الدور (الاسرائيلي) في تأجيج الحملة ضد جيرمي كوربين
نشر موقع “ميدل إيست آي” تقريرا، تحدث فيه عن تقديم مجموعة من الإسرائيليين لطلب الحصول على معلومات، في ظل تزايد الأدلة حول تدخل حكومة نتنياهو في الشؤون السياسية البريطانية.
وتفيد بعض التقارير بأن إسرائيل تغذي سرا ادعاءات بمعاداة السامية داخل حزب العمال البريطاني، منذ انتخاب زعيمه الجديد، جيريمي كوربين، قبل ثلاث سنوات.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته “عربي21″، إن وزارتي الخارجية والشؤون الاستراتيجية الإسرائيليتين لعبتا دورا هاما في تشويه صورة جيريمي كوربين، وذلك في إطار حملة واسعة شنتها حكومة نتنياهو لاستهداف النشطاء المتضامنين مع القضية الفلسطينية. وتعتمد وزارة الخارجية الإسرائيلية على مجموعة من الموظفين في سفارتها في لندن لتوجيه السياسة الداخلية في بريطانيا، على إثر تحقيق استقصائي سري أذاعته قناة الجزيرة خلال السنة الماضية.
وذكر الموقع أن المحامي الإسرائيلي، إيتاي ماك، قدم طلبا لوزارتي الخارجية والشؤون الاستراتيجية، من أجل الاطلاع على معلومات حول علاقات إسرائيل الخارجية، وتمويلها لنشطاء معارضين لكوربين ولوبيات مساندة لإسرائيل في بريطانيا، وكذلك للكشف عن العلاقة بين مجلس نواب اليهود البريطانيين، وجمعية حماية الجالية اليهودية في بريطانيا، وأعضاء لجنة أصدقاء إسرائيل في حزب العمال، ولجنة أصدقاء إسرائيل في حزب المحافظين. كما ينص هذا الطلب على تقديم معلومات حول قيام السفارة الإسرائيلية في لندن بالتأثير على الصحفيين ومنظمات المجتمع المدني في لندن.
وتأتي هذه الخطوة في أعقاب الهجوم الذي شنّه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الأسبوع الماضي، في شبكات التواصل الاجتماعي، حين اتهم كوربين بأنه قام في سنة 2014 في تونس بوضع إكليل من الزهور، على ضريح الفلسطيني، الذي قام باحتجاز مجموعة من الرياضيين الإسرائيليين في الألعاب الأولمبية في ميونخ في سنة 1972.
وأفاد الموقع بأن الاتهامات الموجهة لكوربين بدعم “إرهابيين” فلسطينيين، تأتي في إطار حملة متواصلة تزعم أن حزب العمال يعادي السامية، منذ أن أصبح كوربين زعيما له. رغم أن الإحصائيات تظهر أن حزب المحافظين الحاكم أكثر معاداة للسامية من حزب العمال. وخلال الفترة الماضية، دأب مجموعة من النواب البريطانيين على مهاجمة كوربين، واتهامه بمعاداة السامية.
وأبرز الموقع أن وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي، جلعاد أردان، والحليف المقرب من نتنياهو، اتهم كوربين في كانون الأول/ ديسمبر بأنه معادٍ للسامية. وخلال هذا الشهر، استخدمت وزارة الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلية تطبيقا مطورا للهواتف الذكية؛ بهدف نشر انتقادات مزيفة موجهة لكوربين على مواقع التواصل الاجتماعي، التي تزعم أنه أدلى بتعليقات معادية للسامية في اجتماع في سنة 2010.
وأورد الموقع أن المصدر الأساسي للمتاعب التي يتعرض لها حزب العمال حاليا هو وزارة الشؤون الاستراتيجية، التي تم تعيين جلعاد أردان على رأسها منذ 2015. وقد أنشئت وزارة الشؤون الإستراتيجية خصيصا للتعامل مع المخاوف المتعلقة ببناء إيران للقنبلة النووية والتهديدات الفلسطينية.
ومؤخرا، أشارت تقارير إلى أن نتنياهو شجع هذه الوزارة على إعادة توجيه عملياتها وطاقاتها نحو من يعملون على تقويض شرعية دولة إسرائيل، في ظل تزايد الحضور الدولي لحركة مقاطعة إسرائيل، وسحب الاستثمارات منها، وتسليط عقوبات عليها.
ومؤخرا، أشارت تقارير إلى أن نتنياهو شجع هذه الوزارة على إعادة توجيه عملياتها وطاقاتها نحو من يعملون على تقويض شرعية دولة إسرائيل، في ظل تزايد الحضور الدولي لحركة مقاطعة إسرائيل، وسحب الاستثمارات منها، وتسليط عقوبات عليها.
وفي صيف 2016، كانت هذه الوزارة قد نشرت إعلان توظيف لحاجتها إلى موظف استخبارات، مهمته الإشراف على وحدة التشويه والمهام القذرة، التي يتمثل دورها في تأسيس وشراء وإغراء المنظمات غير الربحية والجماعات غير المرتبطة بإسرائيل؛ لاستخدامها في شن حملات تشويه. وتحظى هذه الوزارة حاليا بميزانية سنوية تقدر بعشرات ملايين الدولارات. وهي تلعب دورا أساسيا في تشكيل نظرة الرأي العام لإسرائيل في مختلف دول العالم.
وتعد “سيما فانكين جيل”، الشخصية رقم 2 في هذه الوزارة بعد جلعاد أردان، وهي ضابطة سابقة في المخابرات العسكرية الإسرائيلية. وكانت سيما ذكرت أمام لجنة برلمانية في سنة 2016 أن أغلب مهام وزارة الشؤون الاستراتيجية يجب أن تبقى في طي الكتمان؛ بسبب حساسيتها.
وأشار الموقع إلى أن الوزارة كانت تحصل على المساعدة من وحدة خاصة في الاستخبارات العسكرية، من أجل تنفيذ عمليات سرية وقذرة، تتضمن حملات تشويه وإزعاج. وبالفعل، دعا وزير الاستخبارات، يسرائيل كاتس، إلى القيام بعمليات تصفية مدنية للشخصيات البارزة في حركة مقاطعة إسرائيل.
وأوضحت الصحيفة أن جيريمي كوربين قد يكون في وقت من الأوقات رئيس وزراء بريطانيا، وبالتالي، سيكون أول زعيم أوروبي يضع نصب عينيه القضية العادلة للفلسطينيين. وحذر تقرير صادر من مركز دراسات استراتيجية داخل إسرائيل من أن التضامن مع الفلسطينيين انتشر بين صفوف الأحزاب اليسارية في أوروبا، ويمكن تدارك الأمر من خلال الإيقاع بين من ينتقدون إسرائيل بشراسة، وبين من يوجهون لها انتقادات ناعمة.
وبالفعل، بدأ اللوبي الإسرائيلي عمله من أجل الترويج لفكرة انتشار معاداة السامية داخل حزب العمال؛ إذ إن هذه المسألة تسببت فعلا في دق إسفين بين أشد منتقدي إسرائيل في الحزب، كوربين وأنصاره، وبين البقية البيروقراطية في الحزب.
وأضاف الموقع أنه بات من المؤكد أن بصمات إسرائيل حاضرة في الادعاءات الحالية حول تبني جيريمي كوربين حملة لمعاداة للسامية داخل حزب العمال. وخلال السنة الماضية، نشرت قناة الجزيرة تحقيقا استقصائيا من أربعة أجزاء، تحدثت فيه عن التدخلات الكبيرة للحكومة الإسرائيلية في السياسة البريطانية. وقد تمكن فريق إعداد هذا الفيلم من تصوير أنشطة موظف في السفارة الإسرائيلية في لندن، الذي يدعى شاي ماسوت، ولقاءاته بأعضاء من حزب العمال.
وقال الموقع إن الصحفي في موقع “الانتفاضة الإلكترونية”، أسا ونستنلي، لاحظ أن الحركة العمالية اليهودية كانت خلال السنوات الأخيرة منظمة غير نشطة، إلى أن تم إحياؤها مرة أخرى في شباط/ فبراير 2016، بالتزامن مع ظهور مزاعم معاداة للسامية، وتفيد التحقيقات بأن مصادر تمويل الحركة غامضة جدا. وتم تعيين مديرة جديدة للحركة، هي إيلا روز. وكشف ونستنلي أن روز تم انتدابها بشكل مباشر من سفارة إسرائيل في لندن.
وأفاد الموقع بأنه توجد أدلة كثيرة على أن تعاون ماسوت مع المنظمات البريطانية الموالية لإسرائيل ضد كوربين يتم بتوجيه من وزارة الشؤون الاستراتيجية في إسرائيل. وفي أيلول/ سبتمبر 2016، تحدثت صحيفة هآرتس عن احتدام الصراع بين وزارة الخارجية ووزارة الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلية، حول الدور الذي تلعبه كل منهما في المملكة المتحدة.
وذكرت صحيفة هآرتس أن كبير الموظفين في السفارة الإسرائيلية في لندن اشتكى من أن وزارة الشؤون الإستراتيجية تسيّر المنظمات اليهودية البريطانية دون علم السفارة. وتخشى وزارة الخارجية من أن ما تفعله وزارة الشؤون الاستراتيجية قد يكون مخالفا للبروتوكولات الدولية.
ونوّه الموقع إلى أن كوربين يسعى للتصدي للتحالف، الذي يقوده نواب يمينيون من حزب العمال وحزب المحافظين، مع الحكومة الإسرائيلية وجماعات الضغط التابعة لها، وكذلك أجهزة الأمن البريطانية ووسائل الإعلام. في المقابل، تم الاتفاق داخل هذا التحالف على اعتبار معاداة السامية أفضل سلاح يمكن استخدامه ضد كوربين.
وبيّن الموقع أن إسرائيل تسعى لإعادة تعريف معاداة السامية، بطريقة تحول جوهر هذا المفهوم من كراهية اليهود إلى انتقاد إسرائيل. ومن شأن هذا التحول أن يؤدي لا محالة لتوريط أي قائد سياسي، على غرار كوربين، يرغب في التضامن مع الفلسطينيين. في المقابل، أصيبت إسرائيل بالإحباط؛ بسبب فشل التعريف في نيل قبول دولي. ومنذ 2015، تسعى إسرائيل إلى الحصول على قبول دولي للتعريف الجديد لمعاداة السامية. وفي حال صادق حزب العمال على التعريف الجديد لمعاداة السامية ستندلع حرب مفتوحة ضد كوربين ومؤيديه في الحزب.
وفي الختام، أورد الموقع أنه من الصعب تقييم دور وزارة الشؤون الاستراتيجية، نظرا لطبيعته السرية. لكن وجود وحدة “المهام القذرة” يشير إلى وجود استراتيجية لتشويه وعزل أبرز النشطاء المتضامنين مع فلسطين، مثل كوربين. وبالنظر إلى سجل كوربين الطويل في تصدّر المبادرات المناهضة للعنصرية، والتضامن مع الجانب الفلسطيني، وانتقاد إسرائيل، قد يواجه سلسلة لا نهاية لها من الفضائح الملفقة، التي قد تواصل الوزارتان وضعها في طريقه.
منتدى التواصل الأوروبي الفلسطيني