مدارسهم بيوتهم – نضال حمد
عندما أشاهد صور العائلات الغزاوية الفلسطينية الفارة من الموت وآلة الدمار والقتل الصهيونية، أتذكر طفولة جيلي في المخيمات حيث كانت عائلاتنا حين يتعرض المخيم للغارات والقصف، أيضا تغادر المنازل في المخيمات الفلسطينية بلبنان نحو الملاجئ والمدارس والأماكن التي كانت تعتقد بأنها آمنة. ففي ذلك الوقت كما في هذا الوقت لا أمكنة آمنة للفلسطيني لأن الصهاينة يتعمدون قتل المدنيين الفلسطينين وتدمير منازلهم على رؤوسهم. فيستهدفون الأطفال والمدارس والملاعب والبيوت والبنايات. كما يقصفون بوحشية الأندية والحدائق والمسابح والعيادات الطبية والمستشفيات، يدمرون المؤسسات التجارية والصحية والثقافية ودورالأيتام ودور العبادة مساجد وكنائس.
العائلات والأطفال الذين شردتهم القنابل والغارات الصهيونية من منازلهم في غزة بعدما قصفتها ودمرتها، فلجأوا الى المدارس، حيث يعشيون كل مجموعة من بضع عائلات في صف واحد. هناك آلاف العائلات أصبحت لاجئة من منازلها الى المدارس، حيث هناك وجود لحوالي ٦٠ ألف غزاوي في أكثر من ٥٠ مدرسة. وهذا يعني أن هؤلاء سوف يقيمون في المدارس حتى تتم إعادة بناء منازلهم. وهذا أمر قد يطول في ظل حالة الحصار التي تعيشها غزة، ولا أظن أن شيئاً سوف يتبدل بعد هذه المعركة، فحصار غزة من قبل الاحتلال “الاسرائيلي” ونظام الجنرال السيسي في مصر سوف يستمر بلا تغيير وربما يزداد حدة لإجبار المقاومة الفلسطينية على تقديم تنازلات. على كل حال حصار غزة منذ 2007 جاء بطلب من محمود عباس وسلطته. والنظام المصري متمسك به أكثر من الكيان الصهيوني. وهو يتعامل مع غزة والفلسطينيين بشكل عام عبر جهاز مخابراته والفصائل الفلسطينية كلها صامتة وراضية وبالعة الموس كما يقولون. مع أن في تولي المخابرات المصرية لهذا الملف إهانة للفلسطينيين كلهم.
يجب ان نتذكر أن هناك منازل كثيرة دمرها العدوان الصهيونية قبل سبع سنوات في عدوان ٢٠١٤ لغاية اليوم لازالت مهدمة وبلا إعمار بسبب منع “اسرائيل” وكذلك النظام المصري دخول مواد البناء. فهم يريدون بالحصار تركيع الفلسطينيين وفرض شروطهم عليهم وهي شروط وإملاءات أمريكا والكيان الصهيوني لفرض الاستسلام على الطرف الفلسطيني في غزة. فمن خلال الحصار يريدون تركيع الفلسطينيين وفرض شروط الاستسلام عليهم، كما فعلوا مع قيادة منظمة التحرير الفلسطينية عام 1993 في أوسلو. سوف يتم طرح هذه الشروط من قبل الولايات المتحدة و”إسرائيل” عبر وسطاء عرب مثل مصر وقطر لمحاولة إجبار الفلسطينيين على القبول بما رفضوا قبوله تحت النار والقصف والدمار؟.
منذ عشرات السنين كنا أطفالًا عندما لجأت عائلاتنا هرباً من الغارات الصهيونية إلى المدرسة، هرباً من الصواريخ والقنابل والغارات الجوية الصهيونية. الآن ونحن رجالاً نرى نفس المصير يلقاه بأطفالنا في غزة. مما يعني أن العالم لا يزال كما كان عندما كُنا لم نزل أطفالًا في المخيمات. العالم لم يتغير ونحن لن نتغير ولن نبدل طريق النضال والتحرير والعودة مهما بلغت التضحيات ومهما إشتدت المؤامرات.
23-5-2021