*نموذج روائي وحياتي للكاتب الفذ والفريد – مهند النابلسي
*نموذج روائي وحياتي للكاتب الفذ الفريد “صاحب الرسالة الروائية الفريدة والكبرياء الشخصي والطموح المتدفق والابداع اللامحدود”:
*يستأثر الغروب بانتباهنا لدى عودتنا الى الفندق، فقد كان يعجب “ربيكا” أن تأكل تراب الفناء البلل، وصفائح كلس تنتزعها من الجدران بأظافرها، وكانت “اورسولا” تتساءل: اذا لم يكن أولى بها لأن تنام دفعة واحدة في القبر، ويهال فوقها التراب. لا تعجبني الفكرة التي لا تقاوم الاهمال طويلا، ثم غادرنا الفندق. كنا جالسين طوال الهجير، وقد تخدرت سيقاننا: لكني لاحظت، في مائة عام من العزلة، أن فتاة جميلة تخرج الى الحديقة لتطوي ملاءات السرير، فترتفع فجأة، جسدا وروحا الى الفضاء…انها السخرية الطريفة، والخيال المتدفق، وخيبة الأمل المريرة: لم تكن ثمة سلطة حقيقية، فالسلطة مرتشية، وشركة الموز سيدة العدالة والنفوذ، لأنها ترشو الحكام (كما يحدث في معظم بلاد العالم الثالث). هناك خبر عن شاب في السابعة والعشرين، جرؤ على كشف سره، وهو أنه يتميزعن باقي البشر بأن مؤخرته تنتهي بذنب خنزير…تذكر أن معظم حقائق العالم، بدءا بالملاعق وانتهاء بعمليات زرع القلوب، كانت اولا في مخيلة البشر، قبل ان تصبح واقعا. لقد شاهد “دي غراف” الرحالة: جدول مياه تغلي، وأفعى طولها عشرين مترا تغطيها الفراشات!
*وقد حلمت وأعلنت ككاتب مبدع اني أرفض “التحفيز” وكذلك فاني أرفض المناصب العامة وكذلك الجوائز والاعانات المالية من أي نوع كانت، وسأبقى دوما اشهر بحكام فاسقين مستبدين، يرفضون المساواة والنزاهة، وساترك للقراء حرية التأويل، وسأبقى ملتزما بادب “الهروب من الواقع”، فواجبي الثوري ككاتب ملتزم: أن اكتب روايات جيدة، لاكني اقاتل الكلمات بضراوة: فقد قهرني الحنين الى ربيع
جميل فتان زاهر طويل…
*ولكن العالم سيسقط كل شيء الى الدرك الأسفل من الجحيم، يوم يسافر الناس جميعهم في حافلة الدرجة الاولى، والأدب والابداع والفن في عربة الشحن الملحقة في آخر القاطرة…
*ان كرامة الأديب الحق تمنعه أن يقبل الاعانات والرشى والمكافآت ليكتب رواية أدبية، أي ما يسمى عصريا بالعزلة الكتابية الابداعية مع سارقي المنح الأدبية/الثقافية الكثر، وهؤلاء “الأدعياء الاستعراضيين” اللذين يستكتبون كتابا مرتزقة ليكتبوا المقالات المكررة عن أدبهم المزيف وشعرهم ورواياتهم المملة الضعيفة: فهذه الامور بالحق تسيء الى سمعة هؤلاء الكتاب قبل ان تضر بالآخرين!
*حاولو رجاء معي ان تصدقوا قصص ارتفاع “ريميدوس” الجميلة للفضاء، كما الأب “نيكاتور” وهو يعلو عشر سنتمترات عن سطح الأرض، لمجرد تناوله لقدح شوكولا…كما تخيلوا الرياح القطبية وقد حملت سيركا بأكمله الى الفضاء الرحب…كل هذه الامور منوطة بعملية خلق جماعي لما يسمى “الواقعية السحرية” المدهشة، أما الأمر في السينما فهو مختلف تماما مع ابداعات المخيلة وفانتازية الخيال وامكانات الانتاج والتصوير السينمائي اللامحدودة.
*لقد شعر صاحب “مائة عام من العزلة” منذ البدء أنه أقرب الى “بورجيس، وفوكنر،وكافكا، وبروست”: انه غابرييل غارثيا ماركيز، صاحب الخيال الواسع، والحرية الفردية، والتشابك ما بين الظلال والكلمات المألوفة، والوجوه الحقيقية والكاذبة، رمز الحيوية، القادر على عيش الأحاسيس، المزاجي الساخر من الأوهام…صاحب الهذيان العبقري، والشخصية المتهورة، كاره قوالب التمدن البالية، الباهتة الألوان، ملك السخرية المزمنة والميل الفطري للتسلية الأزلية، صاحب الموهبة السحرية، الغير قادرعلى الاستعراض والغش، صاحب عزلة الأدب، الساعي لمحبة أصدقاءه…باختصار انه ارهابي يحمل ديناميت الحنان، رابط الجأش، كاره العادات الغبية، صاحب الرؤيا الملهمة وكاره العجرفة السخيفة…تنفجر كلماته في اعمق الأعماق، محدثة صدى أخرس عميقا.
*اعداد الكاتب والناقد: مهند النابلسي
*باختصار ابداعي وانتقائي /مركز ومعبر وشيق/:
عن مذكرات “ميغيل فرنانديز-براسو”: عزلة غابرييل غارسيا ماركيز(118 صفحة صغيرة) /عن دار الكلمة للنشر/ ترجمة ناديا ظافر شعبان/ الطبعة الاولى 1981:
*انها متعة قراءة رواية سيرة ذاتية في صفحتين فقط وبشكل قصصي انسيابي لا يغفل عن أهم المقولات والأوصاف (فهذه بالحق مهارتي الخاصة ككاتب مبدع استثنائي التي لا تلقى التقدير والتحفيز والمكافأة).)