حقد الواعظ روبيرتسون
نضال حمد
يتقاطع مع كتابات الردة..
الواعظ المحافظ العدائي، المسيحي الإنجيلي الأمريكي روبرتسون يطلع علينا من جديد بتصريحات جديدة. يقول فيها بأن المسلمين أسوأ من النازيين، وبأنهم يريدون إبادة اليهود، لذا على اليهود في أمريكا أن يستيقظوا وأن يفتحوا أعينهم ويقرؤوا ما يُقال عنهم…
جاء كلام الواعظ الحاقد عبر محطة تلفزيون” كريشتان برود كاستينغ نيتوورك” التي يملكها وعبرها ينشر سمومه الموجهة إلى المسلمين أينما كانوا.
معروف عن المحطة أنه يتم التقاطها في أكثر من 180 بلدا وتبث ب 71 لغة مختلفة. ولها رسالة غير واضحة من الناحية الدينية، أما رسالتها الأخرى والمعلنة هي تأجيج العداء والحقد والكراهية والضغينة على الدين الإسلامي والمسلمين. وجدت رسالتها في استغلال الصراع العربي الصهيوني من خلال تصوير العرب على أساس انهم مجرمين وإرهابيين وسفاحين قتلة، فيما اليهود على العكس تماما.
للأسف هذا الفكر الكنسي العقيم والذي هو نتاج اليهودية السياسية المتمثلة بالصهيونية ساعد ومازال يساعد الموقف الأمريكي المعادي لكافة تطلعات الشعب الفلسطيني بالحياة الحرة والكريمة والاستقلال الحقيقي.
هذا الواعظ الصليبي الاستعلائي الحاقد، المملوك فكريا وعمليا لأهواء العقيدة الصهيونية التي تحرك طوابير المجندين من رجالات الكنائس المسيحية المتطرفة، والتي ترفع عاليا لواء (إسرائيل) ومناصرتها في حربها ضد الفلسطينيين والعرب. حتى أنهم يعتبرونها حرب ضد المسلمين ودفاعا عن فكر الدين المسيحي الذي ينتظر قدوم المخلص يسوع.
هذه المجموعة من البشر الذين يفكرون بنفس طريقة الواعظ العنصري يسيطرون على الحياة المسيحية في أمريكا إلا في حالات قليلة نادرة. فهذه ليست المرة الأولى التي يخرج فيها رجل دين مسيحي ويتهم المسلمين والعرب بالإرهاب والدموية، وروبرتسون الذي لازال يعيش في قوقعة أفكاره الصليبية الحاقدة لم يتوانى عن وصف المسلمين بالعدو الأسوأ. فيقول: ” أدولف هتلر كان سيئا لكن ما يريد أن يفعله المسلمون باليهود أسوأ”.
هذا الكلام لا يصدر إلا عن إنسان حاقد شديد العداء للآخرين وبالذات للمسلمين. وكلام الواعظ ليس الأول ولن يكون الأخير في زمن بوش وما قبل بوش من الرؤساء الأمريكان. ومعروف أن منظمات ومجموعات يهودية وإسلامية شجبت في الماضي تصريحات هذا الواعظ العنصري. ومعروف كذلك عنه ترشحه سابقا للرئاسة الأمريكية وبقي حتى العام الماضي المسؤول الرئيسي عن الائتلاف المسيحي، المنظمة المسيحية السياسية المحافظة.
إن كانت حملة العداء للعرب والمسلمين في أمريكا تدل على شيء فأنها تدل على أن أمريكا لم تكن يوما ما أمريكا التي صورتها وسائل الأعلام جنة الديمقراطية وواحة الفكر والرأي الحر في صحراء القمع والتخلف والاستبداد. وأن أمريكا تعزف مزيكا لمن تريد وتضرب قنابل على من تريد. ونحن العرب بمسلمينا ومسحيينا وبشيوعيينا لسنا في جناح المزيكا بل في غرفة الأنتيكا الأمريكية، حيث لا مكانة لنا بين الأمم، بينما المكانة والحصانة لقطعان اللمم الصهاينة. كما هو حال أمريكا وربيبتها (إسرائيل).
لو أن للعرب مكانة محترمة في هذا الزمان الذي نعيش أكان هذا الواعظ الممعوط يتجرأ ويتطاول هو ومن على شاكلته من الأوباش على المسلمين والعرب؟
هذا الواعظ المعادي والحاقد ليس وحده في الحرب على أهل الشرق والإسلام والمسلمين. ففي النرويج البلد الصغيرهناك بعض الناس يهاجمون المسلمين ويتطاولون بأكاذيب واهية ودعايات مغرضة على الإسلام والمسلمين. فمنهم من أصبح بقدرة قادر سيبويه اللغة النرويجية في أقل من سنتين، قضاهما في التسكع على الشوارع وفي الثرثرة فوق أرصفة الطرقات. هذا الذي أصبح متمكنا من اللغة النرويجية خلال فترة قياسية أتحفنا قبل أسابيع قليلة بمشاركة لها معانيها، أولا جاءت معادية للإسلام وغير منصفة وعادلة وثانيا حملت تجني وتهما وادعاءات الهدف منها خلق جو عدائي بين المسلمين في النرويج والنرويجيين.
ثم أن للذي وقع لقبه وأسمه تحت المقالة وخلفه من كتبها له باللغة النرويجية أهدافا أكبر من نشر رسالة معادية للمسلمين. هذه الأهداف لها علاقة بكل ما يحدث في أمريكا والشرق العربي وبالانعكاسات التي تظهر هنا وهناك. طبعا تلك الرسالة المقالة أو الغارة جوبهت برد مرتب ومهذب من بعض ممثلي الجاليات الإسلامية في النرويج.
المؤسف في هذا كله أن الذين هاجموا الإسلام أصولهم إسلامية ويتحدثون العربية لكن لسان حالهم ولغتهم الحالية عبرت عن انسلاخهم وارتباطهم بمذاهب ليست دينية بقدر ما هي خدماتية.
أما الذين دافعوا عن كرامة الإسلام والمسلمين فكان بعضهم من النرويجيين المسلمين الذين لا يعرفون أي شكل من أشكال العصبوية والتعصب والارتباطات المعيبة، كما حال بعض العرب والمسلمين من جماعات شهود يهوه وكنيسة فيلادلفيا والكنيسة الإنجيلية الأمريكية، والله أعلم ماذا بعد..
هذان الاتجاهان الواعظان واللذان يبثان السموم والنفايات وينشران الأكاذيب والاتهامات ضد المسلمين والإسلام لن ينجحا أبدا في خلق جو راديكالي بين العرب والمسلمين، لأن الناس في هذه البلاد تعيش بحرية وأمان وسلام وتمتثل للقانون الذي هو فوق الجميع وتطبيقه يشمل الجميع. فمن يدعي الحرص على إنشاء جماعات أو مجموعات مناقضة ومناهضة ومهادنة بحجة كبح خطر الراديكالية بين العرب والمسلمين في هذه الجهات من أرض الله الواسعة هو كمن يصطاد في الماء العكر. فالجميع ملتزم بالنظام ويعمل بالقانون والقانون سيد الموقف وفوق الجميع مسيحيين ومسلمين وعرب وعجم وفلسطينيين ويهود وكرد وترك وأفارقة وهنود..
ومرة أخرى نؤكد أنه ما من أحد يستطيع سلخنا عن جذورنا و إبعادنا عن قضايانا وهموم أوطاننا الأصلية وشعوبنا وناسنا. نعم نحن نرويجيون أو أمريكيون من أصول فلسطينية وعربية و إسلامية ومسيحية لازلنا نرتبط بجذورنا العربية وسوف نبقى ندافع عن قضايانا العادلة ملتزمين بالقوانين النرويجية أو الأمريكية التي وفرت لنا الحياة الحرة والكريمة في البلاد التي نعيش فيها الآن. لكن نحن بنفس القدر الذي نحافظ به على أصالتنا وجذورنا نحافظ بنفس الوقت على أمانتنا للبلد الذي نعيش فيه ونتمتع فيه بكامل الحرية والكرامة. والنرويج بلدنا كما البلاد العربية من العراق الى لبنان والمغرب وفلسطين أوطاننا. لن نسمح لأحد منا بالتطاول على القانون كما لن نسمح للأوباش بالتطاول على قدسية قضيتنا الوطنية وقضايانا العربية وحرية عبادتنا المسيحية أو الإسلامية. أما حرية العبادة والدفاع عن الفكر السياسي الديني الملتزم بقضايانا العادلة فهذا لا يعني أن بعضنا صار راديكاليا، إذ منا الشيوعي والاشتراكي والقومي والإسلامي والعلماني وهكذا هو حالنا، كأحوال الآخرين، تجمعنا همومنا ومشاكلنا وقضايانا الصغيرة والكبيرة هنا في المهجر وهناك في البلاد.
المطلوب الآن مواجهة حملات العداء التي تستهدفنا بحضارتنا وثقافتنا وعاداتنا وتقاليدنا ودنيانا ودياناتنا لأن المطلوب شطبنا والمخفي أعظم.
* أوسلو 13-11-2002