الشهيد محمود السمودي “بلال الأوسط”
في شهر حزيران من كل عام نستذكر الشهداء الأبرار الذين ضحوا بدمائهم الزكية الطاهرة ليعبدوا لنا الطريق إلى فلسطين، هؤلاء القادة الشهداء نجدد لهم العهد والقسم أن نستمر فيما مضوا إليه وسقطوا من أجله .
هذا الشهر الذي يحمل الكثير من البطولة للشهداء المجهولين والذين لم يذكرهم التاريخ الفلسطيني عبر هذه المرحلة الطويلة من النضال، إنهم الرجال الذين سطروا أروع ملاحم البطولة والفداء في هذا الزمن الصعب الذي تآمر علينا الجميع.
نستذكر في هذا اليوم قائد عسكري عزيز علينا برغم المسافة ما بين الاستشهاد والذكرى، فأن حضوره لم يغب عنا، فهو حاضر في كل محطة نضالية تاريخية بيننا ومسكون فينا أنه الشهيد المقدم/ محمود شريف طاهر الحسن السمودي (بلال) قائد القطاع الأوسط في حركة فتح والذي استشهد أثناء الاجتياح الإسرائيلي للأراضي اللبنانية عام 1982م .
نتذكر الأبطال ونحن نمر في منعطف خطير هؤلاء الشهداء الذين دافعوا عن الشعب والقضية ورووا بدمائهم الزكية جبال وسهول جنوب لبنان رغم أن القليل الذي يعرف عنهم ومنهم شهيدنا البطل بلال الأوسط
الشهيد بلال من مواليد قرية اليامون، 1944م حصل على الثانوية العامة سنة 1963م وسافر إلى الجزائر ليعمل فيها مدرساً أثناء فترة التعريب بعد نيلها للاستقلال، انخرط شهيدنا في حركة فتح عام 1965م على يد القائد الشهيد/ أبو جهاد وما هي إلا سنوات قليلة حتى غادر الجزائر متفرغاً للعمل العسكري في الحركة.
يقول الأخ/ إبراهيم أبو النجا أنه وفي بداية عام 1968م زارنا في الجزائر القائد الشهيد/ ابو علي إياد وطلب مني ترشيح عدد من أبناء التنظيم ليتلقوا تدريباً خاصاً على الأسلحة، وبالفعل اخترت له مجموعة كان على رأسها الأخ/ محمود شريف طاهر والذي أصبح لاحقاً يلقب (ببلال الأوسط) والذي أبلى بلاءً حسناً في مواجهة الاجتياح الاسرائيلي للبنان في حزيران عام 1982م
سافر شهيدنا البطل إلى القاهرة عام 1968م حيث اجتاز دورة هناك وعاد بعدها إلى معسكرات الثورة في لبنان، حيث عين قائد وحدة في منطقة كفر شوبا.
في العام 1971م عين نائباً للقطاع الأوسط وفي عام 1972م أرسل إلى مخيم تل الزعتر الفلسطيني على إثر مشاكل التنظيم هناك وذلك لترتيب الوضع الداخلي للمخيم حين عين مسئولاً عسكرياً لمدة ثلاثة أشهر بعد ذلك عين قائداً للقطاع الأوسط خلفاً للأخ الشهيد / جواد أبو الشعر الذي نقل إلى قوات المليشيا.
في عام 1973م اشتركت كتيبته في الدوريات المشتركة على الحدود الشمالية وأشرف على اطلاق الصواريخ من عدة بلدات محاذية للحدود في جنوب لبنان
شارك شهيدنا البطل مع كتيبته في المعارك التي حصلت مع القوات السورية في منطقة جزين وكان قائد معركة العيشية ضد قوات الكتائب وخلالها أصيب في يده وتم تحرير البلدة حيث كانت تشكل عائقاً أمام سير القوات وذلك عام 1976م
انتقلت قواته إلى منطقة بنت جبيل لمواجهة قوات الكتائب هناك وكان الشهيد بلال قائداً لتلك القوات المشتركة.
في عام 1977م نقلت كتيبته إلى منطقة الزهراني لإعادة التدريب . على إثر العملية البطولية عملية الشهيد كمال عدوان ( مجموعة دير ياسين ) والتي قادتها الشهيدة/ دلال المغربي في مارس 1978م حيث حصل الاجتياح الإسرائيلي كان الشهيد بلال يقاتل خلف خطوط العدو حيث عاد بعد انسحاب القوات “الإسرائيلية” واعتبر في ذلك التاريخ كمفقود.
أرسل الشهيد بلال إلى الباكستان حيث حضر دورة أركان حرب عالي 1979، 1980م
تزوج الشهيد عام 1979م ورزق بولد وبنت
حين حصل الاجتياح “الاسرائيلي” إلى لبنان حزيران عام 1982م رفض الهزيمة وأصر على المقاومة ، وبعد معارك ضارية في عدة مناطق وخاصة البرج الشمالي ثم أسر نقيب “إسرائيلي” في تلك المعركة، ونتيجة صعوبة الأوضاع انسحبت القوات ومعها الأسير، أما الشهيد بلال فلم ينسحب وبقي في المنطقة مع مجموعة من المقاتلين.
تفيد المعلومات أنه استشهد في سفوح بلدة الزرارية المشرفة على نهر الليطاني من اثنين من مرافقيه خلال اشتباك مع قوة “اسرائيلية” حيث نال شرف الشهادة في الجنوب اللبناني بعد أن سرت شائعات مفادها أنه تم أسره وذلك لاختفائه خلف خطوط العدو لفترة من الزمن.
لقد كان شهيدنا البطل رمز التضحية والتفاني، فنال محبة كل من عرفوه أو عملوا تحت إمرته وكان في صباه وفي المدرسة مثال الأخلاق والأدب.
شهيدنا بلال الأوسط، لقد كنت فلسطينياً بامتياز ، شديد النزعة لقضيتك لا تجامل مهما اقتضى الموقف، لأن الأولوية كانت عندك هي لفلسطين، وفتحويتك كانت تضرب بها الأمثال ووفاءك وصدقك وإخلاصك في العمل محل تقدير وإعجاب قادتك وجميع زملاءك ومرؤوسيك.
كم نحن محتاجون للرجال الصادقين أمثالك يا شهيدنا البطل في هذا الزمن الذي نقف فيه على أرض الوطن وبالقرب من قدسنا الغالية.
فأنت معنا وتعيش في وجداننا، ولن ننساك ولن ننسى تضحياتك فأهنأ في جنات النعيم.
كان شهيدنا بلال الأوسط محبوباً من قبل جماهيرنا الفلسطينية واللبنانية، كان متواضعاً جداً الكل يعرفه في الجنوب اللبناني وقرى الجنوب في منطقة الأوسط الغربي تعرفه جيداً من برج الشمالي حتى بنت جبيل مروراً بجوية ومحرونة وقانا الجليل حتى الحدود اللبنانية الفلسطينية.
وتكريماً لشهيدنا البطل فقد قام أهالي قرية اليامون ببناء مدرسة أطلق عليها اسم الشهيد (بلال الأوسط) .
لك الوفاء ولك القسم حيث أننا بحاجة ماسة للرجال أمثالك في هذه المرحلة رغم المرارة التي تعتصر قلوبنا بفقدانك حيث لم يتذكرك إلا قلة من الأوفياء .
رحمك الله يا شهيدنا البطل وأسكنك فسيح جناته، وإننا على العهد لباقون، وعهد كل الشهداء، رحمك الله يا بلال الأوسط يا شهيد فلسطين.
وسلام على روحك الطاهرة
*
من كتاب آه يا بيروت لرشاد ابوشاور – يوميات الغزو والحصار. فقرة عن الشهيد العقيد الركن بلال