نهائي دوري الأبطال.. صراع “المطبعين” ودرع “إسرائيل”! – حسن عطية
نهائي دوري الأبطال.. صراع “المطبعين” ودرع “إسرائيل”!
مانشستر سيتي وتشيلسي يلتقيان في نهائي دوري أبطال أوروبا. مُلاك الناديين أصدقاء لـ”إسرائيل”، وليس لديهم مشاكل معها، فمنصور بن زايد ورومان أبراموفيتش يحبان كيان الاحتلال “الإسرائيلي” ويدعمانه، كلٌّ بطريقته.
الرياضة ميدان واسع ومتنوع، فهي المسرح الَّذي يمكن أن توجه من خلاله رسائل سياسية واجتماعية، وتعمل على بناء سلم قيمي لدى المتابعين. ومن خلاله، يمكنك أن تعترف بالحق الفلسطيني، برفع علم البلد العربي المحتل، ويمكنك أيضاً أن تعترف بـ”إسرائيل”، وتحاول أن تمنحها الحق في الأرض المغتصبة، وتدعو إلى السلام معها.
في أروقة أندية كرة القدم، يمكنك أن تبحث، وستجد الكثير من قصص التطبيع والدعم “للإسرائيليين”. وكلما تعاظمت قيمة فريقك وتقدَّم في المنافسات، أصبح صوتك أعلى لإيصال رسالتك، داخل الملعب، وفي وسائل التواصل الاجتماعي، وفي وسائل الإعلام أيضاً.
في نهائي دوري أبطال أوروبا، سيلتقي مانشستر سيتي وتشيلسي، اللذان يعد ملاكهما من محبّي “إسرائيل”، ففريق مدينة مانشستر مملوك من الإماراتي منصور بن زايد آل نهيان، وهو نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة، ولا يخفى عن أحد أن الإمارات لم تتردّد في التطبيع. أما تشيلسي، فمالكه رومان أبراموفيتش الَّذي يدعم الرياضة “الإسرائيلية” و”دولتها” بشكل علنيّ، ويقيم فريقه حملات دعم “للإسرائيليين”، ويطالب بحقّ الّذين قضوا في ما يُسمى “الهولوكوست”.
عقود مع “الإسرائيليين” تحت الطاولة
في صيف العام 2020، وقّعت الإمارات و”إسرائيل” ما سمي بـ”اتفاقية السلام”، إلى جانب البحرين، ولكن قبل هذه الاتفاقية، ارتبط الطرفان بعلاقات تجارية تحت الطاولة. وفي ما يخصّ مالك مانشستر سيتي منصور بن زايد، فقد وقّع عقد رعاية مع شركة “Wix” في العام 2016، لتصميم المواقع الإلكترونية. وكان أحد شروط بند عقد الرعاية، ظهور علامتها التجارية في استاد الاتحاد خلال جميع مباريات الدوري الإنكليزي الممتاز والكأس المحلية.
إعلان الشركة يظهر في الكثير من الأحيان في “يوتيوب”، ولكنَّ نسبة كبيرة من المتابعين لا تعرف أن مقر هذه الشركة يقع في “تل أبيب”، وأنَّ معظم خبراء “الويب” العاملين فيها “إسرائيليون”.
العقد لم يقتصر على مانشستر سيتي، بل امتدّ إلى شبكة الأندية التي يملكها ابن زايد، إذ قامت الشركة أيضاً بتطوير موقعي فريقي نيويورك سيتي وملبورن سيتي.
وللاحتفال بالشراكة، صورت الشركتان (Football Group CFG وWix) مقطع فيديو يقوم فيه لاعبو الفريق الأول للسيتي رحيم ستيرلينغ وبابلو زاباليتا (لاعب سابق) وفرناندينيو ونيكولاس أوتاميندي (لاعب سابق) بإنشاء موقع، بينما يعلق خبير كرة القدم كريس كامارا على ما يحدث.
رئيس التسويق في الشركة الإسرائيلية، عمر شاي، قال حينها: “الشراكة مع CFG هي شراكة طبيعية، إذ تشترك علامتنا التجارية في القيم والرؤية، ونحن على ثقة بأنها ستعزز علامة Wix التجارية بين قواعد المعجبين الهائلة للأندية الثلاثة”.
وإذا توقّفنا عند كلمتي “القيم والرؤية”، يمكننا القول إن منصور بن زايد لم يكن منذ ذلك الحين يبالي بفلسطين وقضيتها، والتعاون التجاري كان أمراً طبيعياً، بتطبيع أو من دونه، ولكنّ المفارقة في فريق مانشستر سيتي هي جُرأة رياض محرز الَّذي حمل علم فلسطين في يوم التتويج بلقب الدوري الإنكليزي الممتاز، ولم يتردّد في التغريد في “تويتر” لإظهار التضامن مع فلسطين والقدس وحي الشيخ جراح.
محرز لم يبالِ بالتطبيع الإماراتي، وكان واضحاً في موقفه الداعم للقضيّة من دون الغوص في خلفيات الأمر وارتداداته عليه، وهو يملك فرصة، في حال تتويج مانشستر سيتي، ليرفع علم فلسطين مجدّداً في البرتغال، وعلى مرأى الجماهير التي ستحضر في مدرجات ملعب “الدراغاو”، الذي يحتضن نهائي دوري أبطال أوروبا.
أبراموفيتش “إسرائيلي الهوى”
لا يخفي رئيس تشيلسي مشاعره تجاه “إسرائيل”، وهو يستغلّ ناديه لإظهار هذه المشاعر، ويستغلّ مساحاته الإعلامية وقدراته على الوصول إلى الجماهير، لتوجيه “رسائل محبة وتعاطف إلى (الإسرائيليين)”.
في العام 2008، عيّن تشيلسي مدرّباً “إسرائيلياً”، هو أفرام غرانت. هذه الخطوة عادية بالنسبة إلى أبراموفيتش، الذي يدعم الكيان مادياً ومعنوياً، إذ تبرعت الشركات التي يسيطر عليها بعشرات الملايين من الجنيهات الإسترلينية لمجموعات استيطانية “إسرائيلية” تسعى لتهجير عائلات فلسطينية من القدس.
كما تبرع الملياردير الروسي، الذي حصل على الجنسية “الإسرائيلية” في العام 2018، بمبالغ ضخمة لمشاريع البحث والتطوير والاستثمار في الشركات المحلية “الإسرائيلية”.
وقد ساهمت 4 شركات يمتلكها في جزر فيرجن البريطانية بأكثر من 100 مليون دولار (74 مليون جنيه إسترليني) لمجموعة “إلعاد”، وهي مجموعة تدعم المستوطنات في بلدة سلوان الفلسطينية في القدس الشرقية المحتلة، بحسب ما نقلته صحيفة “غارديان” عن شبكة “بي بي سي”. ويعدّ أبراموفيتش، بحسب الصحيفة، أكبر متبرع منفرد لـ”إيلاد” (كلمة عبرية تعني “الإيمان الأبدي بالله”) على مدار الأعوام الـ15 الماضية.
وسعت هذه الجماعة، التي تتلقى أيضاً دعماً من الحكومة “الإسرائيلية”، لتعزيز الوجود اليهودي في بلدة سلوان على حساب سكّانها الفلسطينيين. ولم يكتفِ أبراموفيتش بالدعم المادي، بل كان حاضراً “كإسرائيلي”، ليقدم الدعم المعنوي في الفترة التي سطَّرت فيها غزة انتصاراً على العدوان “الإسرائيلي” في أيار/مايو الحالي، وأطلق نداءً ضد “معاداة السامية”.
وقد نشر تشيلسي في 22 أيار/مايو الحالي تغريدة كتب فيها: “يقف نادي تشيلسي إلى جانب الجالية اليهودية في المملكة المتحدة، والجاليات اليهودية في جميع أنحاء العالم، في مواجهة تصاعد معاداة السامية”، مضيفاً: “الكراهية والترهيب تجاه المجتمع اليهودي غير مقبولين، ويجب أن يتوقفا”.
سيبحث مانشستر سيتي عن لقبه الأول في دوري أبطال أوروبا، وسيحاول تشيلسي تحقيق لقبه الثاني في بطولة “أم الأذنين”. داخل الملعب، سيتصارع الفريقان على التتويج. وخارج الملعب، ستكون الضحكة حاضرة على وجه ملاك الناديين؛ ضحكة في البرتغال وضحكة دائمة على وجه “الإسرائيليين”. منصور مع “التطبيع”، ورومان “درع” يدافع عن “إسرائيل”.