مخيم عين الحلوة تحت رحمة كورونا – نضال حمد
قبل يومين حصلت ملاسنات فيسبوكية بين بعض أعضاء مجموعة ذاكرة أهل الصفصاف، التي أسستها قبل سنوات وأديرها بنفسي على موقع فيسبوك، وهي بالمناسبة مجموعة تهتم بأخبار الصفصاف وكل فلسطين ومخيماتها في الداخل والخارج، وبكل الفلسطينيين أينما كانوا في هذا العالم. سبب المواجهة التي حصلت أن أحد الأعضاء المحترمين في المجموعة اعترض على نشر شريط فيديو يقدم أعمالاً خيرية وخدماتية غير ربحية، قامت بها مؤسسة أبناء الخيمات الفلسطينية في لبنان ومقرها الرئيسي في العاصمة الألمانية برلين. وادعى الأح المعترض أن اوضاع المخيم مستقرة وأن فيه عدد كافي من اسطوانات الغاز والخ… كنت أنا نفسي من نقل الفيديو وأعاد نشره في المجموعة. كما جاء في التعليق الناقد والمعارض أنه لا خدمات تقدم والخ ولكن بعد أن تم الرد على التعليق من قبل عدد من الأعضا في المجموعة، كذلك من قبل مدير ورئيس المؤسسة في لبنان. وتقديم دلائل على تقديم المؤسسة للمساعدات، عادت الأمور الى سابق عهدها وتحادث المختلفون واتفقوا على ضرورة تعزيز صمود الناس وتكثيف المساعدات لأهل المخيمات… وهذه تعتبر حسنة حسنات المجموعات في فيسبوك.
اليوم قرأت تقريرا في وسائل الاعلام اللبنانية وفي مواقع فلسطينية في لبنان يتحدث عن انتشار وتفشي كبير لكورونا في مخيم عين الحلوة. فقد شهد المخيم الأكبر في لبنان يوم أمس فقط سبع جنازات لأشخاص من المخيم توفيوا بسبب اصاباتهم بفيروس كورنا – كوفيد19. للعلم فإن أعمار المتوفين من 24 سنة وما فوق. لقد شملت الوفيات السكان من الجنسين.
هذا الواقع المستحدث والمستجد مع أنه قديم وكان يجب على المسؤولين عن المخيم تداركه مسبقاً، فرض اغلاقا لمساجد المخيم، حيث لم تقام فيها صلاة الجمعة كما في كل اسبوع. وكان من الأجدر أن يتواصل اغلاق المساجد بشكل كامل وحتى اشعار آخر. فالصلوات في المساجد في مثل هذه الأزمات والأوقات مردودها عكسي وسلبي على الناس والمصلين وعائلاتهم.
على كل حال في المخيم هناك التزام من سكانه بعدم مغادرته منذ أعلنت الدولة اللبنانية حالة الطوارئ في كل لبنان. لكن المشكلة الأكبر بالنسبة للمخيم المعزول أصلاً ومنذ سنوات عن جواره اللبناني، حيث يحيط به جدار عازل شبيه بالجدار الصهيوني في الضفة الغربية المحتلة. أن كثيرين من سكان المخيم لا يلتزمون بسياسة التباعد والحجر في البيوت. وهذا بحد ذاته انتحار جماعي لمن يريد أن ينتحر ولمن لا يريد الانتحار.
من المعروف أن المخيمات الفلسطينية تشبه علب السردين أو أقفاص الدجاج حيث الاكتظاظ الكبير بين سكانها. مما يعتبر مكانا مناسبا لتفشي الفيروس بسرعة وبقوة. للأسف أخذت مؤخرا وفي الأيام القليلة الماضية تظهر نتائج سوء التقدير وعدم الالتزام بالحجر والتباعد من خلال تفشي الفيروس وانتقال العدوى بين الناس، وتزايد أعداد المصابين بشكل مقلق، وارتفاع أعداد المتوفين بغض النظر عن أعمارهم.
إن الفقر المزمن والحالة الاقتصادية الصعبة والسيئة لأهالي المخيمات الفلسطينية في لبنان، وتراجع مساعدات الجهات الفلسطينية الرسمية والفصائلية، وتدهور وضع الانروا ومحاولات اغلاقها من قبل الصهاينة والأمريكان والرجعيات العربية، كل هذه الأمور تجعل من المستحيل عليهم ايجاد مشافي مجهزة ومعدة لمرضى كورونا تستقبلهم وتعالجهم علاجاً مناسباً. عداك عن أن مثل تلك المشافي في لبنان غير متوفرة بكثرة وسمعت أنها مليئة بالنزلاء المكورنين.
هناك كثير من المرضى والمصابين بكورونا في المخيم لم يعلن عن اصاباتهم نتيجة عدم توفر المال لدى العائلات لاجراء فحوصات لجميع أفراد العائلة، فيتم اجراء الفحص على شخص واحد من العائلة. ونتيجة فحصه تنطبق على كل العائلة سواء كانت ايجابية او سلبية. كما أصبح من المألوف في المخيم وجود حالات كثيرة تتلقى العلاج في البيوت داخل المخيم. لكن هؤلاء يحتاجون لاسطوانات وماكينات غاز وهي غير متوفرة بكثرة في المخيم. لكن تحاول تأمينها جمعيات عديدة منها مؤسسة أبناء المخيمات الفلسطينية في لبنان.
قبل قليل قرأت تقريرا في موقع النشرة اللبناني جاء فيه اعلان رئيس لجنة تجار سوق الخضار في مخيم عين الحلوة سامي عبد الوهاب عن:
((أننا وقعنا في المحظور، والتفشي كبير حتى بين الاحياء، ونعمل على توعية الناس وارشادهم لاتباع اجراءات الوقاية”، وناشدت القوة المشتركة الفلسطينية الالتزام بضوابط الحماية وحظر التجمعات في المناسبات الاجتماعية من أفراح واحزان وحظر ارتياد الملاعب الرياضية ومحلات الالعاب والتسلية وخاصة الاطفال تحت طائلة المساءلة والحد من الاختلاط العشوائي بالاسواق وارتداء الكمامة.
بالمقابل، حمل عضو اللجنة الشعبية الفلسطينية في المخيم عدنان الرفاعي، المسؤولية كاملة لوكالة الاونروا، معتبرا ان الامور قد تخرج عن السيطرة ما يتطلب اعلان حالة طوارىء صحية تحاكي احتياجات المرضى والمحجورين في منازلهم وتقديم مساعدات اغثاية ومالية عاجلة وقبل فوات الاوان.
وحذر الناشط ابراهيم ميعاري “ابو الحن” من خطورة مستنقع الوباء والجوع وسياسة الأمر الواقع معا في المخيم بعد افلاس وكالة الاونروا وفشلها بمواكبة هذا الامر واعلان حالة طوارئ صحية واغاثية برغم ان المخيمات اصبحت تعاني الفقر الشديد)).
المخيم مسؤولية جماعية وأمانة مقدسة يجب المحافظة عليها وحماية وصيانة سكانه من الأعداء وأولهم الآن العدو الاستراتيجي والرئيسي فيروس كورونا. كما يجب على السكان مساعدة أنفسهم للحفاظ على أنفسهم ومخيمهم عبر الالتزام بارشادات السلامة والوقاية وسياسة الحجر والتباعد.
نضال حمد
5 شباط 2021