هل تكون الانتخابات الفلسطينية مقدمة لحرب اهلية .. !! – عـادل أبو هـاشـم
بعد ايام قليلة من الاحداث المؤلمة التي شهدها قطاع غزة عامي 2006 – 2007م والتي سماها البعض بالحسم وبتطهير غزة من التيار الدموي لحركة فتح ، و “اجتثاث بعض طفيليات الخيانة والتآمر ، والضرب بيد من حديد على رؤوس الفتنة ” ، والبعض الاخر بانقلاب حركة حماس على الشرعية ، الى ان وصل الجميع الى مسمى ” الانقسام ” ، خرج علينا القائد المجاهد الدكتور محمود الزهار في مقابلة تلفزيونية بالقول :
( انه لو انتصر التيار الاخر ” ويقصد حركة فتح ” لوجدنا لحم نسائنا وشيوخنا ورجالنا واطفالنا معلق على اعمدة الكهرباء في شوارع قطاع غزة .. !! )
لا نريد أن ننكأ الجراح ، فالجرح في الكف كما يقول المثل الفلسطيني ، و لكن علينا ان نعود بالذاكرة قليلا إلى الوراء لمعرفة حقيقة من الذي أوصلنا إلى يوم الأنقسام في 14 / 6 / 2007 م قبل ان تغمرنا الفرحة باعلان رئيس السلطة توقيع مرسوم اجراء الانتخابات على مستوى المجلس التشريعي والرئاسة والمجلس الوطني على التوالي بعد انقطاع خمسة عشر عاما عن الانتخابات الاخيرة ، وبعد اربعة عشر عاما من الانقسام الفلسطيني ، وحصار قطاع غزة الكارثي ، وبعد ايام قليلة من قيام السلطة باعادة العمل بالاتفاقيات مع “اسرائيل”، وعودة ” التنسيق الامني المقدس ” مع العدو الصهيوني ، ووصف هذه الخطوة بالانتصار العظيم لشعبنا الفلسطيني .. !!
ويتساءل الشارع الفلسطيني بدهشة غريبة :
من الذي جعل محمود عباس ينحى هذا المنحى وهو المعروف بكراهيتة الشديدة لحركة حماس حيث وصفها تارة بالقرامطة الجدد ، وتارة اخرى بالقاعدة وداعش ، وبانهم جواسيس وخونة ، ومتآمرين على المشروع الوطني من خلال تمرير صفقة القرن .. !!
( نستطيع ان نسرد عشرات الاتهامات الباطلة من محمود عباس وحركة فتح ضد حركة حماس بدءاً من رفض عباس الذهاب الى غزة تحت ذريعة وجود مخطط لاغتياله من قبل حماس ، الى ان المقاومة عبثية وحقيرة وكرتونية وسخيفة . . . ، مرورا الى حق “اسرائيل” بالدفاع عن نفسها .. !! وان المقاومين في غزة تجار حروب .. !! )
ويطرح السؤال التالي نفسه :
هل يمكن اعتبار هذه الانتخابات بداية لانهاء الانقسام ، ام تكون مقدمة لحرب اهلية فلسطينية لا تبقي ولا تذر ، بحيث تكون احداث 2006 – 2007م عبارة عن بروفة صغيرة لما سيحدث بعد الانتخابات .. ؟!!
فقد علمنا التاريخ انه يعيد نفسه مرتين :
مرة على شكل ملهاة ، والاخرى على شكل مأساة .. !!
ما دعانا الى ما سبق هو ان اسباب الانقسام ما زالت قائمة الى الان وذلك من خلال عدم اعتراف “اسرائيل” و الدول الغربية وعدد من الدول العربية بسلطة حماس من خلال تحريض حركة فتح والسلطة الفلسطينية ضد الحركة .. !!
في الأيام الأولى لفوز حركة حماس في الإنتخابات التشريعية في 25 / 6 / 2006م ، و من ثم تشكيلها للحكومة العاشرة ظهرت ظاهرة جديدة في الفكر السياسي الفلسطيني هدفها ” التآمر على حماس ” ، وهي جمع غريب وخليط عجيب من ” حركة فتح ” ورموز التواطؤ و التنازلات للعدو الإسرائيلي ممن نصبوا أنفسهم زورا وبهتانـًا للتحدث باسم الشعب الفلسطيني ، يساندهم في ذلك مجموعة من “كتبة المارينز” ، و” مثقفو الردة ” ودعاة الاستسلام والانبطاح للعدو “الإسرائيلي” .. !!
حيث وصف احدهم فوز حماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية بالنكبة الكبرى.! وشبهها بنكبتي فلسطين في العامين 1948م و1967م .؟!
و وصل الأمر إلى المسارعة ــ حتى قبل إعلان النتائج الرسمية ــ إلى إعلان مقاطعة الحكومة الفلسطينية، ومنهم من اعتبر الالتحاق بالحكومة ” عارًا ” يلاحق أي ” فتحاوي “، ومنهم من هدد بقتل كل من يحاول كسر احتكار فتح لأجهزة الدولة .!
في اليوم التالي لفوز حماس صرح احد رجال السلطة بان القيادة والسلطة عملت كل ما بوسعها ، ولكن الشعب لم يقنع بما قسمه الله له، ولهذا إن طالبنا بالتغيير فيجب ان نغير الشعب .. !!
بل وصلت الوقاحة بأحدهم إلى اتهام شعبه بـ ” العلمانية ” متنبئـًا بسقوط الحركة على يد هذا الشعب العلماني بعد أشهر قليلة ، وعودة حركة فتح إلى السلطة من خلال تلغيم الطريق أمام حماس لإفشال مهمتها ، ومن ثم دفع محمود عباس إلى الدعوة لإجراء انتخابات جديدة بدعوى أن حماس لم تتمكن من النهوض بمسؤوليات الحكم التي أنيطت بها .. !!
وليت الأمر توقف عند هذا الحد ، بل ظهر تيار في حركة فتح تحت مسميات ” فرقة الموت ” ، و ” فرقة جهنم ” من أجل إسقاط الحكومة الفلسطينية بالسلاح بعد أن فشل مخططهم بإسقاطها بالحصار المالي والإقتصادي والمظاهرات و المسيرات المسلحة المخطط لها في الأقبية السرية للأجهزة الأمنية .. !!
نستطيع أن نكتب مجلدات عن ممارسات الأجهزة الأمنية لإسقاط حركة حماس ، و حالة الفلتان الأمني و الفوضى الأمنية المنظمة التي اجتهد القائمون عليها من مسؤولي الأجهزة الأمنية و التابعين لهم أن يجعلوا من قطاع غزة ساحة حرب مفتوحة للقتل اليومي .. !!
من هنا يجب ان يكون البند الاول في الحوار الوطني بين الفصائل والسلطة هو مراجعة الاسباب الحقيقية التي ادت الى الانقسام ، و الحذر من ان نخيط جراحنا قبل تنظيفها من الداخل حتى لا تكون الاربعة عشر سنة الماضية عبارة عن استراحة محارب .. !!