الرجل العنكبوت (العودة للمنزل)(2017): – مهند النابلسي
أفضل أفلام السلسلة: المراهق الصبياني الطيب والشرير النموذجي العتيد:
يجمع ما بين الخيال العلمي والأكشن والمغامرة والطرافة والبراءة والفنتازيا في خلطة سينمائية مشوقة ومشوشة ومبهرة تقنيا ولكنها ساذجة بمجملها!
يحاول “بيتر باركر” بمساعدة مرشده “توني ستارك” الموازنة ما بين حياته العادية البسيطة كطالب ثانوية في نيويورك، وما بين محاربته الحثيثة للاجرام المتفشي في انحاء المدينة، وذلك من منطلق استخدامه لقدراته الخارقة “كرجل عنكبوت”، حتى يظهر خطر جديد ماحق يتمثل بممارسات “ميكل كيتون” كشرير نموذجي لا يمكن الوقوف امامه… هذا الفيلم الشيق هو من اخراج “جون واتس”، وكتابة كل من “جوناثان جولد شتاين وجون فرانسيس دالي” مع خمسة كتاب سيناريو آخرين، وتمثيل كل من “توم هولاند وميكل كيتون وروبرت داوني (جونيور)”، والشريط ينجح بتزويدنا بصورة للشخصية المراهقة المتحمسة والصبيانية، حيث ظهر كمراهق طفولي عديم الصبر ونزق وشغوف، اكثر من كونه ممثل محترف، وابدع “مارتين ستار” بدور معلمه الصبور المتفهم الذكي في المدرسة، ولكن تتمثل نقاط الضعف في الفيلم في ضعف التماثل الاخراجي، حيث بدت المشاهد الاولى ضعيفة وغير مترابطة وكأنها من فعل هواة تصوير الفيديو(حيث لاحظت ان عددا من المشاهدين قد غادروا قاعة العرض في تاج مول/عمان)، كما انه بدا كجزء جديد متمم لفيلم “كابتن امريكا”، وبدا “ضعيفا” على غير العادة بمثل هذه الأفلام تقليديا، وغير مشوق حتى بمشاهد الأكشن الصاخبة المتمثلة بانشطار السفينة واعادة تركيبها في جزيرة “ستاتن”.
يتقاسم هذا الفتى المغامر خبرته مع مجموعة “أفنجرز”، ويعود للمنزل حيث يعيش مع عمته الطيبة ماي (ابدعت “ماريسا توماي” بتأدية الدور)، ويبقى تحت حماية ومراقبة حثيثة لمرشده الجديد توني ستارك(روبرت داوني)، ثم يحاول دوما العودة لحياته اليومية الاعتيادية، لاعبا دور “الرجل العنكبوت” من منظور شاب مراهق هاوي وشهم، حتى يدخل بالصدفة “ميكل كيتون” على المشهد (كوالد لصديقته)، الذي يكتشف بدهائه حقيقة الصبي ك”سبايدرمان” خفي، وبالتالي يهدد كل اشياء بيتر الحياتية والعملية.
تستلم الحكومة الأمريكية بقيادة “توني ستارك” مسؤولية تنظيف مدينة نيويورك من المخلفات الصناعية المعقدة المتروكة، ثم بعد ثماني سنوات ينضم الفتى “بيتر باركر” لمجموعة “أفنجرز” لحل المشاكل الداخلية، فيما يستمر باكمال دراسته في مدرسة العلوم والتكنولوجيا، عندما يخبره “ستارك” بانه لم يصبح بعد جاهزا للانضمام لمجموعة “أفنجرز”، عندئذ يركز صديقنا على جهوده الذاتية العفوية لمكافحة الجريمة المتنامية من منطلق كونه “الرجل العنكبوت”…وعندما يحاول في ليلة ما منع مجموعة من المجرمين من سرقة جهاز “صرف آلي” بنزعه عنوة من احد البنوك باستخدام اسلحة متطورة، يكتشف اعز اصدقائه (التايلندي السمين الطريف) “تيد” سره المخفي، وفي الليلة التالية يواجه باركر عصابة “توميس”المحترفة وهم يحاولون بيع اسلحة محظورة لمجرمين محليين يقودهم المدعو “آرون دافيس”، ويتورط باركر في صراع غير متكافىء معهم حيث ينقذه مرشده ستارك، الذي يراقبه دوما عن كثب، كما يحذره من التورط مع العصابات المحلية الخطرة، ويحدث بالصدفة أن يقتل أحد معاوني “توميس برايس” بأحد هذه الأسلحة الضارية، ليعود باركر ويدخل على خط المواجهة.
مشاهد خارقة وصراعات لاهثة: “نحن نبني طرقاتهم ونخوض حروبهم ويهمشونا”!:
الفيلم يتضمن كما كبيرا من الأحداث والصراعات الخارقة والمطاردات اللاهثة، فهناك عصابات تبيع الأسلحة الفضائية المحظورة يكمن عرينها السري في محطة وقود، وهم يسرقون شاحنة كبيرة لهذا الغرض، وقد خططوا لتفجير قنبلة “نسيجية” جديدة متطورة تصدر طاقة متوهجة كبيرة في استاد رياضي كبير يضم مسابقات مدرسته الرياضية…كما يبدع سبايدرمان في انقااذ صديقته ولصقها قبل ان تسقط للأرض، وينجح بمهارة برفع المصعد الهابط في اللحظات الأخيرة من علو 170 مترا من ناطحة السحاب “النيويوركية”، وتحدث في المشاهد ما قبل الأخيرة مواجهة مصيرية بينه وبين الرجل المجنح الحديدي البارع “ميكل كيتون”، الذي يحمل في بزته المتطورة نظام قتل فوري مبتكر، ويقول له باستهزاء: “انت تعبث باشياء لا تفهمها”!…ثم نرى جهود السبايدر مان الخارقة لاعادة تركيب الباخرة المنقسمة لنصفين، وهو مجرد فتى في ال15 من عمره، وقد نجى باعجوبة بعد ان اتصل بخمسة مراكز لشرطة، وفوق كل ذلك يحاول ان يبدو عاديا بريئا “تفوح منك رائحة النفايات” كما يقول له مرشده باستخفاف وسخرية، محاولا العودة للانضمام لحفلة المودة المدرسية الموسمية، التي تضم زملاؤه التلامذة مع حبيبته السمراء الجذابة “ليز”، ليكتشف بالصدفة أن الشرير الجسور (الممثل المخضرم البارع مايكل كيتون) هو نفسه والد صديقته اللطيفة…لكن خصومه الأوغاد يتمكنون منه اخيرا بالضرب المبرح، ثم ينجح بالصاق خصمه العنيد بواسطة شبكته العنكبونية التي لا تخذله بتاتا في مثل هذه المواقف القتالية، ثم يتوجب عليه ان يقلع بعد تسعة دقائق فقط للوصول لصديقه “هابي” الذي ينتظره ومن ثم للفوز بنموذج “درع الكابتن” الشهير، والذي يقول له مفاجئا:”يجدر بك عدم لبس البزة لأنك غير مؤهل بعد” (ومتى سيكون مؤهلا؟)، ويسعى بعد ذلك للالتصاق هاربا بالجزء الخلفي للطائرة النفاثة، فيما يقول له مرشده “نحاول انقاذك بعد دمار ساحق”، ليعود بطلا مظفرا للحي والطبقة العاملة (سخافة دعائية-شعبوية ساذجة) …وبالحق فقد كانت كل هذه المداخلات وبعض الحوارات والالتوائات غير ضرورية اطلاقا وخاصة مع فيلم “كابتن أمريكا” وأضعفت من وجهة نظري الفيلم وأضرت بخصوصيته وفرادته ضمن السلسلة الشهيرة، ولكن هذه هي وجهة نظري الخاصة بعيدا عن تقييم معظم النقاد الذي اثنوا عليه كثيرا وبالغوا بتمجيده ولا اعرف لماذا؟.. ربما لأنه يعزف على “السوبرمانية” الأمريكية ويعززها كمفهوم تلقائي سيكلوجي مدمج في النفسية القلقة المضطربة التي تسعى دوما للهيمنة والتفوق وفرض نموذج البطل “الطيب” امام العدو “الشرير”، والله اعلم!
مهند النابلسي/
باحث وناقد سينمائي/mman2005@yahoo.com