الزعيم الحكيم – نضال حمد
حكيم فلسطين والقومية العربية ١٩٢٦ – ٢٠٠٨
يوم 26-1-2021 يصادف الذكرى الثالثة عشرة لوفاة الزعيم العربي الفلسطيني الخالد، الحكيم أبو ميساء.
في ذكرى رحيل حكيم البلاد كل البلاد وزعيم الشرفاء كل الشرفاء الدكتور جورج حبش، مؤسس حركة القوميين العرب والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، تعجز العبارات عن التعبير عن هذا الفلسطيني الكبير. لأنه لم يكن فلسطينيا عادياً بل كان عربياً، فلسطينياً، أممياً وتقدمياً فوق العادة.
حافظ الحكيم الزعيم على التقاليد والعادات ووصايا الآباء والأمهات والأجداد والجدات، فقاد النضال منذ البدايات، مؤمنا بحرب التحرير الشعبية طريقاً وحيداً لاستعادة الأرض وتحرير الوطن من الاستعمار والاحتلال والغزاة. فكان فلسطينياً أكبر من كل العابرين في مراحل عابرة. أبى أن يرحل إلا نظيفاً كما جاء، فرفض خيارات الاستسلام والسقوط في أفخاخ أوهام السلام. لقد كان الحكيم حين ينظر في المرآة يرى فلسطين، ففلسطين كانت وجه الحكيم ووجهته وكانت سيرته وحياته وقضيته وبدايته ونهايته.
في حديث موجه للشباب قال الحكيم:
” إن أهم ما يمكن أن أنقله للأجيال الصاعدة هو خلاصة تجربتي، وما احتوته من دروس، سواء كانت دروس الإخفاق أو دروس النجاح، عليهم أن ينطلقوا من حيث وصلنا، لا لتكرار تجربتنا وإنما بالاستناد إلى دروسها الثمينة كونها دروساً دُفعت أثمانها تضحيات ودماء غالية وعزيزة، وأن يجتهدوا ويجاهدوا لتخطي إخفاقاتنا وأسبابها، وهذا مشروط بامتلاك الوعي والعلم والمعرفة كأدوات من دونها يستحيل التقدم، وأن يملكوا الثقة بالذات، وبالمستقبل وبأن الهزائم لا تعني المساس بأهدافنا، فهي صحيحة وعلمية وعادلة وإنسانية إلى أبعد حد.”.
يوم سألوه عن العودة الى فلسطين من بوابة ما أطلق عليه “شجعان” اوسلو “سلام الشجعان”، عبر بوابة “غزة وأريحا أولاً”، مثلما فعل الذين عادوا فغابوا وطواهم النسيان بعدما خذلهم السلام وقتلهتم أوهامه، كان جوابه واضحاً وحاسماً، أعود يوم يعود آخر لاجئ فلسطيني الى فلسطين المحررة. فالحكيم كان يأمل وعمل طوال حياته من أجل تحرير البلاد كل البلاد وعودة العباد كل العباد الى اللد والرملة وصفد وطبريا وكل فلسطين من أولها الى آخرها ومن آخرها الى أولها..
الحكيم كان وحدويا الى أبعد الحدود وفي بعض الأحيان قدم تنازلات لأجل الوحدة الوطنية لكنه قال عن ذلك:
” – الوحدة الوطنية ضرورة ملحة لمواجهة السرطان الصهيوني، شرط أن تقوم على أساس سياسي واضح، وعلى أساس ديمقراطي، وألاّ تكون تحت رحمة قيادة فردية.”
ولما كان واضحاً له أن سلام الشجعان ليس أكثر من سقوط واستسلام فضل البقاء في المنفى والموت مع اللاجئين من شعبه، على إنهاء مشوار حياته الحافل بالنضال والعطاء ومواقف العز والشموخ، نهاية رجل غير شجاع.
يوم السادس والعشرين من كانون الثاني سنة ٢٠٠٨ كان يوما لنهاية الرجل الشجاع. الرجل الذي ارتبط اسمه بقضية فلسطين وبتاريخ عالمنا العربي الحديث. الرجل الذي ألهبت مشاعرنا خطاباته الثورية وكلماته القوية ووقفاته الانسانية والنضالية وانتماؤه الفلسطيني العربي والأممي، وفكره القومي والتقدمي.
في حديث يشبه الوصية موجه للشباب قال الحكيم:
” إنني على ثقة بأن أجيال شبابنا الصاعدة والمتتالية لن تحتاج إلى من يلقّنها ما يجب أن تفعله، فليس من حق أحد، فرداً أو حزباً، أن يصادر حقها في تحديد طموحاتها وأهدافها مسبقاً، هذه حقيقة، لكن تقف إلى جانبها حقيقة لا تقل أهمية، وهي أن حياة الأمم والشعوب وتاريخها ومستقبلها ليست سلسلة مفككة لا يربطها رابط، إنما هي عملية تراكمية متواصلة، ومن لا يدرك تاريخه ويعيه لن يستطيع إدراك حاضره، وبالتالي مستقبله.”.
رحل الحكيم نظيفاً، عفيفاً، شريفاً، ملتزماً ومحافظاً على سلامة موقفه فلم يلوثه بعار المراحل التي انتهت نهاية سوداء قاتمة ومأساوية وأكثر من ذلك بكثير…
العهد هو العهد يا حكيمنا فلا بديل عن فلسطين، فإما فلسطين وأما النار جيلاً بعد جيل.
نضال حمد
نشر في 25-1-2021
foto: al-safsaf.com Damascous 2008