القيادة الوسطى.. وشرق بيرز القديم! – عبد اللطيف مهنا
قبل مغادرته السلطة أعاد ترامب هيكلة القيادة العسكرية الأميركية الوسطى. هذه القيادة هي واحدة من قيادات جيوش الإمبراطورية الكونية المتعددة التي تتوزع مهامها قطاعاً ما هنا وهناك من الخارطة الكونية، وهذه الوسطى تشمل مسؤوليتها خمساً وعشرين دولة إفريقية وآسيوية، تمتد من مغرب العرب حتى قرغيزيا على حدود الصين، مروراً بالباكستان..
هيكلة ترامب، التي ربما هي من القليل الذي لن يختلف معه عليه بايدن، تقضي بتوسيعها بنقل الكيان الصهيوني من قيادة أوروبا إليها..
قد يقول قائل، وما المختلف، وهذا الكيان كان وسيظل امتداداً عضوياً لها، وظيفياً في سياق استراتيجياتها العدوانية، بل وبمثابة ثكنتها المتقدّمة، والأشبه بحاملة طائرات أرضية متعددة المهام، وخلاصته، وكيلاً حصرياً معتمداً وموثوقاً، وأضف من عندك ما شئت…؟!
الفارق هنا يشكل نقلةً ذات منحى استراتيجي في سياق أسرلة المنطقة وتصفية القضية.. جزء من ضربة يريدونها قاتلة للهوية العربية.. ضربة خطط وعمل الغرب جاهداً لإنجازها منذ أن بدأ الصراع في بلادنا مع مشروعه المعادي فيها.. والآن سهَّلت الجوائح التطبيعية الخيانية الأخيرة له فرصة تسديدها وها هو يغتنمها..
القواعد الأميركية والغربية على امتداد الخارطة العربية من المحيط إلى الخليج، تسيّرها هذه القيادة الوسطى التي بات الكيان شريكاً فيها ومشاركاً مباشراً في مهامها جنباً إلى جنب مع تابعيها المحليين من العرب الأميركان.. الأمر الذي أشار إليه بيان البنتاغون المتعلق بقوله:
يشكّل ” فرصاً إضافيةً للتعاون بين “إسرائيل” وشركاء في المنطقة”!
لذا لا تستغربوا من الآن فصاعداً مشاهدة الجنود الصهاينة يشاركون في مناورات تدريبية برية أو بحرية أو جوّية في بلاد العرب أوطاني.. لا تستغربوا أن تروهم على سواحل الخليج أو جبال الأطلس وضفاف النيل، وصولاً إلى طلعات طائراتهم من “راس بناس”، و” الظفرة”، و”الرويشد”، و”حفر الباطن”، و”عريجان”، و”العيديد”!
.. كانوا يتحدثون عن ناتو عربي، الآن نحن إزاء آخر بعباءة عربيه ورأس صهيوني وقبَّعة أميركية، من بين مهامه المعلنة مواجهة إيران، وقد تتسع للتصدي للصين، وبطبيعة الحال، “الحرب على الإرهاب”، أو ما يعني هنا محور المقاومة.. باختصار، نحن إزاء شرق بيرز القديم الجديد!