في مقهى ريو وفيما بعد في مقهى نيرو بكراكوف
Rio Bar i Nero Cafe– Krakow
مرة من المرات وخلال تواجدي في مدينة كراكوف البولندية دعاني صديقي وأخي الشاعر يوسف شحادة للتعرف على شاعر بولندي، كان على موعدٍ معه في ذلك اليوم بمقهى الشعراء والمثقفين البولنديين في مدينة كراكوف. هذا المقهى التاريخي والثقافي، الصغير حجماً والكبير مكانة يقع في شارع تاريخي ضيق، وسط المدينة العتيقة، غير بعيد عن قلبها القديم ومركزها التاريخي، هناك حيث تنبض الحياة ليلا ونهاراً… ولأن يوسف شحادة شاعر وأستاذ لغة في أرقى جامعة بولندية، هي جامعة ياغلونسكي الشهيرة والعتيقة، فهو يملك علاقات مع بعض المثقفين والشعراء في المدينة وفي المقاطعة الشاسعة.
يعد مقهى ريو واحداً من أقدم مقاهي مدينة كراكوف البولندية، التي تعتبر بدورها أهم مدن الثقافة البولندية على الاطلاق. كما ويعتبر المقهى ملتقى للشعراء والأدباء والكتاب وللمثقفين البولنديين، القاطنين في كراكوف، مدينة الثقافة والتاريخ. فكل عابر لزقاق القديس يان أو بالبولندية
( اوليتسا شفيّنتيغو يانا Świętego Jana 2, Kraków)
وهو زقاق قديم وجميل، يُذَكِر الذي يمر منه أو يجلس في مقهى ريو، بأزقة ومقاهي العاصمة النمساوية فييناـ وهي واحدة من أرقى وأعرق وأجمل وأرتب العواصم الأوروبية على الاطلاق. مثل مقهى “هافلكا” الشهير الواقع في قلب المدينة ومركزها التاريخي العريق.
تستخدم صالة المقهى للعروض الفنية والأدبية، مثل معارض رسوم ولوحات أو لإلقاء الشعر وقراءة النثر والسرديات. غالبا ما يتواجد في المقهى كُتاب وشعراء من الجيل القديم. لم انتبه لوجود شعراء او شاعرات من جيل الشباب، كما هو الحال في دار الصحافيين المعروف بإسم “غروشكا” والواقع على شارع شيبينسكا في وسط المدينة.
هناك وبصحبة الصديق الشاعر الفلسطيني د يوسف شحادة، استاذ الأدب العربي في الجامعة العريقة، ومعنا الأخ ابراهيم الشيخ ابن مخيم عين الحلوة، الذي عمل لبعض الوقت مدرساً للغة العربية في نفس الجامعة وفي نفس القسم مع يوسف، إلتقينا بالشاعر البولندي ياتسيك لوبارت
(Jacek Lubart-Krzysica)
وهو شخص لبق ومتحدث متمكن وله العديد من الدواوين الشعرية. بالاضافة لذلك هو صاحب نكتة وروح مرحة. كما أنه مُلم بشكل جيد بالحياة الثقافية في البلد. حدثنا عن مشروعه الثقافي وهو قراءة الشعر في عربات النقل العامة في “الترام”، الذي يسير في كل مدينة كراكوف. خلال الحديث ومع فنجان القهوة عادت به الذكريات الى بداية السبعينيات من القرن الفائت حيث سافر كصحفي بولندي في مهمة رسمية خاصة الى بيروت. تحدث بدفئ وحب وشوق عن تلك السفرة. وفي الختام وقبل أن نهم بالخروج لنتركه كي يجلس مع أقرانه من الشعراء والأدباء قام بإهدائي ديوانه الشعري الأخير أو الأحدث وهو بعنوان
(Jestem)
بالعربية تعني (أنا)
كما وكتب لي إهداءاً شاعرياً حميماً وجميلاً.
بعد ذلك بسنوات اعتدت على المكوث في كراكوف بعض الوقت وزيارتها كثيراً وأصبحنا أنا ويوسف نلتقي كل يومي ثلاثاء وخميس في مقهى نيرو بغاليريا كراكوفسكا فوق محطة القطارات والباصات. هناك كنا نقضي اوقاتنا الى أن اصيب يوسف بوباء كورونا قبل أكثر من شهرين، ثم حصلت تطورات دراماتيكية أدت الى تدهور حالته الصحية بشكل خطير جداً. لكنه صمد وقاوم وانتصر على كورونا اللعين، ولازال يتعالج من آثاره الكارثية. تحدثنا هاتفيا أكثر من مرة في الأسبوعين الأخيرين لكن لسوء حظي اصبت أنا بفيروس كورونا وعانيت لمدة اسبوعين لكن اصابتي كانت لا تقارن مع اصابة يوسف. تخطيت اليوم كورونا وعدت الى الحياة من جديد، وبما أنني الآن موجود في كراكوف قررت اليوم ان أذب مع صديقتي الفنانة دومينيكا روجانسكا الى المقهى لاحتساء القهوة والتحضير والتجهيز لعودة يوسف القريبة.
تم تحدث المقالة يوم 14-2-2022
نضال حمد