ماذا يحدث في بوليفيا ؟ – إبراهيم يونس
بعد إنقلاب عام 2019 على إيفو موراليس أجرى قادة الإنقلاب إنتخابات رئاسية جديدة في الثامن عشر من أكتوبر عام 2020 حيث فاز مرشح حزب “الحركة نحو الاشتراكية” لويس آريس (خلف إيفو) بنسبة 55.10% من الأصوات بينما حاز كارلوس ميسا زعيم تحالف “المجتمع المدني” اليميني على 28.83%، وحصل لويس فيرناندو كاماتشو زعيم تحالف “كريموس” اليميني المتطرف على 14% من الأصوات.
جرت وقائع بشعة أثناء إنقلاب عام 2019، لاسيما المجزرة التي إرتكبها الجيش في مدينة لاباز، قُتل في هذا الإنقلاب ما لا يقل عن 37 بوليفيًا بالرصاص بينما أصيب حوالي 800 شخص واعتُقِل أكثر من 1000 شخص.
أمدَّت محكمة التحقيقات الجنائية العاشرة في بوليفيا السبت الماضي مدة احتجاز رئيسة الانقلاب جانين أنيز، ووزير العدل السابق ألفارو كويمبرا، ووزير الطاقة السابق رودريغو جوزمان، لمدة خمسة أشهر على خلفية التحقيق. يواجه هؤلاء تهمًا بالإرهاب والتحريض على الفتنة والتآمر، وتواجه أنيز، علاوة على تلك التهم، تحقيقاً بشأن تعاقدها مع صندوق النقد الدولي على قرضٍ دون أخذ موافقة المشرعين.
قال وزير العدل إيفان ليما في مقابلة له منذ أيام بأن “السياسيين المرتبطين بهذه الأحداث (يقصد الانقلاب) يشوهون العمليات (يقصد عمليات التحقيق) بتصريحات سياسية في وسائل الإعلام سعيًا وراء الإفلات من العقاب“.
إندلعت التوترات مرة أخرى منذ حوالي إسبوع وثلاثة أيام عندما خاطب زعيم الانقلاب فرناندو كاماتشو الذي يشغل الآن منصب حاكم مقاطعة سانتا كروز (أكبر مقاطعة في بوليفيا) مؤيديه، حيث احتشد أنصار المعارضة ككل بعد خطابه في الميدان الرئيسي لسانتا كروز وقاموا بتمزيق وحرق علم ويمابالا (هو شعار مربع يستخدم كعلم للسكان الأصليون في جبال الأنديز والتي تشمل حاليًا البيرو وبوليفيا وأجزاء من الإكوادور والأرجنتين وتشيلي وكولومبيا) وقاموا بالإعتداء على بعض من قيادات السكان الأصليين المتواجدين في أنحاء الميدان وعدد من الصحفيين الذين حاولوا تصوير الإعتداءات التي حدثت.
على إثر ذلك صرَّح وزير العدل إيفان ليما أنه سيتم متابعة التهم ضد المعارضين العنصريين، قائلاً : “لا يمكننا تحمل ما حدث. لم تكن هذه حادثة منعزلة، فقد كان هناك تنسيق واضح بين أعمال تمزيق علم ويمابالا والعنف العنصري وعرقلة واجبات الرئيس. لا يمكننا السماح لذلك بالمرور دون رد ساحق من الدولة. إذا سُمح لهذه الأشياء بالمرور، فستحدث مرة أخرى بطريقة أكثر ضررًا”. وقال المتحدث باسم الرئاسة خورخي ريختر في تصريح صحفي “إن الحركة المدنية التي تم إحياؤها تسعى لزعزعة إستقرار الحكومة وإفلات المسؤولين عن إنقلاب ومجازر عام 2019 من العقاب“.
على إثر ما حدث في سانتا كروز أعلنت إستيفانيا موراليس، عضو الكونجرس عن نفس المقاطعة، الليلة الماضية أن المحاكم “قبلت شكوانا التي قدمناها يوم الاثنين 27\9 ضد الحاكم لويس فيرناندو كاماتشو، رئيس لجنة سانتا كروز المدنية، وآخرين من أعضاء اللجنة، عن جرائم العنصرية والتمييز بحق السكان الأصليون، وسوف نتابع هذا الأمر لمحاسبة المسؤولون“.
إجتمع العديد من السياسيين المعارضين والجمعيات والقادة المدنيين في سانتا كروز في قمة أطلقوا عليها إسم “الدفاع عن الديمقراطية”. حضر هذه القمة كلاً من إبنة جانين أنيز، وحاكم سانتا كروز لويس كاماتشو، وكارلوس ميسا زعيم تحالف “المجتمع المدني”. وقامت هذه القمة بتحليل الإجراءات التي ستتخذها ضد القوانين التي أصدرتها الحكومة الوطنية والتي تعتبرها القمة إعتداءاً على الحقوق المدنية وعلى سبيل المثال قانون الربح غير المشروع. إلى جانب ذلك قررت القمة مطالبة حكومة لويس آريس بوقف الاضطهاد القضائي السياسي ضد السلطات المحلية المنتخبة ووقف اضطهاد الشرطة والجيش وعدم السماح للحكومة بمواصلة تسريحهم. علاوة على ذلك أكدوا في نهاية القمة على دعوتهم السابقة للتظاهر والاحتجاج في 10 و11 أكتوبر وفق ما ذُكِر في بيانهم المنشور في الأول من أكتوبر “قبل أن تحوّلنا الحكومة الوطنية إلى دولة شيوعية ديكتاتورية“.
رداً على ذلك، يستعد السكان الأصليون والحركات الاجتماعية في بوليفيا للتعبئة في 12 أكتوبر للدفاع عن الوطن والديمقراطية وحقوق السكان الأصليون وفق الدعوة التي قدمها إيفو مواراليس الرئيس البوليفي السابق الذي يشغل الآن منصب رئيس الاتحادات الستة في مقاطعة كوتشابامبا، حيث قال في برنامجه الأسبوعي يوم الأحد على راديو كوتشابامبا أنه “سيتم عقد مؤتمر جماعي في مدينة كوتشابامبا مع 50٪ من قواعد الاتحاد. وفي الوقت نفسه، في مدينة لاباز، نخطط لمسيرة تنطلق من كاراكولو إلى مقر الحكومة”. وقال أنه “في الثاني عشر من أكتوبر، سيكون هناك حشد كبير في كوتشابامبا للدفاع عن الوطن والديمقراطية، والويبالا، وعملية التغيير، والرئيس”. وقال موراليس أيضاً “كنا نظن أن اليمين كان مدبر انقلاب وعنصري، لكن أحداث الرابع والعشرين (يقصد إحتجاجات سانتا كروز) تظهر عودة الإقطاع والعبودية في سانتا كروز“.
قال كاماتشو في مقابلة له مع إحدى القنوات الإعلامية “أنا وإيفو مسؤولون عما حدث في عام 2019، هو لخداع الوطن وأنا للدفاع عنه، سوف أنتظره في المحاكمة“.
كنعان