما ان في بداياته مع التلشفزيون حيث كان هناك العديد من البرامج التي تتنافس من اجل الحصول على اعجاب الجمهور. نجح في المسرح والتلفزيون والسينما الا ان تقدمه بالسن وسوء احوال البلد دفعته للرحيل مع عائلته.
الراحل من مواليد الكاظمية عام 1924،على الرغم من انه يعود الى اسرة اصلها في مدينة بعقوبة التابعة لمحافظة ديالى، عاش يتيم الام في مطلع حياته، وقبل ان يبلغ العاشرة مات ابوه فعاش في دار الايتام، حيث يقول: “مع بداية ولادتي في الكاظمية فقدت امي وبعد عشرة اعوام فقدت والدي، وكان لهذين الحدثين الاثر في تأجيج احاسيسي فبدأت بكتابة الشعر، وبالفعل اصبح الشعر شغلي الشاغل حتى سنة 1936 حيث برز نشاطي الفني في المدرسة الخيرية الاسلامية التي كنت ادرس فيها”.
وحين اصبح شابا تزوج وسكن في بداية زواجه في منطقة ابو سيفين وله ثلاث بنات وثلاثة صبيان، بدأ حياته من الصفر، عاش الفقر من طفولته لكن معاناته جعلته يشتغل من اجل ان يعيل عائلته ، فوجد نفسه يعمل كاتب عرائض في احدى المحاكم، وهذا العمل هو الذي ادخله الى التلفزيون ممثلا فشكل حضورا لافتا عند الناس.
وحسب ما قاله عن نفسه في حوارات صحفية قديمة: بدأت عام 1936 اتعلم التمثيل على يد الأستاذ الصحفي والرياضي شاكر اسماعيل، وذلك في المدرسة الخيرية في منطقة العيواضية ببغداد ، حيث عملنا مسرحا في مطعم المدرسة وقدمنا مسرحية مجنون ليلى ومثلت دور والد قيس، اشرف على المسرحية الفنان حقي الشبلي قبل سفره الى فرنسا وقد حضر لمشاهدة المسرحية أكثر من 200 شخصاً من الطلبة وسكان محلة العيواضية ، هذا العمل الأول ولد في نفسي الجرأة لكي أمثل أعمالا جديدة أخرجها الأستاذ شاكر اسماعيل منها (سقوط الطاغية) وبقينا نقدم هذه المسرحيات البسيطة ذات الفصول المتعددة، ولا أنسى المطرب محمد كريم الذي كان يعبر من الكرخ الى المدرسة الخيرية في الرصافة ليقدم مجموعة من أغانيه ومنلوجاته بين فصول المسرحية واثناء فترات الأستراحة.
موضوع عن الفنان الراحل
رحيل الفنان رضا الشاطي صاحب الصوت الدافئ ومبدع تمثيلية العرضحالجي
بغداد/المسلة: نعت نقابة الفنانين العراقيين الفنان العراقي رضا الشاطي الذي توفي مستشفى في العاصمة السويدية ستوكهولم، عن عمر يقارب 89 عاما، ودفن في مقبرة إسلامية هناك، وهو الذي تميز بنبرة صوته الغريبة التي منحته شهرة واسعة.
كان الراحل ممثلا كوميديا مميزا بين اقرانه، لاسيما أن في بداياته مع التلفزيون حيث كان هناك العديد من البرامج التي تتنافس من أجل الحصول على إعجاب الجمهور. نجح في المسرح والتلفزيون والسينما إلا أن تقدمه بالسن وسوء أحوال البلد دفعته للرحيل مع عائلته.
الراحل من مواليد الكاظمية عام 1924،على الرغم من انه يعود إلى أسرة أصلها في مدينة بعقوبة التابعة لمحافظة ديالى.
وكان قد بدأ حياته الفنية حيث برز نشاطه الفني في المدرسة الخيرية الاسلامية التي كان يدرس فيها. وقدر لنشاطه المتميز ان اصبح رئيسا للنشاط الفني او ما يسمى جمعية الخطابة.
وساهم المعلق الرياضي والفنان شاكر اسماعيل في دعمه مع بداية مشواره حتى اخذت افكارهما ومشاريعهما الفنية طريقها الى خشبة المسرح الجوال الذي دخل بفضله المدارس والبيوت والصرائف والحفلات الخاصة حتى اصبح النشاط المتواضع انذاك حديث الناس.
وفي سنة 1940 قدر له ان يقف على المسرح بالشكل الذي جعله خاضعا لامتحان عسير امام الاستاذ حقي الشبلي الذي اخرج مسرحية “سقوط الطاغية” وكان لهذه المسرحية الاثر في ولعه بالمسرح والتصاقه الحميم بالفن.
ثم دخلت دار المعلمين وانتمى هناك الى فرقتها الفنية مع الفنان حميد المحل وفي عام 1959 اسند له الفنان الهنداوي دور العرضحالجي في احدى التمثيليات فدخل بهذا العمل التلفزيوني كبرنامج اسبوعي ثابت من اخراج كاميران حسني، وبعد ان قدم عدة حلقات من البرنامج وجد تجاوبا ملحوظا من الجمهور ذلك لان شخصية العرضحالجي اضافة الى كونها شخصية كوميدية فانها تعكس مشكلات وهموم المجتمع الذي كان يعاني منها قبل الثورة.
وقد كان الشاطي هو كاتب وممثل هذه الشخصية المتميزة،ثم قدم شخصية اخرى اكثر طرافة ببرنامج مشابه اسمه صورة ومثل ومع الناس.
وكان من بين نخبة الممثلين المبدعين الذين قدموا الكوميديا الجميلة (الست كراسي) وعنه يتحدث الفنان حمودي الحارثي قائلا “كان للزعيم عبد الكريم قاسم الفضل في تعيينه كاتب عرائض في المحاكم مثلما كان له الفضل في تعيين خليل الرفاعي في السكك الحديدية، واذكر ان في عام 1970 جاء الرئيس الاسبق احمد حسن البكر الى مبنى الاذاعة والتلفزيون ليلقي خطابا بمناسبة عيد الجيش 6 كانون الثاني في اول 6 كانون له كرئيس ، وكان محمد الصحاف مديرا عاما للاذاعة والتلفزيون ، وكنت انا مخرج خفر مع المخرج الراحل حسين رشيد بدي التكريتي ، وهناك سألنا البكر عن رضا الشاطي وسليم البصري وخليل الرفاعي ، وحينما اخبرناه عن مكان عملي الشاطي والرفاعي فأمر الصحاف ان ينقلهما الى الاذاعة والتلفزيون، وهكذا جاء الشاطي الى التلفزيون“.