السفيرة (الإسرائيلية) تنتقد الأسرة الحاكمة في النرويج
تسببت تصريحات أطلقتها السفيرة (الإسرائيلية) في النرويج مريام شومراط في عاصفة غضب وردود فعل في النرويج. حيث أنها تدخلت في ما لا يعنيها متجاوزة بذلك صلاحياتها وكل الخطوط الحمر. إذ ظهرت بمظهر الجاهلة التي تنقصها المعرفة بطبيعة البلد الذي تمثل بلادها فيه كسفيرة. ففي مقابلة تلفزيونية انتقدت شومراط الأسرة الحاكمة النرويجية (التي تحتل منصبا رمزيا لا يخولها القيام بمهام الحكم لأن الحكم في النرويج برلماني). مما اعتبر تجاوزا منها لعملها.
وقالت شومراط اثناء المقابلة المذكورة:
” إنني أعتقد أن هناك مكان للفتة طيبة من الأسرة المالكة اتجاه الجالية اليهودية عشية رأس السنة العبرية، بتأكيد التضامن بعد إطلاق النار على كنيس… أعذروني لأنني أقولها بهذا الوضوح ولكنني أعتقد أنه يجب القيام بهذه المبادرة الهامة جدا“.
اعتبر يوناس غاهر ستوره وزير الخارجية النرويجي أقوال شومراط بأنها غير مناسبة. وأضاف ستوره أنه يتوجب على سفير دولة أجنبية أن يعرف أن العائلة المالكة لا يمكنها الرد على ادعاءات من هذا النوع. وعليها أن تعرف أن الحكومة هي من يجب أن يعبر عن موقف السلطات النرويجية. وأعتقد أنها أقوال غير ملائمة من سفير دولة أجنبية في النرويج.
كما انتقدت متحدثة باسم الجالية اليهودية النرويجية تصريحات السفيرة (الإسرائيلية) التي تحدثت باسم اليهود النرويجيين وطالبتها بالاعتذار من العائلة الحاكمة. وقالت أن السفيرة تصرفت بشكل طائش جدا وغير حكيم. ومعروف أن للأسرة الحاكمة مكانة كبيرة في النرويج ولدى المواطن النرويجي الذي لم يعتد على مثل تلك التصريحات التي تنتقد الأسرة الحاكمة. فهذا شيء جديد على النرويجيين خاصة أنه يأتي من سفيرة دولة أجنبية كان ينبغي عليها معرفة الأصول والتقاليد وطبيعة الحياة السياسية ودور العائلة الحاكمة في النظام الديمقراطي البرلماني النرويجي.
ليست هي المرة الأولى التي تتدخل فيها السفارة (الإسرائيلية) في النرويج في الحياة العامة النرويجية. فقد فعلت ذلك سابقاً وهاجمت مثقفين وصحف ونقابات وفنانين ورسامين وحتى سياسيين، كانوا اتخذوا مواقف قوية من الإرهاب اليومي الذي يمارسه الاحتلال الصهيوني في فلسطين، ومارسه مؤخراً كذلك في عدوانه على لبنان.
كما تقوم السفيرة أيضا بالكتابة في بعض الصحف النرويجية وتخوض جدل ونقاش مع الإعلاميين والقراء النرويجيين في حملة مضادة للموقف الشعبي النرويجي المعارض بغالبيته لأعمال العدوان والإرهاب التي تقوم بها قوات الاحتلال (الإسرائيلي).
في فترة سابقة أثناء العدوان على لبنان نشرت إحدى الصحف رسما كرتونيا يصور رئيس الوزراء اولمرت كصائد للبشر يصطاد الفلسطينيين ببندقيته مما أثار شومراط وسفارتها حيث قاموا بتوجيه حملة ضد الصحيفة اليومية النرويجية، وضد الرسام الذي رسم الكاريكاتور المذكور.
ولا نريد هنا العودة أيضا إلى موضوع الأديب النرويجي الكبير يوستن غاردر الذي كتب خلال العدوان على لبنان في تموز 2006، وبعد مذابح غزة المتكررة مقالته المدوية ” لم أعد أعترف بإسرائيل” ليتهم فورا بأكبر نرويجي معادي للسامية، وبأنه يكره اليهود واليهودية، ويعادي شعب الله المختار.
وقامت السفيرة في حديثها لوسائل الإعلام بذكر اسمه على أساس أنه عامل مشجع ومساعد على تنامي العداء للسامية واليهودية.
كما أن الحملة (الإسرائيلية) المنظمة ضد الشخصيات والمؤسسات النرويجية التي تطالب بمحاسبة أو مقاطعة (إسرائيل) وفرض حصار عليها مستمرة. وطالت أيضا شخصيات نرويجية كبيرة وهامة جداً مثل رئيس الوزراء الأسبق كوري فيلوخ، الذي لا يخفي انتقاداته اللاذعة والشديدة لكيان (إسرائيل) وللولايات المتحدة الأمريكية.
هذا وذكرت شومراط ايضاً اسمه مع اسم الأديب غاردر كمثال في مقابلتها مع الصحافة، حيث قالت أنهما أحد أسباب تنامي العداء لليهود بسبب ما يقولانه عن (إسرائيل).
كما كان أصدقاء (إسرائيل) ومعهم السفارة (الإسرائيلية) وجهوا في السابق الاتهامات لزعيمة حزب اليسار الاشتراكي، وزيرة المال في الحكومة الحالية كرستن هلفرشون المعروفة بتأييدها ومناصرتها للقضية الفلسطينية. وكانت دعت الشعب النرويجي بداية هذا العام لمقاطعة البضائع (الإسرائيلية). ومعروف أن حزب اليسار الاشتراكي الذي تتزعمه نضم حملة كبيرة في النرويج تهدف لمقاطعة (إسرائيل) وتبنى الحزب قضية المقاطعة.
كما وجهت السفيرة الصهيونية نفس الاتهامات للسيدة غريد ليف فالا رئيسة نقابات عمال النرويج بسبب موقفها الثابت في دعم الشعب الفلسطيني ورفض الاحتلال والارهاب والعدوان وخرق القوانين الدولية. فاتهمت فالا بمعاداة (إسرائيل) واليهود لأنها تريد أيضا فرض عقوبات على كيان الاحتلال (الإسرائيلي) وتقف مع مقاطعته. كما هناك شخصيات نرويجية كثيرة تعرضت للهجوم والتشهير بسبب موقفها من أعمال (إسرائيل) العدوانية الارهابية الهمجية والعنصرية والدموية اتجاه الفلسطينيين..
تأتي هذه الموجة الجديدة من التصريحات بعد الاعتداء الذي تعرض له كنيس يهودي في أوسلو الأسبوع الماضي. حيث قام أربعة أشخاص بإطلاق 11 رصاصة على واجهة وجدار الكنيس . تبين فيما بعد أن الشرطة كانت تراقب هؤلاء الأشخاص وأنها وضعت أجهزة رصد وتنصت في سياراتهم وراقبت هواتفهم. ويقبع هؤلاء الأشخاص الآن في السجن رهن التوقيف ويخضعون للاستجواب. وهناك أقوال بأن أحدهم وهو زعيم المجموعة من أصول باكستانية ومعروف بتاريخه الجنائي، كان سافر إلى باكستان ودخل مدرسة إسلامية تعلم فيها الدين، وأنه تحدث عن بالغ تأثره بمذبحة عائلة الطفلة الفلسطينية هدى غالية على شاطئ غزة. وقالت وسائل الإعلام النرويجية أنه كان في ألمانيا حيث اعتقل هناك وبحوزته صور لتلك المذبحة التي ارتكبها (الإسرائيليون). على كل حال يبقى كل هذا مجرد كلام إلى أن تتضح الحقائق خلال الأيام القادمة. لكن على شومراط شد الأحزمة والرحيل لأنها أحرقت جسور التواصل مع شعب هو بالأصل غير راضٍ عن سياسة كيانها.
السفيرة (الإسرائيلية) تنتقد الأسرة الحاكمة في النرويج
تاريخ النشر: 27/09/2006
بقلم: نضال حمد