كورونا يحصد كتّاباً وشعراء: العالم ينقص خياله – تغريد عبد العال
“كورونا” الذي ألهمََ خيال الشُعراء والكُتَّاب حول العالم في العام 2020 خطف الكثيرين منهم.. إليكم أبرزهم.
“لهذا العالم أن يكون جميلاً، ولو في السُقْم/ ولنا دوماً أن نحبّه/ كَرمى لفًسحة الأمل”. هكذا تكتب الشاعرة الهندية الإنكليزية نيكيتا جيل في قصيدةٍ بعنوان “الحب في زمن كورونا”. لكن فيروس “كورونا” الذي ألهمََ خيال الشُعراء والكُتَّاب وجعلهم يكتبون يوميَّاتهم عنه وهم في الحَجْر الصحّي، خطف الكثيرين منهم أيضاً.
فقد شهد هذا العام الذي يُشرِف على الرحيل موت الكثير من الكُتَّاب والشُعراء حول العالم مُتأثِّرين بهذا الفيروس المجنون، الذي يبدو أنه فتكَ أيضا ًبخيال العالم.
ففي منفاه الإسباني، وفي عُمر السبعين، رحل الكاتب التشيلي لويس سبولفيدا في 16 نيسان/أبريل بعد أن أمضى 6 أسابيع في المُستشفى مُتأثِّراً بعوارِض “كورونا”.
كتب سبولفيدا روايات كثيرة تُرْجِمَت إلى لغاتٍ كثيرةٍ منها العربية أبرزها “رواية الرجل العجوز يقرأ قصص الحب” ترجمة عفيف دمشقية، والتي كتبها أثناء عيشه في غابات الأمازون، ورواية “مذكَّرات قاتِل عاطفي” التي ترجمها إلى العربية إسكندر حبش. سبولفيدا الذي نجا من ديكتاتورية بينوشيه قتله “كورونا”.
في 14 حزيران/يونيو، وعن 97 عاماً رحلت الكاتبة الجنوب أفريقية إلسا جوبرت مُتأثِّرة بالفيروس، وهي تكتب عن مُعاناة السود في جنوب أفريقيا.
روايتها الشهيرة: “الرحلة الطويلة لبوبي نونجينا” التي تُرْجِمَت إلى 13 لغة حوَّلت إلى فيلمٍ بعنوان “بوبي نونجينا”.
أما الكاتب الأميركي هرمان كاريللو، فقد أزاح “كورونا” الستار عن هويّته الحقيقية بعد أن قتله في 20 نيسان، فهو ليس كاتِباً كوبياً كما ادّعى بل إن أصوله أفريقية وولِدَ في ديترويت في ميشغان عام 1960. عمل كاريللو في جامعة جورج واشنطن أستاذاً مُساعِداً للغة الإنكليزية، وأهمّ رواياته هي “ضياع لغتي الإسبانية”.
وكذلك الشاعِرة الأستونية هيلف بوسكا التي رحلت في السويد في 14 نيسان، وقد ولِدَت هيلف في مدينة هابسالو عام 1925، ونشرت مجموعاتها الشعرية في أستونيا وهي عضو في اتحاد الكُتَّاب الأستونيين.
وقد فَقَدَ العالم الروائي الأفغاني رهنورد زرياب بعد إصابته بــ “كورونا” وهو في الــ 76 من عُمره وذلك في 11 كانون الأول/ديسمبر في مُستشفى كابول. ويُعْتَبر زرياب الكاتِب المُعاصِر الأكثر تأثيراً في أفغانستان، له أكثر من 100 قصة قصيرة تُرْجِمَ بعضها إلى الروسية والفرنسية والإنكليزية وروايات كثيرة منها: “هذيان الغُربة البعيد” ، و”الحسناء الراقِدة تحت الثَرى”، وقد فازت روايته “المشي حول القصر أربع مرات” بجائزة أفضل مؤلِّف في إيران 2016.
أما الشاعر الهندي راحات أندوري فقد توفى مُتأثِّراً بــ “كورونا” في11 آب/أغسطس وهو من الشُعراء المُهمِّين في الهند ويكتب الأغاني لأفلام بوليوود، وكان رسَّاماً وأستاذاً جامعياً للغة الأوردو.
وفي إحدى مُستشفيات إيران، فقد رحل الشاعِر الكردي جلال ملكشا وهو في الـ 69 من عُمره. كتب ملكشا الشعر بالفارسية والكردية، وقال عنه الشاعِر الكردي شيركوبيكاس: “لقد ساهم في تطوير اللغة والأدب الكرديين”. وقد تُرْجِمَت أجزاء من أشعاره إلى الإنكليزية والفرنسية والعربية.
هذا على صعيد العالم، أما عربياً فقد فقدنا الكثير من الروائيين والكُتَّاب والصحافيين بعد إصابتهم بفيروس”كورونا”، كان أبرزهم رحيل الكاتب والصحافي السوري اللبناني رياض نجيب الريِّس، عن عُمرٍ ناهزَ ال 83 عاماً، وذلك في 26 أيلول/سبتمبر الماضي.
والريِّس هو إبن الأديب نجيب الريِّس مؤسِّس جريدة القبس الدمشقية. سافر الريِّس إلى بريطانيا للالتحاق بجامعة كامبريدج وعمل صحافياً، لكنه عاد إلى بيروت وأسَّس دار نشر تحمل إسمه. من مؤلَّفاته:”الخليج العربي ورياح التغيير” ، “أرض التّنين الصغير” ، “موت الآخرين” و”صحافي المسافات الطويلة”.
وفي الجزائر رحل الكاتِب نذير عصاري عن عُمرٍ يُناهز ال 75 عاماً، وذلك في 29 تشرين الثاني/نوفمبر. وقد صدرت له ثلاثة أعمال حول مدينة الجزائر كان أبرزها كتابه: “مدينة الجزائر، زُرقة البحر والأضواء”.
وفي 13 كانون الأول/ديسمبر الجاري، رحل الروائي المصري بهاء عبد المجيد في القاهرة، وهو الحائِز دكتوراه في الأدب الإنكليزي. عمل أستاذاً للأدب الإنكليزي في جامعة عين شمس. اهتمَّ في أعماله الروائية بالصِراع بين الشرق والغرب، ومن أبرز رواياته: “خمَّارة المعبد” و”النوم مع الغُرباء ” ومجموعات قصصية منها “البيانو الأسود”.
خطف “كورونا” أيضاً الكاتِب والوزير السوري الأسبق رياض عصمت في الولايات المتحدة، وذلك في 13 أيار/مايو. وكان عصمت قد بدأ مسيرته قاصَّاً وكاتِباً مسرحياً، من أبرز مؤلَّفاته: “البطل التراجيدي في المسرح العربي” ونصوص أخرى مسرحية منها:” لعبة الحب والثورة”.
أما الشاعر السوري خالد الصدقة فقد رحل في الكويت عن عُمرٍ يُناهِز ال 64 عاماً في 25 أيار/مايو، حيث كان هو أيضاً أحد ضحايا فيروس “كورونا” الذي هجاه بقصيدة طويلة في نيسان/إبريل الماضي على وزن مُعلَّقة الشاعر الجاهلي عمرو بن كلثوم أسماها المُعلَّقة الكورونية جاء فيها: وباء حاصَر الدنيا جميعاً/ وفايروس أذلَّ العالمينا”.
اشتهر الصدقة بأبحاثه اللغوية، فكان من مؤلَّفاته في هذا المجال معجم “لآلئ الأمثال والحِكَم المُقارَنة”.
وهنا لا بدَّ من أن نذكر أن “كورونا” الذي فشل الكتَّاب الراحلون في مقاومته لا زال مادة خصبة لخيال الكثيرين.
فها هو الشاعر الأميركي كيم ستافورد يكتب عن عدم اكتراثه بالوباء حين يقول: بعد أن ختموا الأبواب بالشمع وأقفلوا البوابة الخارجية/ بعد أن تركوا لنا تقديرات نِسَب الوفيات/على ورقةٍ كي نعلِّقها في الصالة/ بعد أن أحصوا كم يوم ستكفينا المياه/ بواسطة البوق من خارج منطقة الحَجْر/ وابتعدوا بسياراتهم/ بعد أن استنفدت أسئلتنا اليائِسة كل دموعنا/ بعد أن نظرنا إلى بعضنا أولاً بدافع الشكّ بحصول عدوى/ثم بدافع الفضول، ثم بفعل المحبَّة/ وجد أحدهم غيتاراً واستذكر أغنية/ فاصطففنا جميعاً، ضاحكين، مُتشابكي الأذرع ورقصنا”.