الأستاذ عبد سرحان – أبو نزار – نضال حمد
نبذة من السيرة الذاتية للأستاذ الدكتور عبد سرحان (أبو نزار):
بطل حكايتنا لهذا اليوم هو الأستاذ عبد سرحان (أبو نزار) المعروف أيضاً بين التلاميذ والطلبة بالأستاذ عبد رجا. بالنسبة لكثيرين من الطلبة والمعلمين كان رفيقاً بحكم عمله ونشاطه النقابي في المدرسة وفي المخيم. أجيال متتالية من طلبة مخيم عين الحلوة تتلمذت وتعلمت وتخرجت من المدرسة التي كان يدرس بها هو وإخوته وأصحابه من الأساتذة والمعلمين، الذين صمموا على إعادة النهوض بشعب فلسطين بعد النكبة والتشرد واللجوء وسقوط واحتلال فلسطين سنة 1948 وأيضاً في سنة 1967. حيث أنهم رأوا في العِلم سلاحاُ فلسطينياً لا يستهان به. فكان زمانهم بالفعل هو زمان النهضة التعليمية والثورة التدريسية الفلسطينية.
أساتذتنا الأكارم ومنهم عبد سرحان رأوا أن أفضل أسلحة إعادة إستنهاض عزائم شعبنا تكون بتعزيز المعرفة والعلم والثقافة والوعي، بتفعيل العقل وتشغيله واستخدامه في سبيل التطور والتقدم…
في الظلمات والخيام والسنوات ربما الثلاثين الأولى فيما بعد النكبة أخذت أجيال أطفال أبناء النكبة في المخيمات تنهل من العلم والمعرفة وتمضي لتصبح بدورها فيما بعد رافداً من روافد التدريس والتعليم ومن الحركة التعليمية والتدريسية الفلسطينية في مخيمات التشرد اللجوء. تلك الحركة التي أسست الوعي الفلسطيني من جديد، وعي نم عن الانتماء والايمان بأنه لا وطن للفلسطينيين غير وطنهم فلسطين، وبأن عليهم كسر القيّد والخيمة والانعتاق من الظلام والانكسار ثم التوجه نحو درب العودة والحرية.
ولد أستاذنا عبد سرحان في قرية صفورية – الجليل- فلسطين. تقع صفورية ٧ كلم شمال غرب مدينة الناصرة، ولد هناك في العام ١٩٤١ فيوم حلت النكبة على شعبنا كان له من العمر سبع سنوات، تشرد برفقة عائلته التي أجبرت على النزوج باتجاه لبنان. استقرت العائلة في البداية في بلدة القرعون ثم في مخيم نهر البارد شمالي لبنان، وفيما بعد في مدينة صيدا وفي مخيم عين الحلوة أكبر مخيمات الفلسطينيين في لبنان. هذا المخيم الذي كنا ولازلنا نسميه قلعة المخيمات. فقد كنا نغني له مع أستاذنا أسعد كعوش “عين الحلوة غراد، الزينك بوجه طيارة، والإرادة الصلبة ما تلين بألف غارة… شبل وزهرة بكل دار وإحنا مشاعل انتصار”.
– أنهى عبد سرحان المرحلتين الابتدائية والمتوسطة (١٩٤٩-١٩٥٧) في مدرسة مخيم نهر البارد- الاونروا – شمال لبنان. كما أقرانه من التلامذة الفلسطينيين اللاجئين الذين نزحوا رغماً عنهم ومع أهاليهم عن فلسطين والى لبنان. أما في يخص المرحلة الثانوية بين سنتي (١٩٥٨-١٩٦١) فقد أنهاها في كلية التربية والتعليم- طرابلس ونال أيضاً شهادة ليسانس في الآداب – قسم التاريخ من جامعة بيروت العربية (١٩٦٢-١٩٦٦). ثم حصل على شهادة الكفاءة للتعليم الثانوي: الجامعة اللبنانية – كلية التربية – بيروت (١٩٧٠-١٩٧٢). هذا وكان أستاذنا أنجز أيضاً دورتي اختصاص في تدريس مادة الرياضيات للمرحلتين الابتدائية والتكميلية المتوسطة في معهد التربية – الإنروا (١٩٧٠-١٩٧٤).
كما ترون فإن سجل أستاذنا أبو نزار حافل بالشهادات ومنها شهادة ماجستير في الآداب – قسم التاريخ (درجة جيد جداً)- الجامعة اللبنانية (١٩٩١-١٩٩٣)، بعنوان: “منظمة التحرير الفلسطينية من مرحلة التأسيس الى مرحلة بناء المؤسسات (١٩٦٤-١٩٦٩).
شارك الأستاذ ابو نزار سرحان في ثلاث ورشات عمل لمدربين على حقوق الطفل وحقوق الانسان، بإشراف وزارة الشؤون الاجتماعية ومنظمة اليونيسف في مدينتي زحلة وبرمانا- لبنان (١٩٩٤-١٩٩٦).
كما أنه نال شهادة دكتوراه في الآداب – قسم التاريخ، (درجة جيد)-الجامعة اللبنانية (٢٠٠٠-٢٠٠٥)، بعنوان: “حركة القوميين العرب نشأتها وتطورها وموقفها من القضية الفلسطينية (١٩٤٨-١٩٦٩).
Master of Arts in Leadership. (Very good) – Bellevue University- U.S.A.
حاز كذلك على شهادة إشراف تربوي- مركز التطوير التربوي- الاونروا (٢٠٠٠-٢٠٠١). ولا بد من التذكير بأنه أصدر كتابه بعد نيله شهادة الدكتوراه، بعنوان: “حركة القوميين العرب نشأتها تطورها وموقفها من القضية الفلسطينية (١٩٤٨-١٩٦٩)- إصدار مركز الغد للدراسات العربية – دمشق. وهذا المركز بالمناسبة كان أسسه الزعيم الراحل، الحكيم أبو ميساء بعد تقاعده وتفرغه للعمل التوثيقي والثقافي والتأريخي حتى وفاته.
كتب أستاذنا عبد سرحان عدة أبحاث ودراسات تربوية وثقافية وتوجيهات لإعداد المعلمين، مدارس الاونروا، ونشر بعضها في الصحافة.
على الصعيد المهني:
-مدرّس رياضيات للمرحلتين المتوسطة والثانوية – مدرسة صيدا العربية- صيدا (١٩٦٢-١٩٦٣).
– معلم رياضيات للمرحلتين الابتدائية والمتوسطة، مدارس الاونروا (١٩٦٣-١٩٩٣).
-مشرف تربوي للمرحلة الابتدائية الأولى، مدارس الاونروا في منطقتي صيدا وصور (١٩٩٣-٢٠٠١).
– مارس التربية والتعليم كقائد تربوي يمتلك رسالة وطنية تؤسس لجيل فلسطيني واعٍ وواعد.
– أَسّسَ لعمل هام يقوم على التنسيق بين معلمي المرحلة الابتدائية في الاونروا، ورياض الأطفال في منطقتي صيدا وصور- لبنان.
– عزّز تطبيق الأنشطة المرافقة للمنهاج في المدارس التي كان يشرف عليها، كان له انعكاسات إيجابية في توفير مناخات تربوية جيدة داخل المدارس.
أما سيرته النضالية الناصعة فهي غنية عن التعريف وربما يعرفها كل فلسطينيو المخيم في عين الحلوة وغالبية الفلسطينيين في لبنان ومخيماته. فهو شخصية وطنية مرموقة وله تاريخ حافل بالعطاء لشعبه ولقضيته. منذ بدأ في الحركة الكشفية والرياضية في منتصف الخمسينيات من القرن الفائت وفي الحركة الطلابية القومية العربية والفلسطينية نهاية الخمسينيات، حيث شارك في التظاهرات والاحتجاجات والنشاطات ضد مشاريع العداء للأمة العربية ومشاريع التوطين وطمس وتصفية القضية الفلسطينية.
على كل حال وكما أسلفت سابقاً فإن سيرته الوطنية والنضالية سيرة مشرفة ومحترمة ومعروفة للجميع ولا داعي لإعادة تكرارها هنا ولكي لا أطيل عليكم-ن.
في الختام أذكر بأن أستاذنا أبو نزار متزوج من السيدة افتكار نابلسي ولهما أربعة أبناء: نزار وميساء وزاهر ولوسين… وهو منذ سنين يقضي حياته بعد التقاعد من الانروا متنقلاً بين لبنان والبلاد التي يعيش فيها أولاده.
عندما اتصلت به لسؤاله عن امكانية الكتابة عنه قال لي أنه يتابع المجموعة وما ننشره وهو سعيد بذلك كله. ووجه تحياته وسلاماته للجميع في المجموعة ولكل تلامذته وطلابه من أبناء المخيم.
بعد الأستاذ عبد سرحان – أبو نزار- لازال هناك أستاذا عزيزاً آخراً هو الصديق أبو نزار شناعة الذي سأكتب عنه عما قريب، ,ابو نزار هو الجار في الجليل في فلسطين المحتلة، والجار في المخيم في لبنان.. وكذلك يمكنني القول أنه الجار في الشتات الأوروبي، حيث أنه يقيم منذ عشرات السنين في العاصمة الألمانية برلين.
نضال حمد – 3 نيسان 2022