حلف عربي صهيوني بقيادة أمريكية.. والرد المطلوب!!- مي أحمد شهابي
النظر من بعيد وبعين المراقب، يستنتج وبسهولة أن طبول الحرب تقرع في المنطقة، لاسيما بعد تهديدات وزير الدفاع الصهيوني لحزب الله ولبنان، وفي استهداف مطار دمشق الدولي، والذي سبقه جملة من الاعتداءات الصهيونية استهدفت عدة مواقع في سوريا، وفوق هذا وذاك فالمناورات الصهيونية الأمريكية والتي تحاكي هجوماً واسع النطاق على مواقع حزب الله، وكذلك المناورات الجوية المشتركة في الخليج العربي بمشاركة أمريكية وصهيونية. وفوق هذا وذاك أيضاً يتضح إمعان قوات الاحتلال الصهيوني لسياساتها القمعية والتي فاقت كل الحدود وعلى مختلف الصعد.
وفي المقابل نشهد نشاطاً غير مسبوق للمندوب الأمريكي هولستاين والذي يتولى التوسط بين لبنان ودولة العدو. لتحديد الحدود البحرية للطرفين. وكذلك الترتيب لاستئناف المباحثات الإيرانية السعودية، وإعلان بوريل مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي مع وزير الخارجية الإيراني عن استئناف المباحثات حول الاتفاق النووي وتفاؤل بإمكانية التوصل لاتفاق قريب.
الى ما يشيره هذا التناقض في المواقف؟!. هل نحن فعلاً على شفا حرب أم أن هناك ما يجري الترتيب له لمنطقتنا، أي شرق أوسط جديد!!. كما صرح أكثر من طرف دولي وإقليمي، وما صلة ما سبق بتطورات الحرب في أوكرانيا وما أدت إليه بالنتيجة إلى أزمة غذاء عالمية، وارتفاع كبير لمصادر الطاقة، ولاسيما منها للغاز، وما ترتب على ذلك من تضخم امتد إلى معظم دول العالم وتأثيراته الضارة على مجمل الاقتصادات العالمية. وتوج ذلك كله بسلسلة لقاءات سعودية تركية وسعودية مصرية وأردنية واماراتية وقطرية تركية.
كل ماسبق يستبق زيارة الرئيس الأمريكي إلى المنطقة والهدف الرئيسي لهذه الزيارة، وكما أعلن بينيت رئيس دولة الكيان ووزير خارجيته وتحدثت صحافة الكيان عنه مطولاً هو الإعلان عن قيام حلف عسكري على غرار حلف الناتو، يضم دول الخليج العربي بمعظمه إضافة لمصر والأردن والعراق برعاية وقيادة أمريكية. وتفصح حكومة العدو أن هدف هذا الحلف هو مواجهة التهديدات الإيرانية لدول المنطقة؟؟ وتعميم اتفاقات ابراهام التطبيعية. في حين لم تفصح بقية الدول المشاركة عن الهدف الرئيسي لهذا الحلف.
لاشك أن الولايات المتحدة تشجع التوسع في عمليات التطبيع، واستخدام هذه الورقة للضغط على إيران لتسريع التوصل لاتفاق نووي، لكن الأهم بالنسبة للولايات المتحدة هو التوصل لاقناع السعودية والإمارات على رفع انتاجهما من النفط لعدة ملايين من البراميل لتعويض النقص الناتج عن وقف الامدادات الروسية، إضافة لإغراق الأسواق بالنفط، مما يؤدي إلى خفض أسعاره وبما يخفف تأثير ارتفاع الأسعار عن أوروبا واليابان وبقية الحلفاء، وحرمان روسيا من ارتفاع أسعار النفط ويضعف قدراتها المالية مع استمرار الحرب في أوكرانيا. أما اسوأ النتائج لهذا الحلف والغير معلنة فهو إدارة الظهر بشكل كامل للقضية الفلسطينية وترك الشعب الفلسطيني لوحده وقدره في مواجهة الاحتلال الصهيوني والعودة إلى بدائل سبق أن طرحت وفشلت والمعبر عنها بالوطن البديل. والتي تأتي على حساب الشعبين الأردني والفلسطيني. وما قد يترتب على ذلك من عمليات تهجير واسعة من الضفة الغربية، ويمكن أن تشمل مناطق الفلسطينيين خلف الخط الأخضر. وهذا ليس مجرد استنتاج وإنما تصريحات من أعلى المستويات في دولة الكيان.
بالنتيجة إن ما يجري في المنطقة ليس دق طبول الحرب، وإنما مجرد تمهيد لإعلان هذا الحلف على وقع التهديد والوعيد من دولة الكيان والولايات المتحدة. فماذا نحن فاعلون غير الشجب والتنديد، ولكن هذا لا يعني شيئاً إن لم يترافق مع خطوات جدية لمنع تحويل منطقتنا إلى بحيرة صهيونية أمريكية.
صحيح أن مواجهة هذا الحلف لن تكون سهلة ولكنها ممكنة وفي كثير من الأحيان فإن الأزمات الكبرى تخلق فرصاً كبرى، لاسيما إذا أخذنا بعين الاعتبار أن ما يجري يواجه مقاومة شعبية عارمة في غالبية المنطقة، وفي مقدمها الشعب الفلسطيني الذي تتعاظم مقاوته يوماً إثر يوم وتنحو إلى التطور والتنظيم كما تبدى عبر تشكيلات حراس المدينة التي بدأت تتشكل في عدد من من القرى والبلدات والمدن الفلسطينية. إضافة لثبات محور المقاومة في سوريا ولبنان ومعهما الجمهورية الإسلامية الإيرانية. والذي ممكن أن يتطور ليضم قوى شعبية ترفض ما يجري التمهيد له، وصلات دولية هامة ليست على وفاق مع هذه المخططات وفي مقدمها الصين وروسيا والبرازيل والهند وغيرهما. وبما يسهم بإعاقة إن لم نقل الاستفراد بمنطقتنا لصالح أمريكا وسلطة الكيان، والكثير الكثير مما يمكن فعله إذا جرى تبني هذه المقاربة والتي ليست قدراً لا راد له بل من الممكن والضروري خلق الظروف التي يمكن أن تتصدى دفاعاً عن حقنا في أوطاننا واقعاً ومستقبلاً.