عبد الستار قاسم … في اليوم الأول لعمر الرحيل – عادل سمارة
رحيل المناضل الفلسطيني عبدالستّار قاسم:
عادل سمارة
(1)
د. عبد الستار قاسم ارتحل هكذا باكرا. لا يسد مكان احد احدا وخاصة انت ابا محمد. ولكن كما قال جدنا المتنبي:
نعد المشرفية والعوالي… وتقتلنا المنون بلا قتال
ونرتبط السوابق مسرجات… وما ينجين من خبب الليالي.
عشت للبلاد ورحلت من سطح الأرض إلى رحمها. هي لنا وستبقى لنا. طوبى لك وتعازيناللسيدة ام محمد وانجالك وأهلك.
ملاحظة: الصورة الأولى للراحل د. عبد الستار قاسم في إحدى جلسات محاكمته في نابلس، وفي الصورة الثانية الرفاق إحسان سالم ابو عرب، ود. أبو شداد يوسف عبد الحق والرفيق محمود فنون وعادل سماره في تضامن مع الراحل د. عبد الستار.
(2)
عبد الستار قاسم … في اليوم الأول لعمر الرحيل
عادل سمارة
كان يومه الأخير، وكان بين من أحبوه أهلاً ونضالا وعلماً إلى أن ووريَ الثرى لتغيبه الأرض كما يقول الفلاح الفلسطيني ” طوته الخرساء” لكن حضوره لا يُطوى.
لا أزيد على ما هو حقيقي وقيل بأن عبد الستار كان وطنيا ومناضلا وأكاديميا. لكنني سوف أذكر أموراً أو جانباً آخر من شخصية عبد الستار قاسم.
أمر هام أن يعرف من يناضلوا بأن عبد الستار قاسم تشتغل معه ويشتغل معك حتى وقت اختلافكما وهذا نادر الحصول في السياسة ولكنه شديد الحضور في العمل الوطني الطيب والإيثاري.
ذكر الكثيرون منا “بيان العشرين” ولكنني أُضيف أن فكرة البيان كانت من عبد الستار حيث تحدث معي واتفقنا على النص مع باقي الرفاق. إثر ذلك كانت الناس تأخذ النص وتطبع منه كميات وتوزعها. وحينها تم اعتقال بعضنا في سجن المخابرات والبعض في سجن نابلس والبعض أطلقت عليه النار.
في السجن تعرفُ الشخص رجل أو إمرأة من أمرين:
• الصلابة في التحقيق وخاصة حماية الآخرين الذين لم يُعرفوا
• والحياة في السجن حيث يكون المرء بلا رتوش ولا تمويه، واضح ومفرود تماما. هناك كان عبد الستار بسيطا باشِّاً مُريحاً إلى درجة تشعر معها أنكما لستما رهن الاعتقال. هذا الجانب تحديداً في تجربة السجن شديد الأهمية منه تعرف أنت مع من وتعرف من الذي سيواصل ومن الذي تعب أو سيتعب. بل حتى من سيندم.
كان عبد الستار جريئاً في الأكاديميا ولا أحصر الأمر هنا في علاقته وما أثرى الطلبة به ، بل هو وحده من بين جميع الأكاديميين في جامعات الأرض المحتلة الذي كان يُصرُّ على دعوتي كممتحن خارجي لطلبته رغم أن عليَّ الحظر في التدريس في الجامعات. الاستشناء الوحيد الآخر كان د. رياض موسى في جامعة بيرزيت.
حينما بدأت محاكمتي في مواجهة التطبيع كان عبد الستار أول من كتب عن المحاكمة تلك : )إستدعاء المناضل الفلسطيني المخضرم عادل سمارة للمباحث الجنائية الفلسطينية 29 حزيران 2016)
وعبد الستار ضمن مجموعة الرفاق الذي تضامنوا دوما معي محمود فنون، إحسان سالم، كامل جبيل، د. حسن خريشة، د. سوسن مروة، د. ديمه أمين، جواد ابراهيم، د. إبراهيم لدعة د. عبد العزيز بني عوده، إبراهيم الطرشة. طبعا المحاميان مهند كرجه وظافر صعايدة.
هذه الكوكبة من الشرفاء كانت ايضا تتضامن مع عبد الستار اثناء محاكمته.
أذكر هذه الواقعة لأن كثيرا من قيادات الفصائل كانت ضد التضامن معنا، لأنها كانت ترى مواقفنا نقدا لها حتى لو لم نذكرها. وجذر كل هذا هو انتقال كثيرين من مشروع التحرير إلى مشروع الاستدوال.
حينما حصلت الأزمة المالية الاقتصادية في المركز الإمبريالي 2008 كتب عبد الستار بحثاً وجرى ترتيب تقديمه كمحاضرة عامة في جامعة القدس ودعاني لأكون أحد ثلاثة (د) لمناقشة الورقة.
قدَم وأدار النقاش د. سري نسيبة. وبعد النقاش جاء عبد الستار وقال لي:
سري يعرض عليك ان تختار اية دائرة لتشتغل فيها فورا.
قلت له: هل تعتقد أن من حق أحد منعي من التدريس ثم العفو عني بعد عقود، واين؟ في جامعة لا يخفي رئيسها أنه مع التطبيع.
ضحك وقال : راسك قاسي.
ليس الأمر هكذا يا صديقي، الأمر هو البلاد أولاً وأخيرا.
https://kanaanonline.org
■ ■ ■
.