رداً على “مذكرة قانونية للعموم – د أيوب عثمان
حيث استثارتني مذكرة للعموم وصفها أصحابها بأنها قانونية صادرة عن أساتذة كلية الحقوق في جامعة الأزهر بغزة حول الأحداث الجارية في الجامعة، فقد رأيت واجباً أن أرد على النحو الآتي:
إن وصْف أصحاب المذكرة في البند (1) بأنها “مذكرة قانونية للعموم” هو تحصيل حاصل ولا اعتراض- البتة- عليه، إذ إن جامعة الأزهر هي في الأصل ومن الضرورة، ومن الواجب، ومن الوطنية أن تكون جامعة وطنية للكل الفلسطيني، وأن لها أنظمة يتوجب على جميع أجسام الجامعة أن تحترمها، وهو ما ليس متحققاً- بالمرة- بدءاً من مجلس الأمناء الذي استقال رئيسه ثم مجلس الأمناء (دون رئيس!) الذي أصدر- وهو لم يعد يتمتع بشرعية قانونية بعد استقالة رئيسه، ودون تعيين الرئيس بديلاً عنه- قراراً يقضي بإعادة تعيين رئيس للجامعة هو ذات الرئيس الذي أمضى في رئاسة الجامعة تسع سنوات، خلافاً لأنظمة الجامعة وقوانينها وخلافاً لقانون التعليم العالي.
صحيح أن نقابة العاملين لها اختصاصات تمارسها بوسائل مشروعة وفقاً للقانون، الأمر الذي يحرضني على توجيه سؤال برسم الإجابة: هل جوّز القانون لإدارة الجامعة إغلاق الموقع الالكتروني لنقابة العاملين، في وقت يتظاهر فيه الجميع بالدفاع – عبثاً وتصنعاً – عن حرية الرأي وحرية التعبير عنه؟!
ورداً على البند (3) أقول: نعم، إن مجلس الأمناء هو من يعين رئيس الجامعة، لكنه يفعل ذلك ليس اعتباطاً أو مزاجاً، أو ولاء لتنظيم، أو إرضاء لجهة، وإنما يفعل ذلك بموجب قانون يقضي بأن ولاية رئاسة الجامعة مدتها أربع سنوات يمكن تجديدها لولاية أخرى بما مجموعه ثماني سنوات. السؤال هنا أوجهه برسم الإجابة: ما الحيثية القانونية التي تم بموجبها التمديد لرئيس الجامعة في العام الماضي لسنة تاسعة؟ وهنا، أؤكد أنني أملك الرد القانوني الذي يدحض ويفند أي رد سيأتي من أصحاب المذكرة القانونية (التي لا قانونية فيها).
وحيث إن أصحاب المذكرة (القانونية!) يقرون أن من يملك تفسير النصوص القانونية التي يثار الخلاف في شأنها هو مجلس الأمناء، فإنني أرد عليهم بأن أضع تحت عيونهم ما أورده رئيس مجلس الأمناء في استقالته، وهو على النحو الآتي:
لقد كتب رئيس مجلس الأمناء المستقيل، فقال:
“بعد استشارة اللجنة القانونية لمجلس الأمناء التي أوصت بعدم جواز التمديد لرئيس الجامعة، قرر مجلس الأمناء بالإجماع عدم التمديد للدكتور عبد الخالق الفرا، والبحث عن رئيس جامعة جديد، إلا أن البعض في قيادة فتح رفضوا تغيير رئيس الجامعة ومصرون على التمديد له، وهو ما يتعارض مع أنظمة الجامعة ومع رأي اللجنة القانونية في مجلس الأمناء، ومع قانون التعليم العالي الصادر عام 2018 المصادق عليه من طرف (الرئيس)، كما يشكل إهانة لي ولمجلس الأمناء الذي قرر عدم التمديد له”.
وقال: ظل “على رأس الجامعة الدكتور/عبد الخالق الفرا لمدة ثماني سنوات وتم التمديد له لسنة أخرى، وهو أيضاً اختيار فتحاوي، وكأن تنظيم فتح في غزة يتابع أمور الجامعة”،
ثم قال: ” المشكلة ليست مع نقابة العاملين، وليست مع الدحلانيين، وليست، … وليست، بل هي مع البعض في قيادة تنظيم حركة فتح، ومحاولة التدخل في عملي وفرض رئيس للجامعة على غير إرادتي وإرادة مجلس الأمناء…”
وقال أيضاً: “إن إصرار بعض الأخوة في تنظيم حركة فتح في غزة على التدخل في شؤون الجامعة، يسيء للجامعة ويهمش دور مجلس الأمناء ورئيسه، وخصوصاً أن الأخوة في التنظيم شكلوا مجلس الأمناء ثم عرضوه علي دون أن يكون لي أي دور في تشكيله…”،
ثم كتب للرئيس قائلاً: “إن الأخوة في التنظيم هم قادة سياسيون ومرجعية سياسية له (بصفته ابراهيم أبراش)، ولكنهم ليسوا مرجعية له (بصفته رئيس مجلس أمناء الجامعة)، وليسوا مرجعية الجامعة في الأمور الأكاديمية، وكيفية إدارة الجامعة،
وأكد قائلاً: “التجربة السابقة لهم (التنظيم وقياداته) في السيطرة على الجامعة والتدخل في شؤونها خير دليل” (على ما يقول في استقالته).
وهنا، أرى أن من حقي أن أوجه سؤالاً آخر برسم الإجابة أيضاً: إن كنتم يا أصحاب المذكرة (القانونية!) تؤمنون حقاً، وصدقاً ويقيناً- انطلاقاً من احترامكم للقانون والتزامكم به- أن لكل حقه في التقاضي دون اللجوء لوسائل مادية على الأرض تؤذي الجامعة، كما تقولون، فلماذا غضضتم الطرف والبصر والبصيرة عن أفعال أتت عليها إدارة الجامعة؟! أم أن ما هو حرام على زيد حلال على عمرو؟!
أما السؤال الأخير الذي سيكون- بالحتمية- أكثر إحراجاً لمعظمكم يا أصحاب المذكرة (القانونية!!!)فهو: أين كنتم؟ وماذا فعلتم؟ وهل من موقف كان لكم؟ وهل من مذكرة قانونية تناديتم لصياغتها حينما أغلق رئيس مجلس الأمناء السابق ذات يوم مقر النقابة المنتخبة بالجنازير، وقاعة الشيخ المرحوم محمد عواد بالجنازير ليمنع الهيئة العمومية من الاجتماع، وأغلق أيضاً الموقع الالكتروني لنقابة العاملين المنتخبة؟! أم أنكم تميلون مع الريح حيث تميل؟! إنني أستثني من المؤاخذة من لم يكن قد التحق بعد في كلية الحقوق، إن كان ثمة أحد لم يكن قد التحق، وحسبي أن جميع من وقعوا على هذه المذكرة (القانونية!!!) قد كانوا، سائلاً إياه سبحانه أن يحميني من الزلل.
أما استهلالكم البند (4) في مذكرتكم (القانونية!!!) غير القانونية بأداة “إذا” الشرطية، فهو خير دليل على محاولتكم البائسة واليائسة لإدخال الحالة الراهنة في “مغمغة” وضع الجامعة بغية اللعب عليه وعلى تناقضاته، ذلك أنكم تفهمون جيداً- كما يتوجب عليكم أن تفهموا- أن نقطة الخلاف هي بالفعل مسألة تعيين رئيس الجامعة التزاماً بالقانون أو عدمه، وإذا كنتم تؤمنون بأن نقطة الخلاف حلها هو من خلال الاحتكام إلى القانون، فإنني أوجه مجموعة من الأسئلة، وبرسم الإجابة أيضاً، وقبل اللجوء إلى القضاء كي يكون الاختصار والتسليم بما يقوله القانون – من خلالكم وأنتم أساطينه – دون الذهاب إلى القضاء، والأسئلة هي:
هل كان إعادة تعيين رئيس الجامعة لسنة تاسعة في العام الماضي سليماً بموجب القانون؟
هل لصفة (استثناء) في إعادة تعيين رئيس الجامعة لسنة تاسعة أي وجاهة في إطار القانون مع وجود نص صريح حول تعيين رئيس الجامعة؟
!
هل إعادة تعيين رئيس الجامعة لثلاث سنوات أخرى بعد السنة التاسعة (الاستثناء) هو تصرف سليم بموجب القانون؟
!
هل يملك مجلس الأمناء (المستقيل رئيسه) شرعية قانونية يستطيع بموجبها أن يصدر- وهو بلا رئيس- قراراً مصيرياً كالذي كان في شأن إعادة تعيين رئيس الجامعة ذاته؟!
أما آخر الكلام، فما أشبه الليلة بالبارحة: فمثلما كان ميلكم بالأمس إلى جانب مجلس الأمناء الأسبق ورئيس الجامعة، ها أنتم اليوم تختارون ذات الميل لمجلس الأمناء الحالي ورئيس الجامعة، لتبقوا أصحاب الحظوة عند من تظنون أنهم مُلاك القوة، آملين أن مصيركم سوف يزدهر،لكنه بإذن الله لن يزدهر.
رداً على “مذكرة قانونية للعموم”
صادرة عن أساتذة كلية الحقوق بجامعة الأزهر- غزة
بشأن الأحداث الجارية فيها
بقلم: الدكتور/ أيوب عثمان
كاتب وأكاديمي فلسطيني
جامعة الأزهر بغزة
رئيس “جمعية أساتذة الجامعات – فلسطين