عنصرية “اسرائيل” اخطر من عنصرية ألمانيا النازية
( حكومة نتنياهو نموذجا )
د. غازي حسين
لم يشهد الكيان الصهيوني حكومة استعمارية وعنصرية متطرفة كحكومة نتنياهو الحالية حليفة محمد بن سلمان , والتي تجسد الاستعمار الاستيطاني اليهودي والتطهير العرقي للشعب الفلسطيني والعنصرية والتمييز العنصري بأجلى مظاهره, وارهاب اسرائيل النظام الدخيل على المنطقة والغريب عنها و المعادي لشعوبها .
لقد تناسى نتنياهو في خطابه الاستعماري ان الغزاة يأتون ويذهبون , وان الإمبراطوريات كالبشر تشب وتقوى ثم تشيخ وتنهار, بينما يبقى الانسان الاصلي والارض و الحضارة .
يقول نتنياهو في خطابه الاستعماري المقيت , ان الارض الفلسطينية ملك لليهود , وذلك انطلاقا من الاساطير والخرافات والاكاذيب التي دونها كتبة التوراة والتلمود . وأيده بذلك محمد بن سلمان. واعلن ان اليهود اقاموا دولتهم على جزء من ارض اجدادهم.
فالتوراة الحالية مزيفة , دونها بعض الكهنة اليهود لخدمة اهدافهم واطماعهم الدنيوية , اذ لا يمكن للإله أن يتعاطى في قضايا عقارية كمنحه ملكية فلسطين لليهود فقط إلى ابد الآبدين.
كانت فلسطين منذ بدء التاريخ وقبل ظهور اليهودية و المسيحية والإسلام مسكونة بمواطنيها من اليبوسيين والكنعانيين و الفلسطينيين والعماليق العرب , وان الإسرائيليين لم يكونوا الا مجموعة قبلية متخلفة وهامشية , سيطرت على منطقة صغيرة من فلسطين ولفترة قصيرة من الزمن .
واثبت علماء التاريخ والاثار اكذوبة الحق التاريخي المزعوم لليهود فيها , واعتمدت الحركة الصهيونية منذ تأسيسها عام 1897 على نصوص توراتية محرفة لما اعتبرته ارض الميعاد الممنوحة لليهود من الله, وذلك لتبرير الاستعمار الاستيطاني اليهودي وعنصرية الدولة و لاغتصاب فلسطين العربية من سكانها الاصليين واصحابها الشرعيين وتهويدها . ان ما جرى ويجري في فلسطين هو ابشع انواع الاستعمار الاستيطاني والعنصري , ولا يمت الى الله أوالى مبادئ القانون الدولي بصلة .
واكد الاستعماري والعنصري والارهابي نتنياهو بأنه لايقبل بعودة اللاجئين الى ديارهم , وذلك تشطيبا على حق الانسان في العودة الى وطنه , ولايقبل بتقسيم القدس العربية بشطريها المحتلين الغربي و الشرقي , ولا بإزالة المستعمرات اليهودية او بتجميد البناء فيها ولا بحق ثقرير المصير للشعب الفلسطيني في وطنه فلسطين تطبيقاً للاكاذيب والخرافات التوراتية والتي أقرها قانون الدولة القومية الاسوأ من قوانين نورنبيرغ النازية .
ويطالب نتنياهو والمجنون ترامب وإدارته اليهودية العرب الاعتراف بيهودية الدولة ,والذي يعني القبول بعنصرية “اسرائيل” وتطبيع العلاقات مع اكبر غيتو يهودي عنصري في قلب المنطقة العربية والإسلامية .
وحدد الدويلة الفلسطينية التي يوافق على اقامتها بدولة منزوعة السلاح ومنقوصة السيادة والارض والحقوق والمياه والمعابر كمصلحة اسرائيلية لتصفية قضية فلسطين من خلال صفقة القرن وصبية الخليج.
وصادق الكنيست في بداية حكومة نتنياهو الاستعمارية و العنصرية , وبالتحديد في 27 ايار من هذا العام على قانون عنصري جديد يمنع الجماهير العربية الفلسطينية في الداخل من احياء ذكرى النكبة . وينسف هذا القانون العنصري الجديد ابسط مبادئ الديمقراطية وحقوق الانسان .
ويمكن القول ان حكومة نتنياهو حكومة هوس(جنون) عنصري, بل ابشع واقذر انواع العنصرية التي ظهرت في تاريخ البشرية , ولاسيما وانها تعيش في بداية القرن الحادي و العشرين .
وتصل عقوبة الفلسطيني بموجب هذا القانون الذي يعمل على احياء ذكرى النكبة الى ثلاث سنوات في السجن الفعلي . وبالتالي يجسد هذا القانون العنصري الجديد ابشع انواع العنصرية و التمييز العنصري والارهاب الفكري . لذلك اكدت الاحزاب العربية في الكيان الصهيوني ان هذه القوانين (العنصرية) لن تُحترم من شعبنا وسيدوس عليها المواطنون العرب باقدامهم .
واكد بعض النواب العرب في الكنسيت ان حكومة نتنياهو فقدت صوابها , ودليل على افلاس المؤسسة الإسرائيلية وخوفها من صوت الضحية وروايتها حول النكبة حين تعبر عن المها وما لحق بها من مصائب و كوراث وويلات .
لقد تجاوزت الوحشية والوقاحة الاسرائيلية كل الحدود و القيم القانونية و الحضارية ,حيث ان الصهاينة اغتصبوا وطننا بمساعدة الدول الاستعمارية , واستخدام القوة وارتكاب المجازر و الحروب وهجروا شعبنا , ودمروا مجتمعنا واكثر من خمسمائة قرية عربية .
واليوم يريدون من هذا القانون العنصري حرماننا من استعادة ما الحقوا بنا من الم وقتل وتدمير ولطمس الحقائق واسكات صوت الحقيقة والحق , ودحض أكاذيب وادعاءات ومزاعم الصهيونية .
ويقضي هذا القانون العنصري ان يقسم الفلسطينيون يمين الولاء للكيان العنصري “بصفته دولة يهودية وصهيونية وديقراطية , ولرموزها وقيمها” .
ويعني هذا القانون العنصري الجديد ارغام سكان فلسطين الاصليين واصحابها الشرعيين على الاعتراف بعنصرية “اسرائيل” كدولة يهودية نقية , وعدم التشكيك بديمقراطيتها المزعومة .
ويعني أيضا بداية مرحلة جديدة لتهجير ابناء شعبنا من الاراضي التي احتلها العدو عام 1948 . وهذا يشير بجلاء الى تنامي الفاشية و العنصرية في الكيان الصهيوني .
ويستهدف القانون العرب لكونهم عربا , ويشكلون 20 % من مواطني الكيان الصهيوني , وهو يظهر حالة الهستيريا العنصرية التي يعيشها الشعب الاسرائيلي والكنيست تجاه سكان البلاد الاصليين , وذلك في عهد حكومة نتنياهو الاكثر عنصرية في تاريخ الكيان الصهيوني .
وبالتالي تلاحق حكومة نتنياهو العربي وتعاقبه على مشاعره , لاجباره على عدم الحزن وعدم التعبير عن رأيه في النكبة التي انزلتها “اسرائيل” بشعبنا الفلسطيني .
درجت الحكومات الاسرائيلية على نهب الاراضي والممتلكات الفلسطينية , وممارسة العنصرية والتمييز العنصري بالقوانين , وتعمل على كم الافواه وكبت المشاعر والافكار بالقوانين ايضا, لاخفاء حقيقة ما ارتكبته وترتكبه بحق شعبنا الاعزل وهكذا فإن حكومة نتنياهو – ليبرمان هي حكومة تسعير سن القوانين والممارسات العنصرية وتسعير حمى الاستيطان و الفاشية .
ان هذا القانون العنصري و القوانين العنصرية الأخرى التي صدرت في عهد حكومة نتنياهو لا تقل في خطورتها العنصرية عن قوانين نورنبرغ التي أصدرها هتلر عام 1935 , بل وابشع من قوانين نورنبرغ لانها صدرت عن “إسرائيل” التي اقيمت على ارض فلسطين العربية باستغلال معزوفة الهولوكوست النازي , وفي ايامنا هذه .
نرفض هذا القانون ونستنكره لانه غير انساني , ولأنه يحظر على شعب بأكمله وأمة بأسرها الإعراب عن مصائب وويلات النكبة التي حلت بالشعب الفلسطيني .
ماذا سيكون موقف يهود العالم والكيان الصهيوني لو ان حكومة أوروبية شرعت قانونا يحظر على مواطنيها اليهود الاحتفال باحياء ذكرى ضحايا النازية ؟ وتسجن كل يهودي يحتفل بها ثلاث سنوات ؟.
هذا القانون قانون انكار النكبة مرفوض جملة وتفصيلا ويؤكد استمرار صدور القوانين العنصرية المعادية للعرب , والتي تقود الى القضاء على فكرة التعايش في المنطقة .
وتابعت حكومة نتنياهو الفاشية اصدار المراسيم والقوانين والاجراءات العنصرية , فاعلنت وزارة المواصلات في 13 تموز انها ستمحو الاسماء العربية للبلدات الفلسطينية في الاراضي المحتلة عام 1948 و 1967 من لوحات اتجاهات السير للابقاء على الاسم اليهودي وحده , امعانا منها في تهويد ما تبقى من فلسطين العربية . وبموجب قرار وزير المواصلات اسرائيل كاتس , لن يكتب اسم القدس بعد الان بل سيستخدم بدلا منه الاسم اليهودي يروشالايم , ويافو ليافا , وتسفات لمدينة صفد , وناتزرات للناصرة , وعكو بدلا من عكا , وحبرون بدلا من الخليل , وشافرام بدلا من شفاعمرو .
وتصعد حكومة نتنياهو – ليبرمان من عنصريتها بالاستمرار في سن القوانين العنصرية , وبالاستيطان وتهويد مدينة القدس وتدمير المنازل العربية فيها . وتهدف القوانين العنصرية التي صدرت وتصدر الى صهينة بعض الأوساط الفلسطينية .
وشهدت الكنيست في العقدين الأخيرين , وبشكل خاص بعد توقيع اتفاقات الاذعان في اوسلو ووادي عربة موجة من تشريع القوانين العنصرية , لتقييد حرية الرأي و التعبير في الداخل الفلسطيني , ووأد حق مقاومة الاحتلال . وتتجه “اسرائيل اليوم نحو نظام عنصري , ونحو فاشية يهودية من ابشع واخطر النظم العنصرية والفاشية في العالم .
ويتصاعد باستمرار التطرف والارهاب الديني تجاه العرب من مسلمين ومسيحيين في مجتمع استيطاني يجسد ثكنة عسكرية متطورة لخدمة المصالح الصهيونية و الغربية .
وتجسد “اسرائيل” كيان الاستعمار الاستيطاني و النظام العنصري والارهابي المتوحش , والذي قام على أنقاض الشعب الفلسطيني .
ويتوحد الشعب الاسرائيلي على استخدام القوة العسكرية لتحقيق اهدافه الاستعمارية و العنصرية ولكسر الإرادات العربية , ومعاداة العرب وكراهيتهم وممارسة العنصرية و التمييز العنصري تجاهم .
وتزداد عنصرية الشعب الاسرائيلي وقوة الخطاب الصهيوني اليميني الديني المتطرف والارهابي تجاه العرب سنة بعد أخرى جراء الدعم الاميركي والاوروبي العسكري و السياسي والدبلوماسي والاعلامي والاقتصادي , لاحتلال “اسرائيل” للأراضي الفلسطينية والسورية و اللبنانية .
ان العنصرية و التحريض والكراهية والافتراء على العرب ينتشر في المجتمع الاسرائيلي الاستيطاني كانتشار النار في الهشيم .
وتتجه طاقات التطرف اليهودي العنصرية تجاه الداخل الفلسطيني وعرب القدس والمسجد الاقصى المبارك . وتعمل حكومة نتنياهو على تأجيج العنصرية تجاه العرب و التي يتلقفها الشعب الاسرائيلي , لانه شعب عنصري يؤمن بالاستعمار الاستيطاني وبالعنصرية و التمييز العنصري تجاه العرب .
ان الجذور العربية الاسلامية لمدينة القدس وبقية المدن و البلدات الفلسطينية ضاربة في اعماق الانسان و الارض و التاريخ والحضارة , وان الهوية العربية لفلسطين ولشعبها العربي اقوى من العقلية والممارسات والقوانين العنصرية لحكومة نتنياهو وبقية الحكومات الاسرائيلية .
وان حقيقة التاريخ و الجغرافيا والديموغرافيا لا يمكن تزيفيها بلافتات شوارع , بل ستبقى في اعماق الذاكرة و الضمير والوجدان العربي والاسلامي .
لقد اعترف علماء الاثار في الكيان الصهيوني ان لاوجود على الاطلاق للاسماء التي وردت في التوارة عن الاماكن اليهودية في فلسطين .ويهدف وزير المواصلات بقراره الاخير الى طمس المعالم العربية في فلسطين المحتلة , واظهارها على انها يهودية , وهذا ابشع انواع العنصرية والاستعمار الاستيطاني اليهودي .
واليوم بعد تهويد اسماء الشوارع و المدن و القدس و الحرم الابراهيمي في الخليل , وبعد تدمير اكثر من 500 قرية فلسطينية , وبناء مئات المستعمرات اليهودية في الاراضي الفلسطينية و السورية المحتلة جاء تهويد المناهج الدراسية في الداخل الفلسطيني .
وتمثل حكومة نتنياهو الوجه الأبشع لعنصرية الصهيونية , حيث تطبق سياسية التطهير العرقي و التهجير القسري للفلسطينيين , وتمارس بشكل اوسع واكبر السياسيات العنصرية التي اتبعتها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة في مجالات مصادرة الاراضي والاستيطان وتهويد القدس , وفي القضاء و الحقوق المدنية . ويلعب مجرم الحرب ايهود باراك وزير الحرب, الذي خطط ونفذ الهولوكوست على شعبنا في قطاع غزة , والعنصري المتوحش افيجدور ليبرمان وزير الخارجية ونتنياهو نفسه دورا اساسيا في تصعيد الاستيطان , وسن التشريعات و القوانين العنصرية التي لا مثيل لها في العالم على الاطلاق .
ان قادة الحكومة الاسرائيلية إرهابيون واستعماريون وعنصريون ومجرمو حرب ينتهكون ابسط مبادئ حقوق الانسان و القانون الدولي و العهود و المواثيق الدولية , واتفاقيات جنيف الاربعة لعام 1949 , وبشكل خاص المادة 49 من الاتفاقية الرابعة التي تؤكد على وجوب تفكيك جميع المستعمرات وترحيل جميع المستوطنين من الاراضي الفلسطينية و السورية المحتلة , وتنص على انه ” لايجوز لدولة الاحتلال ان ترحّل او تنقل جزءا من سكانها المدنيين الى الاراضي التي تحتلها “.
فكيف يمكن تحقيق التسوية , و”اسرائيل” تعتبر ان الاراضي المحتلة ارض يهودية وعدها يهوه لجميع اليهود في العالم ؟
ان الممارسات والقوانين العنصرية المستمرة قضت على امكانية التعايش والاعتراف بكيان الاستعمار الاستيطاني اليهودي والنظام العنصري الوحيد المتبقي في العالم .
لذلك المطلوب على الاقل من بعض الامراء و الملوك والرؤساء العرب التوقف عن تقديم التنازلات عن عروبة فلسطين و الحقوق الوطنية الثابتة الغير قابلة للتصرف للشعب الفلسطيني في وطنه فلسطين , لارضاء الولايات المتحدة و اليهودية العالمية .
ان الرد العربي المطلوب على التغوّل الإسرائيلي في العنصرية وتهويد القدس بشطريها المحتلين , وتهويد المسجد الابراهيمي في الخليل , والاستمرار بالتمسك بالمستعمرات اليهودية , والهولوكوست على شعبنا هو سحب الاعتراف باسرائيل و التوقف عن التطبيع معها , ودعم المقاومة الفلسطينية بالعتاد و المال و السلاح و الرجال .
ونطالب بالغاء اتفاقات الاذعان الموقعة مع العدو الاسرائيلي , والعمل على تفكيك كيان الاستعمار الاستيطاني والنظام العنصري اليهودي اسوة بما حدث مع فرنسا بالجزائرو مع نظام الابارتايد العنصري في جنوب افريقيا , لان الكيان الصهيوني أسوأ وابشع واخطر الكيانات الاستيطانية والنظم العنصرية التي ظهرت في تاريخ البشرية ويجب ان يزول, ومصيره الى الزوال كما زالت النازية من المانيا , والفاشية من ايطاليا ونظام الفصل العنصري من جنوب إفريقيا .