اردغان نصف استدارة – أكرم عبيد
في ممر اجباري نحو الملف السوري
عبر البوابة الروسية والإيرانية ..!
صحيح أن تركيا تمر بأزمات معقدة ومركبة على أكثر من مستوى بسب سياسات اردغان والتي توجت بالانقلاب الفاشل وتداعياته على الصعيدين الداخلي والخارجي وهذا نتاج طبيعي لسياساته الخاطئة التي أنتهجها منذ توليه السلطة في تركيا مع العلم أن ما حدث في تركيا كان بأبعاده وتداعياته أكبر من أردوغان وحزبه وأكبر من كل القوى المتواجدة في الساحة التركية بما فيها الجيش لهذا السبب ستبقى تركيا مأزومة في المشهد السياسي في المستقبل المنظور .
لكن الرئيس التركي تعمد بشكل متسارع الاستدارة نحو روسيا بموقف اعتذاري لافت عن جريمة اسقاط الطائرة الروسية للخروج من المأزق بالرغم من إن لقاء القمة كان مقررا قبل اسابيع من الانقلاب الفاشل وسبقتها قمة روسية ايرانية اذرية شهدت مناقشة عدة قضايا وملفات اقتصادية وأمنية وغيرها لمواجهة الارهاب وكان الرئيس الروسي قد أكد في مقابلة مع وسائل إعلام أذربيجانية أن بعض البلدان بالعالم تحول إلى بؤر لعدم الاستقرار العالمي وتشكل مصدراً للإرهاب الدولي والجريمة العابرة للقارات على الرئيسين الايراني والأذري ضرورة تبادل المعلومات حول نشاطات العصابات الارهابية العابرة للقارات.
اما القمة الروسية التركية فقد ترافقت مع تطورات مهمة شمال سورية بعدما حقق الجيش العربي السوري المزيد من الانتصارات على العصابات الوهابية التكفيرية خاصة بعد استعادة حي ابو زيد في حلب وافقد العصابات من اهم الممرات الامنة الى الحدود التركية بالإضافة لمواقف الانظمة الغربية المتخاذلة بقيادة الادارة الامريكية بخصوص محاولة الانقلاب الفاشلة .
وفي كل الاحوال وبالرغم من الظروف الصعبة تعتبر القمة الروسية التركية بداية النهاية لمرحلة صعبة بين الطرفين لإعادة العلاقات بين البلدين الى مسارها الطبيعي في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والسياحية والامنية وغيرها مع العلم أن المسألة السورية كانت وما زالت هي الملف المعقد الذي ينتظر تسوية ترضي الطرفين في ظل اختلاف جذري بخصوص هذا الملف بين قادة البلدين الذين غلبا نقاط اللقاء على الخلافات في ملفات مهمة تحتاج من الطرفين تقديم التنازلات لتعزيز العلاقات البينية وفي مقدمتها الملف السوري والصراع بين ارمينيا كازاخستان على اقليم ناقورني كرباخ .
وفي الحقيقة تميزت القمة بوضع آلية ثلاثية للتعاون بين القوات المسلحة والاستخبارات ووزارتي الخارجية في البلدين وبدأت أعمالها على الفور وفي نفس السياق أكدت مصادر تركية مهمة أن الآلية الجديدة التي تم التوصل إليها مع روسيا تتطلب وجود إيران أيضا ومشاركتها فيها من أجل ضمان نتائج أفضل فيما يتعلق بالوضع في سوريا ومفاوضات الحل السياسي أو الحرب على التنظيمات الإرهابية.
وفي كل الاحوال فقد تميزت زيارة الرئيس التركي لروسيا في هذه الظروف الصعبة بأهمية خاصة قد تكن استثنائية بسبب حساسية جدول اعمالها وحالة التوتر التي تسود علاقات تركيا مع حلفائها الغربيين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي وحلف شمال الاطلسي على خلفية مواقفهم “الرمادية” من الانقلاب ودور بعضهم المتخاذل وخاصة بعد رفض الادارة الامريكية تسليم فتح الله كولن زعيم الكيان الموازي المقيم على أراضيها والذي تتهمه الحكومة التركية بالوقوف خلف المحاولة الانقلابية الفاشلة فتعمد الرئيس التركي الرد على حلفائه الغربيين بشكل عملي على الاهانات والانتقادات والاتهامات بالقمع وانتهاك حقوق الانسان والتهديد بإغلاق ابواب الاتحاد الاوروبي في وجهه تركيا والغاء الاتفاق الموقع بخصوص اللاجئين .
وبالرغم من التباينات بين الموقف التركي والروسي والايراني حول الملف السوري والشرعية السورية بقيادة الرئيس بشار الاسد فإن النظام التركي يسعى بعد القمة إلى إيجاد قواسم مشتركة لتحقيق بعض الاهداف والمكاسب على الصعيدين الداخلي والخارجي وخاص مع بلدان الجوار و لم يخف وزيرا خارجية تركيا وإيران في لقائهما الاخير في انقرة وخلال المؤتمر الصحفي الذي أعقب مباحثاتهما قبل ايام قليلة في انقره من وجود خلافات كثيرة بينهما حول ملفات عدة أبرزها الملف السوري غير أنهما في الوقت ذاته عبرا عن وجود نقاط التقاء في هذا الملف أبرزها «التمسك بوحدة الأراضي السورية وقال وزير الخارجية التركي إن ” هناك خلافات بيننا فيما يتعلق بالأزمة السورية إلا أننا سنعزز تعاوننا مع إيران من أجل إرساء سلام واستقرار دائم في سوريا ونحن متفقان على ضرورة وحدة الأراضي السورية.
ومن جانبه أكد ظريف ما ذهب إليه نظيره التركي حول نقاط الاتفاق بين بلديهما المتمثلة في وحدة الأراضي السورية إلا أنه أضاف إليها ” ضرورة مكافحة الإرهاب “.
كذلك عبر ظريف عن “سعادته” بالتقارب التركي – الروسي بعد زيارة الرئيس التركي أردوغان لروسيا معتبرًا أن هذا التقارب سيساعد في العمل على تعزيز علاقاتنا على جميع المستويات وأضاف: “علاقتنا مع روسيا وتركيا تسير بشكل جيد وجميع الأطراف تريد الأمن والسلام في سوريا والقضاء على الإرهاب “.
وقد التقى وزير الخارجية الايرانية ظريف أيضا مع الرئيس التركي ورئيس وزرائه بن علي يلدريم الذي استبق زيارة وزير الخارجية الايراني لتركيا بالقول إن الفترة القادمة ستشهد أخبارا جيدة عن علاقات تركيا مع جيرانها بمن فيهم سوريا والعراق.
وحمل زير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف في جعبته الرؤية الايرانية للحل في سورية وسينقل الرؤية التركية للقيادة الايرانية بخصوص هذا الملف لوضع الحلول المناسبة للخروج من الازمة السورية بشكل يرضي جميع الاطراف مع العلم ان كل المؤشرات ما زالت تؤكد إن المشهد بين الروس والإيرانيين من جهة والنظام التركي لم ينضج بعد للحديث عن تسوية كبرى لكن الصورة الأقرب للواقع قد تتوصل الاطراف الثلاثة إلى توافق فيما بينها لجسر الهوة لكن ذلك لا يعني بالضرورة إنهاء الصراع الأكثر دموية في الشرق الأوسط فالثلاثة وإن كانوا مؤثرين لكنهم ليسوا لوحدهم في الساحة بالرغم مما يظهره النظام التركي من حسن نوايا في خطواته الأخيرة ألتي تسعى لنوع من التوافق مع روسيا وإيران على اهم الملفات العالقة وفي مقدمتها الملف السوري مقابل القضاء على اهم مصادر التهديد الاساسي لتركيا المتمثل في حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي شمال سوريا وذراعه العسكري ميليشيا “وحدات حماية الشعب” الكردية اللذين تعتبرهما تركيا امتدادا لمنظمة حزب العمال الكردستاني.
وبحسب المعلومات التي حصلت عليها صحيفة “إيزفيستيا ” الروسية والتي اكدت على لسان بعض المسؤولين الروس أن الجانب التركي بدأ بدراسة هذا الموضوع بشكل جدي أخذاً بعين الاعتبار تطبيع العلاقات الروسية–التركية والاتفاقيات التي توصل إليها الرئيسان بوتين وأر دوغان ومن المحتمل جدا أن يكون رد الجانب التركي إيجابيا وتبدأ جميع الاطراف بتفكيك الغاز الازمة في المنطقة وفي مقدمتها مواجهة الارهاب والارهابين بشكل عام وفي سورية بشكل خاص .