جيش الغزو والعدوان المسمى جيش الدفاع…
نضال حمد
في تكريس لمفهوم العداء (الاسرائيلي) لكل ما هو فلسطيني من البشر الى الشجر وصولا للجريدة والخبر وحتى التلفزيون والأذاعة والأفلام والصور، وكل ما هو خارج دائرة العسكر والعسكرية. قام قطيع أرهابي من جنود الجيش الفاشي اليهوشعي الشاروني بالانتقام من الفلسطينيين يمحاصرة مبنى الاذاعة والتلفزيون الفلسطينيين، ومن ثم أحتلاله وطرد العاملين فيه وسرقة ومصادرة بعض محتوياته. وفي النهاية تلغيم المبنى وتفجيره انتقاما لعملية الخضيرة التي تبنتها كتائب الأقصى التابعة لحركة فتح. والتي جاءت انتقاما وردا على أغتيال المناضل الفتحاوي المقاوم رائد الكرمي.
كما كانت الطائرات الصهيونية الأمريكية الصنع والمصدر قامت بقصف مباني عديدة تابعة للسلطة الفلسطينية في طولكرم ودمرتها تماما على دفعتين. الدفعة الثانية جاءت لتحدث أكبر عدد من الأصابات بين المواطنين حيث هرع عدد كبير منهم لمساعدة المصابين في الغارة الآولى. كما أن سِجن السلطة في المدينة نفسها تعرض للقصف وبأعجوبة لم يصب أحد من المعتقلين الفلسطينيين المعارضين لسلام اوسلو.
ومعلوم أن أحد قادة السلطة في مدينة طولكرم كان أطلق في السابق سراح كافة المعتقلين السياسيين من هذا السجن خوفا على حياتهم. ولأنه كان يعلم أن السلطة لا تستطيع حمايتهم ولا حتى حماية نفسها من طائرات (اسرائيل). والقائد المذكور فعل ما رآه صحيحا وما أملاه عليه ضميره وواجبه الوطني والأخلاقي والأنساني ودون الرجوع للسيد الرئيس مما كلفه منصبه ووطيفته. إذ أمر رئيس السلطة بأقالته فورا ودون نقاش … لكن المنطق يقول بأن هذه الغارة الهمجية على سجن طولكرم يجب أن تكون السبب أيضا في عودة هذا القائد لمنصبه، حيث ثبت أنه كان على صواب يوم أمر بأطلاق سراح المعتقلين لحمايتهم ولكي لا يموتوا في سجون أخوانهم ولكي لا تتحمل السلطة الفلسطينية مسؤولية موتهم مناصفة مع (الأسرائيليين).
وضمن حملة الدمار والحقد والانتقام المجبول بالخيبة والعار وبالعجز عن قمع ارادة شعب الفداء والتضحيات. هاجمت رشاشات ودبابات الأرهابيين من أحفاد يهوشع وغولدامئير مبنى وكالة الأنباء الفلسطينية وفا في مدينة نابلس، حيث تعرض لاصابات وأضرار جسيمة نتيجة اعتداءات (جيش الدفاعى الأسرائيلي). هذا الجيش الذي قضى عمره وهو يهاجم جيرانه العرب منذ تأسيسه قبل حوالي 50 عاما وحتى يومنا هذا. ففي الفترة الممتدة من 1948 حتى 2002 لم يدافع هذا الجيش الغازي، المسمى زورا جيش الدفاع سوى مرة واحدة في حرب تشرين ” أكتوبر” عام 1973 حيث حاولت جيوش مصر وسوريا تحرير سيناء والجولان. لكن ما لبثث الحرب التي بدأت بتقدم سريع وكاسح أن تحولت الى كارثة بفعل خيانة الرئيس الراحل أنور السادات وسياسته العجيبة آنذاك. كانت تلك هي المرة الوحيدة التي شعر فيها جيش الدفاع أنه فعلا يدافع عن نفسه أما باقي الحروب والمعارك كان هو البادئ دوما. فهذا الجيش لا يعكس تسميته لأنه هو الجيش الذي روع الفلسطينيين واحتل أرضهم على دفعتين في النكبة عام 1948 وفي النكسة عام 1967 وهو الذي احتل سيناء والجولان وفيما بعد جنوب لبنان ولازال يحتل مزارع شبعا والجولان اضافة لكل فلسطين.
هذا الجيش الذي تحول مع الانتفاضة الفلسطينية الآولى لمكسر لعظام الفلسطينيين بفضل عبقرية جنرال السلام المغدور والمقتول رابين. فيما تحول مع الانتفاضة الثانية من جيش دفاع الى جيش أرهابي قمعي، مهمته قتل الأطفال واقتلاع الأشجار وجرف البيوت والحقول وتدمير المدارس والمساجد والكنائس، كذلك اصطياد الناس وقتلهم بعد تعذيبهم وتشويه جثتهم، وأحيانا سرقة أعضائها كما حدث مع الفتيان الثلاثة أخيرا في غزة.
هذا الجيش الدفاعي يدافع عن احتلاله للأرض الفلسطينية بمنعه حتى الكُتُب الفلسطينية من السفر وعبور معبر رفح للمشاركة في معرض القاهرة الدولي للكتاب الذي بدأ فعالياته أول من أمس.
هذا الجيش يمنع كذلك النساء الفلسطينيات الحوامل من التوجه الى المستشفيات للولادة، مما يجعلهن عرضة للموت وللانجاب على الحواجز العسكرية، المدافعة عن فاشية المجتمع (الاسرائيلي) اليهودي، وعن ظلامية الاحتلال وسوداوية أفعاله الاجرامية، التي أستلهمت بشكل جيد جدا التجربة النازية، وتعلمت منها الكثير وأغنتها بالجديد الصهيوني. وما يؤكد كلامنا هذا العدد الكبير من الولادات والوفيات الفلسطينية على حواجز جيش يهوشع وشارون في فلسطين المحتلة.
هكذا اذن يكون الدفاع عن وجود (اسرائيل) الفاشية وعن عقلية العنف والغدر والحقد والاجرام التي يمثلها قادة دولة (اسرائيل) من اليسار الى اليمين.
هكذا ايها الصهاينة الغزاة سوف تقضون العمر في حروب تسمونها دفاععية وهي بالأصل ارهابية، هجومية، عدوانية، فاشية، أجرامية، استئصالية واستيطانية صهيونية…
وهكذا ستدفعون حيواتكم ووجودكم وتجعلون (أسرائيلكم) مقبرتكم من أجل أفكار وأهواء قياداتكم الحاقدة، وجنرالات جيشكم الذي لا يعكس تسميته بل يعطينا كل يوم مثالا جديدا وواضحا على دمويته وعدوانيته وعنصريته، وعلى عدم شرعية أعماله الشنيعة وجرائمه القذرة والمدانة، تلك التي تمر دون عقاب ومحاسبة.
فكل بيت يجرف سوف تصبح العائلة التي كانت تسكنه وشردت منه مشروع مجموعة استشهادية ستنشر الرعب والهلع في كل بيت وحارة وشارع وقاعة في كيانكم الغازي. وسوف تكون القاضي الذي يقاضي المجرم والارهابي وتصدر الحكم على القاتل والمعتدي وتنصف المعتدى عليه وتخفف قليلا من غضبه.
بعد جرف البيوت الفلسطينية وتدميرها وتشريد سكانها وبعد حجز حرية الرئيس الفلسطيني وقبل حجز كل سكان فلسطين، وبعد تدمير مبنى الاذاعة والتلفزيون ووكالة الأنباء الفلسطينية، وبعد أحتجاز الكُتُب واحتلال السماء والبحر والبر، وأقفال المعابر والطرقات والحدود والممرات، وبعد كل ما ابتكرته السادية اليهودية الصهيونية في (اسرائيل) وأمريكا الصهيونية العقلية والمنطق واللسان والانحياز… وبعد كل القتل والحصار والتعدي الجائر وصمت العالم أو تأييده للعدوان، لم يعد أمام الفلسطيني سوى الاعتماد على نفسه وعلى ارادة ومشيئة مقاومته، ومواجهة جيش الهجوم (الأسرائيلي) المسمى جيش الدفاع بكل ما أبتكرته من أسلحة تصد العدوان وتنهي الاحتلال.
بقلم : نضال حمد
20-1-2002
جيش الغزو والعدوان المسمى جيش الدفاع…