منتدى الفكر والإبداع في مرايا الأدب والنقد والثقافة! – آمال عوّاد رضوان
أقامَ منتدى الفِكر والإبداع ندوةً أدبيّةً في كليّةِ الناصرةِ للفنون، تناولت الكتابَ النقديَّ “مرايا في الأدب والنقد والثقافة” للدكتور محمد خليل، وذلك بتاريخ 29-8-2018، ووسط حضور نخبويٍّ من شعراءَ وأدباء، وقد افتتحَ اللقاءَ د. محمد خليل بكلمةٍ ترحيبيّةٍ بالحضور، ووقف على بعض الأمور التنظيميّةِ المُهمّةِ التي تخصُّ المنتدى، والنشاطات الثقافيّةِ الجادّةِ الموضوعيّةِ والمدروسةِ في مجالاتِ الفكر والإبداع والثقافة، والأهداف والأدوار المنوطة بهِ في الحفاظ على اللّغة العربيّةِ، وتشجيع الكتابة الأدبيّةِ الإبداعيّةِ، ونشر الثقافة والمعرفة.
تولّت عرافة الأمسيةِ الكاتبة حنان جبيلي عابد، وبعدَ التّرحيب بالحضور وبالمحتفى به وبالمتحدّثين، قدّمت إضاءاتٍ حولَ المُتحدّثين الأدباء: د. فهد أبو خضرة، وسيمون عيلوطي وعبد الرحيم الشيخ يوسف، وقد قدّم د. فهد أبو خضرة محاضرةً بعنوان: إضاءاتٌ نصّيّةٌ حولَ دراسة “وطن العصافير للأديب وهيب وهبة”، وقدّم سيمون عيلوطي بعنوان: كتاب مرايا في الأدب والنقد والثقافة” مشروعٌ رائدٌ لإرساءِ ثقافة نقد النقد في أدبنا المحلّيّ، أمّا عبد الرحيم الشيخ يوسف فقدّم مداخلة بعنوان: الشاعرة فدوى طوقان والآخر اليهودي، ثمّ ختم اللقاء د. محمد خليل بكلمةِ شكرٍ للحضور والمتحدّثين والمشاركين، وتمّ التقاط الصور التذكاريّة.
جاء في مداخلة العريفة حنان جبيلي عابد: إنّ لد. محمد خليل باعٌ لا يُستهانُ بها من الدّراسات والإصداراتِ القيّمة، في مجال الأدب والنقد والثقافة والفكر. أمّا مشروعُ هذا الكتاب تحديدًا، فهو حصيلةُ عملٍ دؤوب ومستمرٍّ، حول البحث والتنقيبِ عن النّسَق النقديّ والثقافيّ، وهذا بالذات ما ينقصنا، لا سيّما ضمن الواقع الأدبيّ المحليّ، والنقد الأدبيّ والثقافيّ الذي نعيشه في بلادنا، والذي باتَ جليًّا للجميع، افتقادنا لوجود المحرّر الأدبيّ والنقد الأدبيّ والثقافيّ، وهو ما نحتاجُهُ في ظلّ الفوضى العارمةِ التي تجتاحُ أدبنا المحليَّ في الآونةِ الأخيرة، ولم تنشأ فكرةُ هذا الكتاب والدراسات من فراغ، إنّما من إلمامٍ ومثابرةٍ وتعمُّقٍ خاصّ في السّياقاتِ الاجتماعيّةِ، والثقافيّةِ والاقتصاديّة، وحتى السياسية.
وبالإجمال، فإنّ الكتابَ قيمةٌ أدبيّةٌ وثقافيّةٌ ومعرفيّة، وكلُّ مَن يمسكُ بالكتاب، لا بدّ له أن يقرأ ذلك في صفحاته، جنبًا إلى جنب الإهداء المميّز والخاصّ “إلى النادي الثقافيّ الاجتماعيّ طرعان، وقد أوشكَ الحلمُ أن يصبحَ حقيقة”. هنا بالذات يتجلّى الانتماءُ الحقيقيّ للأديب والباحث والناقد، من خلال وضع الحلم موضع التنفيذ.
كذلك اختيارُ العنوانِ كانت له ميزةٌ خاصّة، فللمرآةُ دلالاتٌ ومَعانٍ لها أهمّيّتُها الخاصّة، لِما تعكسُهُ مِن صورٍ للأديب والناقد والقارئ والمجتمع كذلك. فالمرآةُ بطبعِها هادئةٌ واثقةٌ وعاشقةٌ شفّافة، وبما أنّنا نفتقدُ النقدَ الأدبيّ الأصيل، فإنّ الأدب يُعدُّ مرآةً تكشفُ عن ذاتهِ وعن ذات مبدعهِ، تمامًا مثلما تكشفُ ذاتَ القارئ العاديِّ والناقدِ الأدبيّ الثقافيّ.
من هنا نرى أنّ د. محمد خليل قد اختارَ مقولةَ الكاتب الفيلسوف فرنسيس كافكا 1883: “ليست مهمّةُ الناقد أن يرى الحقيقةَ أو ينقلها، بل أن يكتشفَها”.
كتابُ مرايا مقسّمٌ إلى ستة فصول:
القسمُ الأوّل: مَظاهرُ الحياة في فلسطين قبل النكبة. القسمُ الثاني: واقع النقد الأدبيّ قبل النكبة. القسمُ الثالث: مظاهرُ الحياة بعد النكبة. القسمُ الرابع: متابعاتٌ نقديّةٌ وأدبيّةٌ وثقافيّة. القسمُ الخامس: نماذجُ تطبيقيّةٌ في نقدِ الشعر. القسمُ السادس: نماذجُ تطبيقيّةٌ في نقد الرواية.
تُعدُّ هذه الندوةُ لمحة سريعة نسبيًّا، لأنّ د. محمد خليل لطالما بحَثَ وكتبَ في عدّةِ مجالاتٍ أدبيّةٍ ونقديّة، وأغنى مكتبتنا بإصداراتهِ على أنواعِها المتعدّدة.
جاء في مداخلة د. فهد ابو خضرة:
يتّجهُ النقدُ الذي يُكتبُ في أدبنا المَحلّيّ، وفي العالم العربيّ عامّةً، اتّجاهاتٍ ثلاثة: اتّجاها موضوعيّا، واتّجاها يَجمعُ بينَ الموضوعيّةِ والذّاتيّةِ، واتّجاها ذاتيّا. الأوّل يتقيّدُ بالنّصِّ وحدَهُ، مُتناولا جوانبَهُ المختلفة، ومُحأوّلا أن يَكشفَ أبعادَهُ كلَّها، بالاعتمادِ على لغتِهِ ومَبناهُ، ودونَ أيِّ تطرُّقٍ لصاحبِ النّصِّ أو لذاتيّةِ الناقدِ. أمّا الثاني فلا يَتقيّدُ بالنّصّ وحدَهُ، ولا يرى أيَّ مُبرّرٍ لعدمِ التطرُّقِ إلى صاحبِ النصِّ وإلى ذاتيّةِ الناقد. وأمّا الثالث فينطلقُ في الأساسِ مِن ذاتيّةِ الناقد، ويحاول مِن خلالِها أن يَكشفَ أبعادَ النّصّ، وقد يتطرّقُ إلى صاحبِ النصِّ، إذا لزِمَ الأمر.
والاتّجاه الأوّل هو الاتّجاه الذي يهتمُّ بهِ الدّارسونَ، ويَعتبرونَهُ نقدًا حقيقيّا، وكثيرًا ما يُخرجُ هؤلاءُ الدارسونَ الاتّجاهيْنِ الآخرَيْنِ مِن دائرةِ النقدِ، مع احترامي الشديدِ لهؤلاءِ الدارسينَ، وللاتّجاه الموضوعيّ، فإنّني لا ألغي الحاجةَ إلى الاتّجاهيْن الآخريْن، مُؤكّدًا أنّهما قادران، إذا أُحسِنَ استعمالُهما، أن يُقدّما إضاءاتٍ إضافيّةً للنّصِّ، وأن يَكشفا أبعادًا أخرى، لا يَلتفتُ إليها النقدُ الموضوعيّ عادةً.
في هذه الدراسةِ النقديّةِ التي أتحدّث عنها والتي كتَبَها د. محمد خليل، اختارَ الناقدُ الاتّجاه الثاني الذي يَجمعُ بينَ الموضوعيّةِ والذّاتيّة، وسأحأوّل إبرازَ هذا الاتّجاه فيما يلي:
يتناول الدكتور محمد حليل في كتابهِ “مرايا” قصّة “وطن العصافير” للشاعر الأديب وهيب وهبة، فيقرؤُها قراءةً نصّيّةً، مُخصِّصًا لها تسعَ صفحاتٍ مِن كتابهِ (ص234 – 242)، وقد قسّمَ قراءتَهُ لهذهِ القصّة إلى أربعة أقسام:
*في القسمِ الأوّل الذي يتكوّنُ مِن صفحة واحدة (ص 234)، قدّمَ الناقدُ تعريفًا عامًّا بالقصّة والشاعرِ الأديب، وهذا التّعريفُ يتميّزُ بالتقييم الذّاتيّ، إذ قالَ عن القصّة: “يُطلُّ علينا الأديب وهيب وهبة ليُتحِفَنا برائعتِهِ الجديدةِ الموسومةِ بـ “وطن العصافير”، والتي تنضافُ إلى قائمةٍ طويلةٍ مِن نِتاجهِ الإبداعيّ المُتميّز”. وقالَ عن الأديب كاتبِ القصّة: “إنّه أديب مبدعٌ، مُرهفُ الإحساسِ والوجدانِ ذو خيالٍ خصب”.
وبيّنَ الناقدُ في سياق هذا التقييم، عندَ حديثِهِ عن القصّة، الهدفَ الثاني الذي يَرمي إليهِ الأديبُ مِن خلالِهِ، وهو تحقيقُ السّلامِ والتّعايشِ المنشودِ بينَ شعبَيْ هذه البلاد.
ولأنّ القصّةَ مكتوبةٌ ومنشورةٌ في نسختيْنِ باللّغةِ العربيّةِ والعبريّة، فقد ذكرَ الناقدُ أهمّيّةَ الترجمةِ للتّفاعُلِ بين الثقافات، وللتّبادلِ الحضاريّ، وأضافَ إلى هذه كلمةً قصيرةً عن دوْرِ الفنّ في التّقريبِ بين الأنا والآخر.
وبالرّغم مِن التقييم الإيجابيّ الذّاتيّ المُشار إليه أعلاه، فقد ختمَ الناقدُ هذا القسمَ بالقول: “إنّ المديحَ والإطراءَ المفتعَلَ يبقيانِ أحدَ مُنزلقاتِ النقدِ الأدبيّ، ممّا يدعونا إلى أخذ الحذر، والالتزام بالموضوعيّةِ والحياديّة قدرَ المُستطاع، حمايةً لمقاربتِنا هذا النصّ، وطبعًا، يَصدُق هذا القولُ أيضًا عندَ الحديثِ عن مُقاربةِ أيّ نصٍّ أدبيّ، بحسب الاتّجاه الأوّل، الموضوعيّ.
وقد تحدّث الدكتور محمد خليل عن هذه القضيّة، قضيّة المديح والإطراء في موضعٍ آخرَ مِن كتابهِ (ص167)، حيثُ قالَ: “وغنيّ عن القولِ أنّ كلَّ المُجاملاتِ لا تصنعُ أدبًا ولا ثقافة، ناهيك بما فيها مِن إساءةٍ لحركتِنا الأدبيّةِ والثقافيّةِ معًا، لأنّه كلّما كثُرَ التّزيينُ كثُرَ التّزييفُ، فقليلًا مِن التواضُعِ والموضوعيّة.” وهذا في رأيي كلامٌ سليمٌ جدّا، ومِنَ المُهمّ أن يتقيّدَ بهِ نُقّادُنا، أيًّا كانَ الاتّجاهُ الذي يَختارونَه.
في القسم الثاني الذي يتكوّنُ مِن صفحةٍ ونصف (ص 235 – 236)، بيّنَ لنا الناقدُ ما تطمحُ إليهِ هذه القراءةُ النصّيّة، وهو تقديمُ قراءةٍ تتجاوزُ ظاهرَ معنى اللّغةِ في القصّة، وصولًا إلى باطن معناها. هذه القراءةُ تُحاولُ إنتاجَ النصِّ مِن جديد، وقد أظهرَ الناقدُ هنا، معتمدًا على الغذّاميّ، الفرقَ بينَ قراءةِ الشّرحِ والقراءةِ المُنتِجةِ أو المُضيئة؛ فالأولى تأخذُ مِن النصّ ظاهرَ معناهُ، فتكونُ تكريرًا ساذجًا يجترُّ كلماتِ النصِّ نفسَها، بينما تأخذ الثانيةُ ما وراءَ اللّغة، وصولًا إلى معنى المعنى، لكشفِ ما هو في باطن النصّ، فتكونُ فعلًا إبداعيًّا ومَظهرًا ثقافيّا. وقد توسّعَ الناقدُ عن حديثهِ في قراءتهِ الثانية، وهي دون شكّ، تستحقُّ كلّ توسُّعٍ ممكن، لأنّها كما قالَ عنها: “هي القراءةُ الحقيقيّةُ للنّصوصِ الأدبيّة”. ومع ذلك، فإنّنا نقولُ دائمًا إنّه لا بدّ مِن الشّرح أوّلًا، إذا كانَ ظاهرُ المعنى غيرَ واضحٍ، لأنّ فهمَ الظاهر شرطٌ لفهم الباطن.
في القسم الثالث، وهو يتكوّنُ مِن ثلاثِ صفحاتٍ (236 -239)، أشارَ الناقدُ إلى الرّاوي في القصّة، فقالَ: “إنّه راوٍ عليم، كلّيّ المعرفة”. ثمّ تحدّثَ عن القصّةِ نفسِها، مُورِدًا أحداثها الرّئيسيّة باختصار، وقد نجحَ في نقل صورةٍ واضحةٍ لهذه الأحداث، وذلك على النّحو التّالي: كانتْ هناكَ غابةٌ تعجُّ بالحياة، وتُنظّمُ فيها الأمور على أحسن ما يُرام، فهي دائمًا نشيطةٌ فرحةٌ مسرورة، وكانت العصافيرُ تسرحُ وتمرحُ في هذه الغابةِ التي هي وطنُها الغارقُ بالجَمال، وكان هناكَ حطّابٌ عجوزٌ يقطنُ على ضفافِ النّهر معظمَ فصولِ السّنة، وبينَ عشيّةٍ وضُحاها انقلبت الأمور رأسًا على عقِب، ممّا اضطرّ العصافيرَ أن تولّي هاربةً، وتغادرَ وطنَها. وتغيّرَ الواقعُ الجميلُ، فتحوّلَ إلى حاضرٍ مؤلمٍ تعيسٍ، وقد لاحظ الحطّابُ ذلك، وأدركَ حقيقةَ الأمر: ها هي الفِيَلةُ تهزُّ جذوعَ الأشجار، وتُسقِطُ أعشاشَ العصافير، والحيواناتُ البرّيّةُ الضّخمةُ الأخرى والتّماسيحُ تأكلُ وتفترسُ كلَّ ما تُصادفُهُ مِنَ العصافير، وتعيثُ في الغابةِ خرابًا وقتلًا وتدميرًا.
بعدَ هذا ربطَ الناقدُ بينَ الأحداثِ وبينَ أحداثِ الواقع الذي عاشَهُ كاتبُ القصّة، وتحدّثَ بشكلٍ عامٍّ عن علاقةِ المُبدع بالواقع، ثمّ انتقلَ ليتحدّثَ باختصارٍ شديدٍ عن تناغُمِ الرّسوماتِ التي أبدعتْها الفنّانة صبحيّة حسن مع مضمون القصّة.
القسم الرّابع يتكوّنُ مِن ثلاثِ صفحاتٍ ونصف (239 -242)، تحدّث الناقدُ أوّلًا عن الآثارِ السّلبيّةِ التي تركتها الأحداثُ المذكورةُ في الأقسام الثلاثةِ السّابقة، مُبْرِزًا مِن خلالِها ما وردَ في نصّ القصّةِ عن ذلك الواقعِ المُذهلِ والمُؤلم الذي حلَّ بالغابة “وطن العصافير، من قتلٍ وتدميرٍ، وتشريدٍ بالقوّة للعصافير، ومُشيرًا إلى انهيارِ مبادئ الحرّيّةِ والعدلِ وقِيم الحقّ والخيرِ والجَمال، واستبدالِها بالباطلِ والظلمِ والشّرّ والقهر. ثمّ أتبعَ هذا بالموقفِ المُضادّ الُمناهِض لِما حدث، مُعلِنًا أنّهُ لا بدّ مِن إحقاقِ الحقِّ وإعادتِهِ إلى أصحابِهِ، مَهما طرأ مِن تغيّراتِ الزّمان وتحوُّلاتِ المكان. ثمّ نقلَ مِن النصِّ جُملةً رئيسيّةً هامّةً تدعمُ هذا الموقفَ، جاء فيها: “علينا إنقاذ المدينة، وإرجاع الغابة كما كانت”. ومِن الواضح أنّ الناقدَ يتماهى مع هذا الموقفِ بشكلٍ كامل.
بعد هذا تحدّثَ الناقدُ عن عددٍ مِن جوانب اللّغة، فبدأ باستعمال الجُملِ الفعليّةِ التي تحملُ دلالةَ الفعل الماضي في الغالبيّةِ العظمى مِن أحداثِ القصّة، مُتوقّفًا عند وظائف الأفعال الماضية والمعاني التي تتعلق بها، كالحركةِ والتّغيير والوصف المتحرّك والخوف والقلق، وربَط هذا بالتأسّي عند الراوي، والشوق إلى الزمن الماضي بكلّ تفاصيلِهِ وأشيائهِ المُلوّنة، حين كلنت الغابةُ تنعمُ بالصفاءِ وبالزمن الجميل. واستعمالُ الفعل الماضي هنا مُبرَّرٌ دونَ شكّ، مَهما كانت القراءةُ التفسيريّةُ التي يختارُها الناقد، فهو المحورُ الرّئيسيّ الذي يدورُ حوله ذهنُ الكاتب، حين ينظرُ إلى المشكلةِ المركزيّةِ في القصّة نظرةً شاملة.
ثمّ انتقلَ الناقدُ إلى الأسلوب الشاعريّ الذي استخدمَهُ، وهو أسلوبٌ يقومُ من جهةٍ على لغةٍ سرديّةٍ بسيطةٍ سهلةٍ وقريبةٍ إلى فهم القارئ، ويقومُ من جهةٍ أخرى على لغةٍ تُماثلُ لغةَ القصّ الحديثِ التي تعتمدُ على الرمز اللغويّ المرتبطِ بالواقع، وهو رمزٌ يتّصفُ بالبساطةِ والسهولةِ، واستغلّ الناقدُ المناسبةَ، فتحدّثَ عن أهمّيّة استعمال الرمز في النصوصِ الحديثة، وعن دلالات عددٍ مِن الرموز المُستخدَمةِ في قصّة “وطن العصافير”، ثمّ أتبعَ هذا بالحديثِ عن النزاع الإسرائيليّ الفلسطينيّ الذي تدورُ حولَهُ الرموزُ كلّها.
ولا بدّ مِن القول إنّ تفسيرَ الرموز هنا وربْطها بمَرموزٍ إليهِ مُعيّن، هو النزاعُ المذكور، يتعلقُ بالقراءة التفسيريّةِ التي اختارَها الناقدُ لهذا النصّ، وهي في نظر النقدِ الحديثِ قراءةٌ واحدةٌ من بين قراءاتٍ عديدةٍ ممكنة، بل إنّ النظريّةَ التفكيكيّةَ تقولُ إنّ القراءاتِ لمثل هذا النصّ يمكنُ ان تكونَ لا نهائيّةً، وذلك لأنّ القراءة تتعلق بالقارئ، والقرّاءُ مختلفونَ جدّا، فكرًا ورؤية وظروفًا وثقافة. وإذا كان أصحابُ هذه النظريّةِ يقولونَ، بناءً على ما ذُكر، إنّ كلَّ قراءةٍ هي قراءةٌ مغلوطة، فإنّني أقولُ إنّ كلّ قراءةٍ يمكنُ أن تكونَ صحيحةً، ولكنّها ليست القراءةَ الصحيحةَ الوحيدة، فهناك دائمًا قراءاتٌ صحيحةٌ أخرى ممكنة.
بعد هذا انتقلَ الناقدُ للحديثِ عن توظيفِ السؤالِ بكثرةٍ في القصّة، باعتبارِهِ مُكوّنًا رئيسيًّا مِن مكوّناتِ القصّة الحديثة. وأودُّ أن أشيرَ هنا إلى أنّ السؤالَ قد شكّلَ مُكوّنًا رئيسيًّا مِن مُكوّناتِ الحداثةِ الغربيّة، إذ ارتبطَ طرْحُ الأسئلةِ فيها بمحاولاتِ التغييرِ الشاملِ للواقع بالإنسان، ولعلّ هذا الارتباطَ الكامنَ في وعي الناقدِ الدكتور محمد خليل هو الذي جعلَهُ يُسارعُ إلى التأكيدِ في الفقرةِ التالية، لما ذُكرَ أعلاه، على أنّ كاتبَ النصّ موضوع الدراسةِ يهدفُ أو يتطلّعُ إلى تغيير الواقع الراهن، وتغيير الإنسان تغييرًا جذريًّا، وإلى الوصول من خلال هذا التغيير إلى بناءٍ جديدٍ، وإن كان افتراضيًّا أو مُتخيّلًا.
في الفقرتيْن الأخيرتيْن مِن الدراسةِ أورِدَ الناقدُ أقوالَ الحطّاب الذي سبَقَ ذِكرُهُ، وهو شخصيّةٌ هامّة مِن شخصيّاتِ القصّة، ثمّ قالّ إنّ هذه الأقوالَ تشي بفكرةٍ جديرةٍ بالاهتمام وتدعو إلى التفكير، وهي إعمالُ العقل وتفعيلُهُ ولا تعطيلُه، وإعمالُ العقلِ هنا يعني التفكيرَ السليمَ في شؤون الواقع المَعيش، وإيجادَ مَخرَجٍ واقعيٍّ منطقيّ للمشكلةِ المطروحةِ في النصّ، وهذا المَخرجُ هو التوجُّهُ نحوَ السّلام، باعتبارهِ نشودةَ الحياةِ ورايةَ الحرّيّة. ويُشكّلُ هذا التوجُّهُ نهايةً للقصّة، يتمُّ فيها تقاسمُ الغابةِ مناصفةً بين المتخاصمين، ويتمُّ التفاهمُ والوئامُ في ربوع الغابة.
ولا شكّ أنّ هذا الحلَّ يَعكسُ موقفًا مُعيّنًا موجودًا عندَ الكثيرين مِن أبناءِ الشعبيْن، كما هو موجودٌ عندَ الأديب وهيب وهبة والناقد الدكتور محمد خليل. ومع أنّ هؤلاءَ الكثيرين يَعتبرونَ هذا الحلَّ إيجابيًّا بالنّسبةِ للنّزاع المَرموز إليه، فإنّ معظمَهم يشعرون في أعماقِهم بأنّهُ حلٌّ افتراضيٌّ متيل، وأنّه مشروط بالتغييرِ الجذريِّ المَذكورِ في القصّةِ والدّراسةِ، وهو تغييرٌ يتناولُ الواقعَ والإنسانَ في هذه البلاد.
ونحنُ مع الشاعر الأديب ومع الناقد نبقى في انتظار هذا التغيير، آمِلينَ أن يبدأ قريبًا، قريبًا جدّا، ومُقدّرينَ تقديرًا كبيرًا كلَّ مَن يُسهمُ في هذا التغييرِ مِن المُبدعينَ والنقّادِ، ورجالِ الفكرِ والإعلاميّين والمُربّينَ والسياسيّينَ وغيرهم، ونحن نقولُ لهم ومعهم جميعًا: تفاءلوا بالخير تجدوه.
جاء في مداخلة سيمون عيلوطي:
تنويه: إنّ “مرايا في الأدب والنَّقدِ والثقافةِ” للدُّكتور محمَّد خليل مشروعٌ رائدٌ لإرساءِ ثقافةِ نقدِ النَّقدِ، وأنوِّهُ بدايةً، إلى أنّ الدكتور محمَّد خليل كانَ قد أصدرَ كتابينِ في ذاتِ الموضوعِ، قبل هذا الكتابِ: الأوّل “نقدٌ على نقدٍ- عام 2007″، والثاني “أوراقٌ نقديةٌ- عام 2014”. من هُنا جاءَ كتابُ “مرايا في الأدب والنقدِ والثقافةِ” موضوعُ النَّدوة، (الحلقةُ الثالثة) استكمالًا لمشروعِهِ الذي يبادرُ من خلالِهِ لتأسيسِ ثقافةِ نقدِ النَّقدِ، ويواصلُ الدكتورُ النَّاقدُ محمَّد خليل في كتابِهِ الذي صدرَ حديثًا، بعنوانِ: “مرايا في الأدب والنقدِ والثقافةِ” مشروعَهُ مع النَّقدِ، وسعيَهُ الدَّؤوبَ في معالجتِهِ لحركتِنا الأدبيّةِ والثقافيّةِ، سواءَ كانَ ذلكَ في البحثِ والدّراسةِ، أو من خلالِ محاضراتِهِ التي يقدِّمُها بينَ الحينِ والآخرَ في مختلفِ المنتدياتِ والمراكزِ الأدبيّةِ.
مظاهِر شكَّلت الأدب الفلسطينيّ: لاحظتُ من خلالِ قراءتي لكتابِ “مرايا في الأدب والنَّقدِ والثقافةِ”، أنَّ الدكتور محمَّد خليل يُسلِّطُّ الضوءَ على أهمِّ المظاهِرِ التي مرَّتْ على مشهدِنا الأدبيّ الفلسطينيِّ عبرَ مراحلِهِ التَّاريخيَّةِ- المفصليَّةِ التي تَشَكّلَ هذا الأدب في ظلِّ مُناخاتِها وتطوُّرها، فنراهُ يتوقَّفُ في الفصلِ الأوّل من الكتابِ عند: “مظاهرِ الحياةِ في فلسطين قبلَ النَّكبة”، متطرّقًا إلى “عهدِ الحكمِ العثمّانيِّ” من مختلفِ جوانبِهِ: “السّياسيَّةِ، والأدبيّةِ، وتطوُّر الصَّحافةِ والصُّحفِ العربيّةِ في فلسطينَ قبل الانتدابِ البريطانيِّ”. أمَّا في الفصلِ الثاني، فيتناول “واقعَ النَّقدِ الأدبيّ قبل النَّكبةِ” ما يساعدُهُ على الولوجِ في الفصلِ الثالثِ، إلى: “مظاهرِ الحياةِ عامَّةً بعدَ النَّكبة”. وتتوإلى فصولُ الكتابِ في سردِ وتحليلِ ودراسةِ الظَّواهرِ الأدبيّةِ، والاجتماعيَّةِ، السّياسيَّةِ والاقتصاديّةِ التي واكبتْ أدبَنا الفلسطينيَّ في تلكَ المراحلِ، فبلوَرَتْهُ وجسَّدتْ مَلامحَهُ، مضامينَهُ، وأشكالَهُ الفنيَّةُ الخَّاصةُ بهُويَّتِهِ التي ميَّزتهُ بنكهةٍ تختلفُ عن النَّكهةِ الأدبيّةِ التي نُحِسُّها في أدب الأقطارِ العربيّةِ، وإن كانَ رغمَ فلسطينيَّتِهِ، يُعتبرُ جزءًا لا يتجزَّأ من مشروعِها الأدبيّ خاصَّة، والثقافيّ، الانسانيِّ عامَّة.
معالجاتٌ نقديَّة: تضمَّنَ الكتابُ بالإضافةِ إلى ذلك، معالجاتٍ نقديَّةً لعددٍ من الأعمالِ الشعريَّةِ والقصصيّةِ، وقد استوقفتْني مِن بينِها دراسةٌ خصَّصَها الباحثُ لروايةِ نجيب محفوظ “حضرة المحترم”، ولعلَّ صاحبَنا الدُّكتور محمَّد خليل أختارَ هذه الرِّوايةَ، لاعتبارِها محطّةً بارزةً في أدب محفوظ، بعد محطَّتيِّ “الطَّريق” و “ميرامار” من جهةٍ، ومن جهةٍ أخرى، ربَّما لأنهُ أرادَ في هذه الدّراسةِ أن يَخرجَ عن الخطِّ العامّ للكتابِ الذي خصَّصهُ للنَّقدِ المحليِّ، ليُدلِّلَ على أنَّ النَّقدَ حين يكونُ موضوعيًّا، فإنَّهُ لا يُفرّقُ في معالجتِهِ بين المحليِّ والعربيّ في أيِّ حال.
الأدب لا يتشكَّلُ من فراغٍ: يؤكّدُ المؤلّف من خلالِ نظرتِهِ الشَّاملةِ، الواردُ ذكرُها آنفًا، أنّ “الأثرَ الأدبيّ، شعرًا ونثرًا، وكذا كلُّ أثرٍ فنيٍّ، لا يتشكَّلُ من فراغ، إنَّما ينشأ مرتبطًا بسياقاتٍ متعدّدةٍ من ذلكَ المنطلقِ”، وبالتَّالي: “لا يحقُّ لأيِّ قارئ أو باحثٍ أو ناقدٍ أن يقرأَ أو يدرسَ نصًّا ما، بمَعزَلٍ عن سياقاتِهِ الاجتماعيّةِ، والثقافيّةِ، والاقتصاديّةِ وحتَّى السياسيَّةِ! فالنّصُ نفسُه، أدبيًّا كان أم فكريًّا، هو بُنيةٌ لغويَّةٌ فنيَّةٌ يُعَبِّرُ عن واقعِ المجتمعِ، وينبثقُ عنهُ”. وفي هذا السِّياقِ قالَ أحدُ الأدباءِ ما معناهُ: “إذا أردتَّ أن تعرفَ شعبًا من الشّعوبِ، فاذهب إلى فنونِهِ”.
ثقافة نقد النقد: أرى أنَّ هذا الكتابَ يشكِّلُ قفزةً نوعيّةً في قيمتهِ المضافةِ لحركتِنا النّقديَّةِ والثقافيّةِ، لا يَندرجُ مثلَ النَّقدِ الأدبيّ عند البعضِ، تحتَ باب العلاقاتِ العامَّةِ، أو لاعتباراتٍ فئويَّةٍ حزبيَّةٍ، أو لغيرِ ذلكَ من الأمور التي لا تمتُّ للنَّقدِ الموضوعيّ بصلةٍ.
مؤلّفُ الكتابِ: يُغامر في الإبحارِ في بحرِ النَّقدِ المنهجيِّ، ليصلَ إلى “نقدِ النَّقدِ”: يقولُ بهذا الصَّدد (ص118): “تهدفُ الدّراسةُ إلى الوقوفِ على واقعِ (نقدِ النَّقدِ) في أدبنا المحليِّ، في ضوءِ النَّقصِ الحادِّ الذي تُعانيهِ مسيرةُ حركتِنا الأدبيّةِ والنقديَّةِ. لم يحظَ هذا الموضوعُ إلى الآنَ، باهتمامِ كتَّابِ النَّقدِ الأدبيّ المحليِّ، وخيرُ دليلٍ على ذلك، أنَّ المتتبِّعَ لا يلحظُ وجودَ كتابٍ خاصٍّ بنقدِ النَّقدِ”. هذه الدَّعوةُ الصريحةُ لمعالجةِ النَّقدِ بالنَّقدِ، أراها في محلِّها، وأعتقدُ أنَّها سوفَ تُحِدُّ من تلك الفوضى العارمةِ في مجالِ النَّقدِ عندَ البعضِ، والتي أخذت في الآونةِ الأخيرةِ تنتشرُ بشكلٍ لافتٍ، مستغلَّةً سهولةَ النَّشرِ على صفحاتِ مواقعِ التواصلِ الاجتماعيِّ، وبعضِ المواقعِ على الشَّبكةِ العنكبوتيّةِ، وما زادَ الطّين بِلّة في هذا المجال هو: غيابُ المحرّرِ الأدبيّ المختصِّ عن تلك المواقع، وعن صحافتِنا والورقيَّةِ أيضًا.
ماهيَّة نقد النَّقد: حينَ ننظرُ إلى مفهومِ الدكتور محمَّد خليل لنقدِ النَّقدِ، نراهُ يتلخَّصُ في الآتي: “هو نشاطٌ معرفيٌ يقومُ بمراجعةِ الأقوالِ النقديّةِ، كاشفًا عن سلامةِ مبادئِها النّظريَّةِ، وأدواتِها التحليليَّةِ، وإجراءاتِها التَّفسيريّةِ والتَّأويليَّةِ. في ضوءِ ذلكَ الواقعِ تبدو الحاجة ماسَّةً إلى وجودِ نقدِ النَّقدِ، وهذا يتطلَّبُ البدءَ بالتأسيسِ لهذا المشروعِ، لا سيَّما وقد مضى على عُمرِ حركتِنا الأدبيّةِ المحليَّةِ ما يزيدُ عن ستَّةِ عقودٍ، عِلمًا أنَّ العمرَ الحقيقيّ للأدب لا يقاسُ بالزَّمنِ، لكنه بكلِّ تأكيدٍ لا يحدثُ خارجَهُ”.
خلاصة: ما تقدّمَ يقودُ الدَّارسَ إلى نتيجةٍ مفادُها، أنَّ: “الطَّريقَ الأمثلَ للنُّهوضِ بالنَّقدِ الأدبيّ، هو وضعُهُ موضعَ النّقدِ والمساءلةِ”. من هذا المنطلق؛ اختارَ ناقدُنا أن يسيرَ في مشروعِهِ النَّقديِّ الرَّائدِ نحوَ الاتّجاه الصَّعبِ، وهو: نقدُ النَّقدِ. ومن المؤكَّدِ أنَّه نتيجةً لذلكَ، سوفَ يثيرُ من حولِه زوبعةً من العواصفِ الكلاميّةِ والكتابيّةِ، خاصةً أنَّ ثقافةَ الحوارِ ومناقشةَ الرَّأيِ بالرَّأيِ، لم تتأًصَّلْ بعدُ، في حركتِنا الأدبيّةِ النّقديَّةِ وفي حياتِنا العامّةِ أيضًا. فهل تراهُ إزاءَ هذا الوضعِ، ينجحُ في تحقيقِ مشروعِهِ النَّقديِّ لتأسيسِ ثقافةِ نقدِ النَّقدِ؟!.. أرجو ذلك.
مداخلة المحتفى به د. محمد خليل: بيَدِ الشكرِ الموصولِ أصافحُ الإخوةَ والأخواتِ؛ مُتحدّثينَ ومُشاركينَ وحضورًا، ثمّ أقول: الاحتفاءُ بالكتابِ والكتابةِ الإبداعيّةِ مَظهرٌ حضاريٌّ بامتياز. أنوّهُ بدايةً إلى أنّ شهادتي بكتابتي وبكتابي مجروحةٌ لأسبابٍ تعرفونَها. من هنا الرأي لكم أوّلًا وأخيرًا.
يقول العماد الأصفهاني: إنّي رأيتُ أنّهُ لا يَكتبُ إنسانٌ كتابًا في يومِهِ إلّا قالَ في غدِهِ: لو غُيّرَ هذا لكانَ أحسنَ، ولو زيدَ كذا لكانَ يُستحسَنُ، ولو قُدّمَ هذا لكانَ أفضلَ، ولو تُركَ هذا لكانَ أجملَ، وهذا من أعظم العِبَرِ، وهو دليلٌ على استيلاءِ النقصِ على جملةِ البشر.
أبدأ بالعنوان، ففيه ما فيهِ من الإشاراتِ والدلالاتِ والمعاني والأفكار. العنوانُ نصٌّ مُتكاملٌ لكلّ شيء، وهذا بحدِّ ذاتِهِ يَستحقُّ التوقّفَ والنظر. ناهيك بالمحتوى الذي يشتملُ على عناوينَ ودراساتٍ ما، يمكنُ أن تفتحَ أمامَنا نوافذَ نُطلُّ مِن خلالِها على نصوصٍ أدبيّةٍ في النقدِ الثقافيّ، وأخرى ثقافيّةٍ تستحقّ منّا القراءةَ والتوقّفَ عندها، بغيةَ التفكيرِ والتأمُّلِ بتعمُّقٍ ورويّة. أما المتعة الحقيقيّة والقيمة المعرفيّة المضافة، فأتركُ الحكمَ والبتّ فيها لكم.
هنالكَ العديدُ مِن الدراساتِ التي يشتملُ عليها الكتاب، ما يمكنُ أن يشدَّ القارئَ لمقاربتِها شكلًا ومضمونًا. أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: محطّاتٌ أدبيّةٌ ونقديّةٌ وثقافيّة في مسيرةِ الحركةِ الأدبيّةِ في فلسطين قبلَ النكبة وبعدَها. مُقدّمة الكتاب “بين يدي الكتاب”. كذلك دراسة نصّيّة لرواية نجيب محفوظ “حضرة المحترم”. وقد تجدرُ الإشارةُ في هذا السّياقِ إلى قول ابن العميد في كتب الجاحظ: “كُتبُ الجاحظِ تُعلّمُ العقل أوّلًا والأدب ثانيًا”. آمل أن يكون هذا الكتابُ قد قاربَ حدودَ تلك المقولةِ ولو بالقدر اليسير. فشيءٌ خيرٌ مِن لا شيء.
تقولُ د. سلمى الخضراء الجيّوسي: “قلّ ما تجد أديبًا فلسطينيًّا خاليًا من الهمّ الفلسطينيّ”. وأنا لستُ بحائدٍ عن هذا الطريق أبدًا.
يقول نورثروب فراي الناقد الكندي: “ليست الكلمةُ الأخيرةُ للناقد الأدبيّ، إنّما لكلّ قارئٍ قراءتُهُ”. وفي الختام تحيّة تقدير واحترام لجميعكم وشكرًا.