إدارة ترامب اليهودية ومحاولات تهويد القدس – د. غازي حسين
اختار ترامب اليهودي المتطرف ديفيد فريدمان سفيراً لواشنطن في (إسرائيل). وفريدمان مؤيد متحمس ل(إسرائيل) ويدعم استمرار بناء وتوسيع المستعمرات اليهودية في القدس المحتلة وبقية الضفة الغربية. ويؤيد أيضاً نقل السفارة من تل أبيب إلى القدس المحتلة حيث لم تنتقل سفارة واحدة من تل أبيب إلى القدس المحتلة. وتشكل رغبة إدارة ترامب هذه أخطر الإجراءات الأمريكية وأكثرها وحشية وهمجية لدعم تهويد القدس مدينة الإسراء والمعراج خلافاً لموقف العالمين العربي والإسلامي وموقف الأمم المتحدة وكل دول العالم باستثناء (إسرائيل) وإدارة ترامب اليهودية.
ابتعدت كل الإدارات الأمريكية المتعاقبة الاعتراف رسمياً بالقدس الغربية المحتلة عام 1948 عاصمة ل(إسرائيل). فماذا سيحدث إذا نفذ المتهوِّد المهووس ترامب الوعود التي قطعها على نفسه مما سيفتح نار جهنم على القدس و(إسرائيل) وبلدان الشرق الأوسط والعالم بأسره.
وسيثير غضب الشعوب والحكومات العربية والإسلامية ويؤدي إلى شجب وإدانة واستنكار دولي وإشعال الحروب الدينية. وتؤكد هذه المواقف الشيطانية خضوع ترامب وإدارته للوبيات اليهودية ويهود الإدارات الأمريكية وتسخيرهم إمكانيات الولايات المتحدة لخدمة مصالح (إسرائيل) الاستعمارية في فلسطين و الوطن العربي.
وتؤدي هذه الخطوة الجهنمية في حال تنفيذها إلى تدمير مساعي التسوية الأمريكية وإلغاء جميع اتفاقات الإذعان التي نجحت الإدارات الأمريكية في تحقيقها في كمب ديفيد وأوسلو ووادي عربة.
كيف يعين الرئيس الأمريكي ترامب سفيراً يؤيد وينادي ويدعم فكرة عدم الانسحاب من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 وضم الضفة الغربية إلى (إسرائيل) كما فعلت دولة الاحتلال في 26 حزيران عام 1967 عقب احتلالها للقدس الشرقية. واتخذ مجلس الأمن الدولي عدة قرارات اعتبر فيها ضم القدس غير شرعي وغير قانوني وباطل. وما بني على باطل فهو باطل مهما طال الزمن وغلا الثمن.
ويعمل ترامب وسفيره الاستعماري والعنصري في حال نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة إلى إشعال الحرب الدينية وإرسال منطقة الشرق الأوسط إلى الجحيم، لأن (إسرائيل) والصهيونية العالمية والأحزاب اليهودية المتطرفة والمسيحية الصهيونية والماسونية يطالبون بتدمير المسجد الأقصى المبارك وإقامة الهيكل المزعوم على أنقاضه.
وبطبيعة الحال عبّر الاستعماري الحقير نتنياهو عن سروره بتصريحات ترامب وفريدمان حول القدس المحتلة. ورأى فيها فرصة لتحقيق الأكاذيب والأطماع التي رسّخها كتبة التوراة والتلمود والصهيونية وقادة العدو (الإسرائيلي) حول القدس والضفة الغربية. ورحب هو والعديد من وزرائه باختيار فريدمان سفيراً وتصريحاته حول القدس وضم الضفة الغربية، لأن نتنياهو يعتبر الضفة الغربية بما فيها القدس أراض يهودية محررة وليست محتلة، وذلك خلافاً لموقف كل الدول في العالم. ووصل الجنون الديني والسياسي بفريدمان حداً أعلن فيه أنه يتطلع إلى القيام بمهمته كسفير من السفارة الأمريكية في القدس العاصمة الأبدية ل(إسرائيل).
وأثار تعيين فريدمان القلق والاستياء الشديدين حتى في أوساط السلطة الفلسطينية والذي تزامن مع تصريح ترامب بنقل السفارة إلى القدس المحتلة مما يوحي بخطورة السياسة الخارجية الأمريكية تجاه عروبة القدس بشكل خاص وقضية فلسطين بشكل عام وهبوطها إلى سقف صفقات سياسية عقدها ويعقدها ترامب مع أتباعه من الأمراء والملوك العرب وحليفه الاستراتيجي نتنياهو، وذلك في الوقت الذي تصاعد ترحيل (إسرائيل) للعرب من القدس والسماح فقط لليهود بالسكن فيها.
ويعتبر السفير فريدمان من أنصار ضم القدس بشطريها المحتلين ودعم الاستيطان فيها وفي بقية الضفة الغربية والقضاء حتى على رؤية الدولتين. وكان فريدمان قد صرح فور تعيينه سفيراً عن تطلعه العمل على دفع عملية السلام قدماً من السفارة الأمريكية في القدس عاصمة (إسرائيل) الأبدية.
إن تعيين السفير فريدمان التوراتي والتلمودي والصهيوني المتطرف مؤشرٌ خطيرٌ وحقيرٌ على تغيير في السياسة الأمريكية تجاه القدس وتبني لموقف نتنياهو من القدس وتحويلٌ للصراع من صراع سياسي إلى صراع ديني سينشر المزيد من الخراب والدمار من خلال الفوضى الأمريكية و(الإسرائيلية) في بلدان الشرق الأوسط.
ويشكل موقف إدارة ترامب من قضية القدس بشطريها المحتلين اعترافه فيها كعاصمة (إسرائيل) الموحدة أخطر انتهاك للعقيدة الإسلامية وللقانون الدولي وأوحش تغيير في
السياسة الأمريكية، ويعرض الأمن والاستقرار والسلام في الشرق الأوسط والعالم لأفدح الأخطار.
إن اعتراف إدارة ترامب بالقدس بشطريها المحتلين عاصمة موحدة للكيان الصهيوني لا يدفع السلام إلى الأمام وإنما يفتح باب جهنم على (إسرائيل) وأمريكا وعلى السلام العالمي. وهذا ما تريده الصهيونية العالمية والمسيحية الصهيونية واليمين السياسي الأمريكي وترامب الذي يرغب في اندلاع الفوضى المحلية والعالمية.
إن موقف ترامب وإدارته من قضية القدس وحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة تظهر بجلاء عبثية وكارثية المراهنة على المفاوضات والرعاية الأمريكية وضرورة عودة جميع فصائل المقاومة الفلسطينية والقوى والشخصيات والفعاليات الفلسطينية إلى الميثاق الوطني والمقاومة المسلحة حتى تحرير القدس من الاحتلال والاستعمار اليهودي.
آن الأوان أن تقف جميع الدول العربية والإسلامية مع شعوبها وتعمل على تحرير القدس وزوال كيان الاستعمار الاستيطاني اليهودي العنصري والإرهابي وإقامة الدولة الديمقراطية في كل فلسطين التاريخية بدون صهيونية وعنصرية واستعمار استيطاني ورجعية عربية.
فليذهب ترامب وسفيره ونتنياهو و(إسرائيل) إلى ألف جحيم وجحيم والنصر دائماً وأبداً للشعوب المناضلة مهما طال الزمن وغلا الثمن. والمطلوب إلغاء اتفاقات الإذعان والعودة إلى المقاومة المسلحة والميثاق الوطني لتحرير القدس من الاحتلال (الإسرائيلي) البغيض.