من أسر العمر إلى أسر المعيشة وطنك، عمرك وجيبك…لي – عادل سمارة
خلافاً لما تعاقدت عليه البرجوازيات العربية الحاكمة بأن الصراع في فلسطين هو على المحتل 1967 بدل الجوهر أي اغتصاب كامل الوطن، وخلافاً لمختلف مشاريع الحلول التي حتى أسوأها منحاز للاحتلال، فالحال الفلسطيني هو على النحو التالي:
يقول الكيان : وطنك لي، يغتصب الأرض ويقضم بقاياها، ويعتقل المقاومين فيأكل أعمارهم بدرجات.
ثم يلاحق ارصدتهم فيقشطهم إياها كي يزدادوا جوعا وإملاقاً. ويقدم للكمبرادور الفلسطيني امتيازات كوكلاء لمنتجاته أو لمنتجات من الخارج تمر عبر قنوات اقتصاد الاحتلال مما يجعل اقتصاد المناطق المحتلة روافد تصب في بركة راس المال الصهيوني. أي كل شيء أسير هنا ، وإن بدرجات، العامل والفلاح وحتى الكمبرادور . إنه ربط مختلف الطبقات الاجتماعية بالاحتلال قسرا وحتى المتسفيدة منه سواء المتعاقدة من الباطن أو الكمبرادور.
الصورة الأبشع:
المصرف: أنت فلان؟
المجهول: نعم
المصرف: لا تبقي في حسابك أي فلس
المجهول: لماذا؟
المصرف: لأن سلطات الاحتلال تصادر كل ما في حسابات الأسرى، ولن تعيدها، فكما فعلت قبل خمس سنوات أخذت كل الفلوس ولم تُعد شيئاً.
المجهول: حتى بالمفاوضات؟
المصرف:…..
■ ■ ■
في أية خانة من نظريات الاقتصاد السياسي يمكن وضع هذه المسألة؟
مقاومون من رجال ونساء، يُعتقلون يُعذبون بلا نصير، البعض لا تثبت عليه تهم الاحتلال والبعض يُحكم والبعض يستشهد والبعض ينهي محكوميته بمرض أو أمراض.
لا يكتفي الاحتلال بكل هذا!
يبقى الأسير المحرر مطارداً حتى في تحصيل لقمة عيشه.
فهو من جانب السلطة ممنوع من الحصول على مصدر دخل سوى ما يسمى الراتب وهو بالحد الأدنى، وهذا أمر غريب. فالمواطن العادي بوسعه أن يحصل على اي نوع وكل نوع او مصدر من المداخيل.
دعك من هذا، فهو ربما أحد شروط الاحتلال.
ولكن، أين يمكن تصنيف مصادرة أرصدة الأسرى.
لا يقع هذا في خانة الإلحاق الاقتصادي، لأن الإلحاق هو حالة جماعية اي إلحاق بنية ببنية.
لا يقع هذا في خانة اقتصاد التساقط Trickle-down Economy لأن هذا بين انظمة وطبقات تابعة ومتبوعة. كما هو شأن كافة الأنظمة الكمبرادورية العربية وكثير من بلدان المحيط حيث يحصل النظام/الطبقة الحاكمة على فتات التبادل الاقتصادي مع المركز الراسمالي. هذا حال بلدان تابعة هي جوهريا مستعمرات مستقلة شكلياً.
ورغم الأموال المديدة التي تحصل عليها انظمة النفط من خراج الأرض، فهي جزء ضئيل مما تأخذه شركات النفط الغربية. وهذه الحالة لا تجيب على سؤالنا.
هل يقع في خانة التبادل اللامتكافىء Un-equal Exchange، وهو أقرب إلى اقتصاد التساقط لكنه أفضل نسبيا لبلدان المحيط التابعة بمعنى أن بوسعها التخلص من هذه العلاقة إذا ما أمسك بالسلطة فريق طبقي وطني وذو توجهات تنموية عامة، تنمية بالحماية الشعبية، و/أو اشتراكية. لكن هنا نتحدث عن شريحة اجتماعية وليس عن بنية طبقية لمجتمع.
هل يقع في باب الاستعمار الداخلي Internal Colonialism، بمعنى وجود جزء من دولة هو مثابة مستعمرة لنفس نظام الدولة؟
كلا، فالمناطق المحتلة 1967 هي جزء من فلسطين المحتلة وليست جزءا من السيطرة الاحتلالية على فلسطين أي ليست جزءأ من القشرة السيادية الصهيونية وبالتالي ليس فلسطينيوا المحتل 1967 رعايا للكيان أو حاملي جنسيته. كما أن الأسرى ليسوا في موقع جغرافي واحد ليطبق عليهم وصف مستعمرة داخلية كما هي حال مناطق في البرازيل مثلاً.
هل هو التبادل اللامتكافىء المسلح؟
كلا، فهذا هو نمط العلاقة الكلية بين المحتل 1967 بسيطرة المحتل 1948.
في مختلف الأنماط أعلاه، هناك استغلال، فارق في الربح أو الاستفادة، نهب، خاوة…الخ بين بنية وأخرى، دولة وأخرى.
لكن هذا الشكل العلني بالمطلق هو تقشيط. فالنهب هو عدوان سراً، بينماالتقشيط علانية وفي وضح النهار.
هو دخول الحسابات واغتصابها وحسب، ولا يمكن للمصارف أن تتفوه بكلمة، بل تنتظر حتى ينهي العدو الاغتصاب. ليست ملومة.
هل نصنف هذا في باب الصراع السياسي، الإيديولوجي، صراع بين المستوطنين وأهل البلاد…الخ إلى حد ما نعم، ولكن لا يكفي
هل هو صراع عرقي؟ كلا، فنحن عرق وهم أعراقاً.
هل هو صراع قومي؟ كلا، فنحن من امة وهم من أمماً.
ركِّز في التالي: قال لي “يساري” من الكيان، ذات مرة: أنتم لا تعرفون الحقد.