دييغو مارادونا من الظلام الى النور – نضال حمد
دييغو مارادونا
من حارات البؤس في الارجنتين الى قمة الشهرة العالمية هكذا كتب دييغو مارادونا قصة حياته. ولد فقيرا وعاش هذا الفتى المنحدر من قبائل الهنود الحمر، الذين أبادت غالبيتهم العنصرية الغربية، نجماً بفضل كرة القدم، حيث كان من أفضل لاعبي الكرة على مر التاريخ. قاد منتخب الأرجنتين للفوز بكأس العالم وقاد نادي نابولي الايطالي للفوز بكل شيء في ايطاليا. لكنه فيما بعد تورط في المخدرات في الحقبتين الايطالية والاسبانية.
عندما فازت الأرجنتين بكأس العالم وكان ماردونا يومها يبلغ من العمر ٢٢ عاما فقط. سافر منتخب الأرجنتين الى الكيان الصهيوني، للدعاية للصهاينة من قلب فلسطين المحتلة. وعند حائط البراق (المبكى لدى اليهود الصهاينة) في قلب القدس المحتلة تم وضع القلنسوات اليهودية على رؤوس جميع أفراد المنتخب الأارجنتيني بما فيهم ماردونا.
لكنه بعد وقت خرج من الضلام الى النور وكان ذلك بفضل قادة الثورات التحررية في أمريكا اللاتينية فيدل كاسترو وهوغو شافيز وايفو موراليس، انحاز ماردونا لجذوره ولأمته ولقضايا الانسان والحرية. عشق جيفارا ووشم صورته على كتفه وارتدى البلائز التي تظهر صور الثائر الأممي تشي جيفارا. أطلق مواقف ثورية وتحررية منحازة للشعوب في نضالها ضد التوحش الرأسمالي الامبريالي. وقال وهو مرتديا الشال الفلسطيني “أحب فلسطين كما أحب حفيدي” رافعا شارة النصر الفلسطينية المعروفة. ربما كان بذلك يرغب في التعويض عن الزيارة التوريطية الى الكيان الصهيوني، التي ورطه فيها سياسيو بلاده والقائمين على الكرة الأرجنتينية. كان يومها فتى في مقتبل العمر لذا لا يمكن تحميله مسؤولية تلك الجريمة.
في رحاب الثورتين الكوبية والبوليفارية الفنزويلية تعافى دييغو من المخدرات ومن الدعاية الرأسمالية وأصبح صديقا حميما للقائدين الراحلين هوغو شافيز وفيدل كاسترو، وليس غريبا ولا عجيبا أن يصادف يوم وفاته نفس يوم وفاة كاسترو، أي في الخامس والعشرين من نوفمبر – تشرين الثاني. ربما هي الصداقة التي جمعتهما حياة تجمعهما اليوم موتا. ومن تصريحاته الشهيرة والتي تعني البشرية كلها وتدل على تحوله الفكري والسياسي والانساني التصريح التالي : “أكره كل شيء يأتي من الولايات المتحدة، التي أكرهها بكل جوارحي”.
سوف يذكر التاريخ كل الابداع الكبير الذي قدمه هذا الفتى في عالم كرة القدم. لكن أهم ما سيذكره من ملاعب كرة القدم، ونحن أيضا والحكم التونسي الذي كان يدير اللقاء المذكور، هو واقعة يد مارادونا التي سجلت الهدف التاريخي في كأس العالم، والتي كان من الصعب على حكام المباراة رؤيتها. يومها استطاع هذا الفتى القصير القامة والقوي البنية، الفنان في الكرة اذلال الانجليز واخراجهم من البطولة القارية. وحين سألوه عن تلك الواقعة أجاب أنها “يد الله”.
وقد قال عن هذه الواقعة بعد سنوات طويلة وفي تصريح معروف: “يمكنني الاعتذار والعودة لتغيير التاريخ، لكن هدفي في إنجلترا تم احتسابه وأصبحت الأرجنتين بطلًا للعالم”.. بطلا للعالم بفضل تلك اليد الالهية … وها أنت الآن يا دييغو بين يدي الله. أرقد بسلام.
نضال حمد