من صحافة العدو: هآرتس / مانديلا وتريزا وسو تشي و … بيرس / بقلم: جدعون ليفي
من صحافة العدو: هآرتس / مانديلا وتريزا وسو تشي و … بيرس / بقلم: جدعون ليفي
أُضيفت الى خزانة ميداليات رئيس الدولة شمعون بيرس الشديدة الامتلاء، في الاسبوع الماضي ميدالية اخرى هي الميدالية الذهبية من مجلس النواب الامريكي. إن الصدر لينشرح فخرا حينما يحظى الرئيس بهذا التكريم والتعظيم، وسارع هو نفسه الى قول إن ذلك “يحرجه”. لكن يغلب على الظن أن يتغلب بيرس بسهولة على حرجه – أما نحن فان هذه الميدالية أقل احراجا لنا.
إن الميدالية الذهبية من مجلس النواب مع ميدالية الحرية الرئاسية التي حظي بها بيرس من قبل، وهو الشخص الذي فر طول حياته من التكريم، هي أعظم وسام امريكي. فهي جائزة لبيرس، وما الجديد في ذلك. لكن النظر في قائمة الفائزين بالميداليات في الماضي والاعلان الذي نشر في وسائل الاعلام الاسرائيلية وقال إن بيرس واحد من الافراد غير الامريكيين الذين فازوا بالوسام – مع نلسون مانديلا والأم تيريزا وأونغ سو تشي – يسبب شعورا خفيفا بعدم الارتياح. إن الفائزين بالميداليات الذهبية في الحقيقة كانت الاكثرية الغالبة منهم من الامريكيين منذ منحت الميدالية أول مرة لجورج واشنطن في 25 آذار 1776. وحظي بها من قبل اسرائيليان وهما افيطال ونتان شيرانسكي. والذي يميز كل الاجانب الذين فازوا بالوسام هم أنهم كانوا محاربي حرية وعدالة دفعوا ثمنا شخصيا باهظا عن نضالهم. فقد مكث مانديلا 27 سنة في السجن الى أن انشأ نظام عدل وانشأ لجان حقيقة ومصالحة في بلاده. ومثله ايضا سو تشي، وهي زعيمة المعارضة في ميانمار التي كانت معتقلة سنين بسبب نضالها الشجاع للاستبداد في بلادها؛ والراهبة الالبانية تريزا التي حكمت على نفسها بحياة رهبة في الهند وهي تساعد عشرات آلاف البائسين.
ويضاف بيرس اليهم الآن. إن مانديلا قد يتقلب حرجا في قبره وقد تفعل ذلك تريزا ايضا. أوشمعون بيرس ونضال من اجل الحرية؟ أوبيرس وكفاح من اجل العدالة؟ أوبيرس وتضحية شخصية باهظة بسبب نضاله؟ أوبيرس والنضال؟ قد بالغتم هذه المرة أيها النواب الامريكيون الأجلاء، بالغتم جدا. صحيح أنه يُقال إن بيرس أُعطي الجائزة لاغضاب بنيامين نتنياهو، وصحيح كما يقولون أن الجائزة التي أُعطيت لبيرس خصصت لاسرائيل كلها، لكن علامَ ولمَ؟
لا يوجد اسرائيلي واحد ولا سيما بين الأحياء مذنب ذنبه بمشروع الاستيطان وتأبيد الاحتلال؛ فبيرس واحد من الآباء المؤسسين لهما. ولا يوجد من هو مسؤول مثله عن جعل اسرائيل دولة منبوذة. صحيح أن بيرس كان القناع وكان التضليل وكان الحلوى الوطنية. وباعتباره كان حبيب الشعب في السنوات الاخيرة أصبح من المقبول الآن أن يتوج باعتباره وجه الدولة الجميل – لكن ما الذي يختفي وراء ذلك؟ إنه نفس الاحتلال ونفس السلب ونفس الرفض. فلولا سياسة الاحتلال التي كان واحدا من منشئيها الرئيسين لما احتيج الى كلامه المؤثر الأجوف عن السلام والى حملات دعايته الممتازة في خارج البلاد حيث يحبون بيرس وينتقدون اسرائيل.
إن سنوات رئاسته السبع التي تنتهي الآن مرت على اسرائيل (وعليه) مرورا لذيذا، فقد كان رمز السلام والاعتدال وكان الشرطي الصالح في مواجهة الشرطي الطالح نتنياهو. لكن بيرس في رئاسته ايضا لم يعرض مكانته للخطر كي يسعى الى السلام وكي يضعضع مكانة الشرطي الطالح نتنياهو. وقد كان يوبيل سنواته بصفة عضو كنيست ووزير في حكومات اسرائيل وسنوات نشاطه العام السبعون – وهي رقم قياسي في كل الازمان، وسنوات رئاسته السبع – كانت سلاما في سلام مع عدم وجود سلام بل مع استمرار الاحتلال. ولا يمكن أن نشكو حال اسرائيل وأن نعفي من المسؤولية من كان في مركز قراراتها الحاسمة هذا العدد الكثير من السنين. ولا يمكن أن نقول إن الدولة طالحة وإن بيرس صالح. كان بيرس حقيبة اكاذيب اسرائيل وحصل على جائزة على ذلك الآن.
في التعليل لقرار الكونغرس اقتُبس من كلام بيرس في سنة 2013 الذي قال فيه: “امريكا جد كبيرة ونحن جد صغار، لكنني تعلمت أن الكبر ليس هو المقرر بل القيم، وحينما يبلغ الامر الى القيم فنحن أنتم وأنتم نحن”. ولا يوجد كلام أنسب في الحقيقة لمانحة الميدالية وللفائز بها.