الجنرال كاربنسكي شاهد من أهله
نضال حمد
جاء كلام الجنرال جانيس كاربنسكي مسئولة الشرطة العسكرية في السجون والمعتقلات السابقة في العراق المحتل، حول التقائها بمحققين (إسرائيليين) في سجن آخر غير سجن أبو غريب الشهير. ليؤكد للجهلة وللمنافقين وللساذجين وللمترددين والمنسلخين عن عروبتهم واسلامهم وقوميتهم ومشرقهم من العراقيين، بأن العراق أصبح بأيدي عدوانية أمينة وحريصة على صهينته من النهر الى النهر تمهيدا لتحقيق حلم الصهاينة باقامة كيان صهيوني (اسرائيلي) يمتد من الفرات الى النيل.
الجنرال كاربنسكي قالت أنها تملك أدلة على مشاركة (إسرائيليين) في التحقيق مع معتقلين عراقيين في سجون العراق. وادعت أنها التقت بأحدهم وكان يتكلم العربية، وحصل اللقاء في مركز استجواب بغداد، وقال (الإسرائيلي) انه ليس عربيا لكنه يتكلم العربية. وبهذا تكون كاربنسكي أقفلت الأفواه التي لازالت تتحدث عن حرية العراق وعدم وجود (إسرائيليين) في بلاد الرافدين.
كاربنسكي ليست عربية ولا “قومجية” ولا يسارية ولا من التيارات الإسلامية، بل هي من الاحتلال وضحاياه في الصراع الداخلي على ثروات العراق. واعترافاتها تجيء لتقفل أفواه خدم الاحتلال الذين يقذفون كل ما له علاقة بكيان (إسرائيل) في العراق على ما يسمونه عداء العرب للعراق الجديد.
اعترافات كاربنسكي تعزز ما جاءت به التقارير الصحفية الأجنبية والأمنية الإقليمية عن قواعد تجسس ووجود للموساد الصهيوني في العراق، ولا يمكن للواهمين أو المفسدين أن يغطوا ما يحدث في العراق. إن صحت التقارير التي تقول بأن الصهاينة قاموا بشراء أراضي شاسعة (تقدر مساحتها بمائتين وخمسين هكتارا) بأسعار خيالية من السكان الفقراء في منطقة ساويتا القريبة من الحدود العراقية السورية، ونفس الشيء حصل على الحدود العراقية الإيرانية، فأن ذلك يعتبر مؤشرا جديدا على خطورة ما يدور في العراق بالنسبة للعراقيين أنفسهم بكل فئاتهم ولسيادتهم الحقيقية على بلدهم ولمستقبل علاقاتهم مع جيرانهم.
فرائحة التوتر ليست قادمة من الاتجاه المعاكس كما يدعي أتباع الاحتلال في العراق بل من منطق الحكومة العراقية المعينة من قبل الأمريكان والصهاينة، ومن ثوابت السياسة الأمريكية في العراق الجديد، سياسة فرق تسد، أي زرع الأسافين بين العرب والأكراد وبينهم وبين إيران وتركيا وفي النهاية بين كل سكان العراق.
كلام الجنرال كاربنسكي يفتح القضايا العالقة مثل قضية المرحوم أبو العباس، فهناك احتمالات كثيرة قد تؤدي إلى نتيجة مفادها أن إمكانية تصفيته واردة، فالمحققون صهاينة و(إسرائيليون) والضحية شخصية فلسطينية مهمة ومتهمة بقتل يهود و(إسرائيليين) أو إرسال فدائيين لتنفيذ عمليات ضد اليهود الصهاينة و(الإسرائيليين). ولما لا يكون موت أبو العباس عملية تصفية مادام المحققون من كيان الصهاينة؟
كما يجب التذكير بأن عشرات العراقيين قتلوا تحت التعذيب ولا ندري كم من العرب المفقودين مات أو فقد أو اغتيل أو تمت تصفيته في سجون الاحتلال في العراق الجديد.
لفت انتباهي في فترة فضائح الاحتلال في سجن أبو غريب صورا وصلتني لحراس أمريكيون طبعوا وشما بنجمة داوود وعلم الصهاينة على أكتافهم. وكانت تلك الصور ترد تباعا بعد أن افتضح أمر التعذيب في سجن أبو غريب وغيره من معتقلات العراق. فعندما تتحدث الجنرال كاربنسكي عن أبي غريب وعن الوجود الصهيوني في العراق فهي تقول ذلك لتدافع عن نفسها. ولكي تؤشر بإصبع الاتهام على الذين حاولوا توريطها في فضيحة أبو غريب وجعلها مع بعض العناصر والحراس كبش فداء لسياسة عامة خطها رامسفيد بنفسه ووافقت عليها الإدارة الأمريكية بقيادة بوش.
كلام كاربنسكي ليس كلاما عاديا لأنه وضع أمريكا وأزلامها في موقف حرج، خاصة الذين يدعون منهم أن العراق الجديد يواجه مؤامرة قومجية وعربية ويسارية وإسلامية. وهؤلاء الذين يقولون بأن الحكومة الجديدة غير مسئولة عما جرى في الوقت الذي سبق تسلمها السلطة ليسوا سوى بضاعة أمريكية مجربة ومعروفة، تم كشف أمرها منذ ما قبل احتلال العراق.
أما الذين أرسلوا التبريكات والشكر لبوش وبلير فهؤلاء ليسوا بحاجة لتبرير أي شيء لأنهم جزء من عقلية المؤامرة الصهيونية الأمريكية على العراق بشكل عام. وهم نتاج نظرية الشكر والعرفان لمن احتل الوطن وانتهك العروض وامتهن الكرامة والسيادة ولازال يسلب الحرية والثروة..
نعتقد أنه لو تركت الأمور لأمثال التابعين لأمريكا والسائرين خلفها ظالمة أو مظلومة لكان هؤلاء قاموا بأنفسهم بإحضار الصهاينة كلهم إلى العراق كي يثبتوا عملية احتلاله وانسلاخه عن محيطه العربي.
الجنرال كاربنسكي شاهد من أهله
نضال حمد
2004 / 7 / 6