مجمع اللّغة العربيّة يصدر كتابًا جديدًا للبروفسور إبراهيم طه
من سيمون عيلوطي، المنسّق الإعلاميّ في المجمع:
جمع البروفسور إبراهيم طه، أستاذ الأدب العربيّ في جامعة حيفا، مجموعة من مقالاته النقديّة المختارة التي بدأ ينشرها منذ مطلع سنوات الثّمانين من القرن المنصرم في كتابٍ جديدٍ صدر حديثًا عن مجمع اللّغة العربيّة في النّاصرة، عنوانه: “البعد الرّابع- مساومات سيميائيّة مع الأدب الفلسطينيّ والعربيّ”. وهذا هو المؤلَّف الثامن لبروفسور طه. وقد جاء الكتاب بحلّة جميلة وطباعة أنيقة، وقع في (437) صفحة من القطع الكبير، وزّعها صاحبها، البروفسور طه، على معالجة العديد من الأعمال الأدبيّة، موضّحًا في تقديمه الوارد تحت عنوان: “قصّة هذا الكتاب” بأنّه: أراد “لهذا الكتاب أن يجمع المقالات المتناثرة التي بدأ بنشرها منذ مطلع سنوات الثّمانين من القرن المنصرم، لئلا تضيع، وجمعها في كتاب واحد يُمكّن القارئ من إلقاء نظرة بانوراميّة شاملة، يستطيع بها أن يرصد التّتابع النوعيّ والتاريخيّ الذي تتعانق به هذه المقالات”. مبيّنًا بأنّها “كُتبِت على فترة زمنيّة طويلة”، لذا: “كان لا بُدّ أن تختلف فيها السّوابق عن اللّواحق، ولا بُدّ أن يجد القارئ اختلافًا كبيرًا، أو بعض اختلاف، بين المقالات الأولى والأخيرة في توجّهها العام”.
وحول مفهوم “البعد الرّابع” وهو عنوان الكتاب، يقول الكاتب في تقديمه: “قصّة هذا الكتاب”: “أما البعد الرّابع هنا فلا بُدّ أن يشمل كلّ الأبعاد الثلاثة للنّص. إذا كان هناك رابع فهناك ثلاثة قد تقدّمت. والرّابع هو السّياق الزّمنيّ التّاريخيّ الذي يشكّل حاضنة للحيّز النّصيّ بكلّ مكنوناته وحاضنة لعمليّتيّ الكتابة والقراءة”، ويُضيف: “إذا توفّرت هذه الأبعاد تكاملت العمليّة السيميائيّة بأبعادها الأربعة: الكاتب والنصّ، القارئ والسّياق”.
وبخصوص “مساومات سيميائيّة”، يقول الكاتب: “تتعامل المساومات المجموعة في هذا الكتاب في محصّلتها العّامة مع النّص الأدبيّ بوصفه منجزًا رباعيّ الأبعاد بالفطرة من حيث هو نشاط تواصليّ، تلتقي فيه وتتفاعل مساحات جغرافيّة وفضاءات تاريخيّة وحضاريّة ورغبات إنسانيّة وآمال وأحلام وهي حين تفعل ذلك تتّجه إلى النّصّ بوصفه كيانًا رمزيًا متكاملا يتشكّل من محصّلة أجزائه الأيقونيّة والتّأشيريّة والرّمزيّة لاعتبارات سيميائيّة. والسيميائيّة في منحاها الأيديولجي تقرّ بأن النصّ تواصليّ بالفطرة ينبنى أساسًا من إشارات ورموز لغويّة وتعبيريّة مختلفة وشيفرات ثقافيّة وحضاريّة شاملة”.
يستهلّ الكاتب كتابه بثلاثة مقالات، يلقي فيها الضّوء على حالة النقد الأدبيّ عندنا وعلى التوجّه السيميائيّ الذي يعتمده في مقالاته، وليطلع القارئ أيضًا على ما يرمي إليه في هذه المقالات التي تطرّق في بعضها كما رأينا إلى أمور أدبيّة شائكة، طرحها بجرأة قلّما توفّرت في نقدنا المحلّي. وقد أراد أن “يرتّبها ترتيبًا أبجديًا حسب اسم عائلة الكاتب”، مشيرًا “في الهوامش إلى المصادر التي نشرت فيها المقالات وسنة صدورها حتى يستطيع القارئ أن يموضعها في سياقها التاريخيَ”. وحرصًا على الأمانة العلميّة المتجرّدة يقول: “كان لا بُدّ لهذه المقالات أن تبقى على حالها، مثلما نشرت أول مرّة دون تغيير أو تبديل”.
تمحورت مقالات الكتاب حول عدّة أصناف أدبيّة في السرد بأنواعه المختلفة والشعر والمسرحية. أما في مجال السرد فيخصّص بروفسور طه خمسة مقالات لدراسة القصّة والرواية في أدب محمّد نفّاع، كما يدرس التجارب القصصيّة والروائيّة عند الكتّاب راوية بربارة، رياض بيدس، سليم خوري، زكي درويش، إدمون شحادة، محمد علي طه، توفيق فيّاض، سهيل كيوان، وسلمان ناطور. أما في مجال الشّعر فيخصّص بروفسور طه أربعة مقالات لدراسة شعر سميح القاسم، ومقالات أخرى لدراسة شعر كلّ من الشعراء حنّا أبو حنّا، فهد أبو خضرة، فوزي عبد الله، جمال قعوار، ورشدي الماضي. وفي مجال المسرحيّة يدرس الباحث مسرحيّة لسليم خوري. ومن الأدب العربي، يدرس الباحث قصّة”حالة تلبّس” ليوسف إدريس، والقصيصة القصيرة “رجال” زكريّا تامر.
يختتم البروفسور إبراهيم طه كتابه بدراسة حول: “المحفّزات والمعوّقات والمعطّلات- ملاحظات حول منهج الأدب الجديد”. بيّن فيها بأن “قراءة الأدب يجب أن تكون قراءة منتجة مبدعة، لا تلقينيّة مستهلكة، وهذا يتطلّب توفير جوّ من الحريّة والتّشجيع على إبداء الانطباعات والآراء الشّخصيّة المعلّلة إزاء العمل الأدبيّ وأبعاده المختلفة”.